التبرعات بالمساجد والمقارئ.. توجيهات عاجلة من وزير الأوقاف للمديريات الإقليمية    حدائق ومتنزهات أسوان والجزر النيلية تستقبل المواطنين في أعياد الربيع    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    محافظ بني سويف يكلف رؤساء المدن بتعليق بانرات لتوضيح إجراءات وأوراق التصالح    «التنمية المحلية»: إنهاء استعدادات تلقي طلبات التصالح.. والبداية خلال ساعات    تعرف على تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل موعد الاعلان    حزب المصريين يُحذر من خطورة اجتياح رفح الفلسطينية: مصر باقية على العهد    الصين تتحدث عن إمكانية عقد مؤتمر سلام دولي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    اللقطات الأولى لنزوج المدنيين في غزة بعد عملية كرم أبو سالم (فيديو)    مهاجم ليفربول يحذف كل صوره بقميص الفريق بعد أنباء اقترابه من برشلونة    «مش قادر وواقع ومقضيها سوشيال ميديا».. إبراهيم سعيد يهاجم زيزو الزمالك    التصريح بدفن ضحية عصام صاصا مطرب المهرجانات في حادث السير بالطالبية    موعد غرة ذي الحجة فلكيًا.. خلال أيام وهذا موعد عيد الأضحى 2024    طرق الحصول على مصادر المراجعة لطلاب الثانوية العامة 2024.. «التعليم» توضح    تزامنا مع احتفالا شم النسيم.. "النقل": الوزير يتابع إجراءات تقديم الخدمات المميزة للمواطنين    6 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة في روض الفرج الأربعاء المقبل    أبرزهم «السندريلا» وفريد الأطرش .. كيف احتفل نجوم الزمن الجميل بعيد الربيع؟ (تقرير)    بعد إعلانه نوع السرطان.. تركي آل الشيخ يوجه رسالة لفنان العرب محمد عبده (فيديو)    «الكحول حلال في هذه الحالة».. أمين عام رابطة العالم الإسلامي يثير الجدل (فيديو)    6 نصائح من الهلال الأحمر للمواطنين عند تناول الفسيخ والرنجة    نجاح فعاليات حملة التوعية ضد مرض قصور عضلة القلب في الإسماعيلية (صور)    خلال عام واحد.. معهد أمراض العيون يستقبل 31459 مريضًا وإجراء 7955 عملية    تغيير موعد افتتاح فعاليات المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية في دورته ال11    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    محافظ مطروح يلتقي شباب المحافظات الحدودية ضمن برنامج "أهل مصر"    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    الفنان السوري فراس نعنع عضو لجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    الدفاع الروسية: إسقاط مقاتلة سو-27 وتدمير 5 زوارق مسيرة تابعة للقوات الأوكرانية    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور حسن في حوار ساخن ل »الأخبار«
أثق أننا علي الطريق الصحيح
نشر في الأخبار يوم 09 - 04 - 2011

عندما سئل أحد مرشحي الرئاسة في حوار تليفزيوني عن أول شخص لجأ إليه يطلب مشورته قبل أن يتخذ قرار الترشح راح يعدد صفات هذا الشخص وأهمها أنه دائما موضع ثقة وناصح أمين.. أدركت علي الفور وقبل أن ينطق باسمه انه يقصد منصور حسن وجاءت إجابته تؤيد ظني .
هذه المقدمة تكشف بالتأكيد أن هذه هي الصفات التي اشتهر بها منصور حسن خلال السنوات الثلاث التي لمع فيها وسطع نجمه في آواخر عهد السادات، حتي انتشرت الشائعات ان السادات اختاره نائبا للرئيس، ووصفته مجلة الحوادث اللبنانية علي غلافها بأنه »الرجل القادم في مصر« وهي الصفات التي لم تفارقه طوال السنوات التي ابتعد فيها عن الحياة السياسية لانها مكون أصيل في شخصيته.
ربما كل من ولدوا خلال الثلاثين عاما الاخيرة أو كانوا أطفالا عندما رحل السادات لا يعرفون عن منصور حسن إلا القليل مما سمعوه أو قرأوه عنه خلال السنوات الاخيرة بعدما قرر العودة للشارع السياسي.. أما من كانوا في سن الشباب أو أكبر في ذلك الوقت فلا يمكن ان ينسوا هذا الوزير الشاب الذي جمع بين وزارات الاعلام والثقافة وشئون رئاسة الجمهورية وكان من أهم مستشاري الرئيس السادات الذي أعجب بشجاعته وجرأته من أول لقاء جمع بينهما وقال وهو يقدمه لاعضاء الحزب الوطني بعد تأسيسه »منصور ده الشاب الوطني المثالي الذي أتمني شباب مصر كلهم يكونوا زيه«
الصحفيون بصفة خاصة جمعتهم ومازالت تربطهم بمنصور حسن علاقة حب وتقدير نادر ولا يمكن ان ينسوا له وقفته معهم ضد رغبة السادات في تحويل نقابة الصحفيين الي ناد اجتماعي حتي لا تكون له سلطة النقابة بعدما شعر أن بعض الصحفيين ضده حتي نجح منصور حسن في اقناعه بالعدول عن هذه الفكرة نهائيا .
كان منصور حسن الوزير الوحيد الذي خرج من الوزارة في تعديل وزاري مفاجئ عندما شعر السادات ان منصور غير راض عما حدث من اعتقالات في سبتمبر 81 ولأنه كان يعلم مبادئه وانه كوزير للاعلام من الصعب ان يخرج ويبرر للناس ما أقدم عليه السادات قرر اخراجه وحده من الوزارة .. ففهم الناس وقتها موقف منصور حسن دون ان يحتاج احد ان يسأله عنه .
ورغم أنه كان أول رجل أعمال يدخل الوزارة الا أنه فصل تماما بين عمله ومنصبه الوزاري ولم يرتكب أيا من الاخطاء التي افرزتها تجربة حكومة رجال الاعمال في عهد مبارك، رجل كهذا كان لابد ان نقترب منه أكثر وأن تقدمه »الأخبار« لقرائها من خلال عدسة »زووم« تنقل كل ملامح شخصيته..
وحتي يعرف القارئ من هو هذا الشخص الذي سيقرأ كلامه أقول أنه رفض تماما ان يتطرق حوارنا إلي أية خلافات ربما حدثت بينه وبين الرئيس السابق حسني مبارك حينما كان مبارك نائبا لرئيس الجمهورية ومنصور حسن وزيرا لشئون الرئاسة وقال لي »هاجمت نظام مبارك وهو في السلطة ، أما الآن فلا اتحدث عنه مطلقا ولا أريد الخوض في هذه الموضوعات .. هذه أخلاقي ومبادئي ولن أحيد عنها«.
وبدأت الحوار من الأحداث التي تمر بها مصر الآن في هذه المرحلة الانتقالية. هل لديك ملاحظات علي الإعلان الدستوري الذي صدر منذ أيام؟
بخلاف المبادئ العامة التي تضمنها الإعلان الدستوري كنت آمل ان يضع خطاً فاصلاً واضحاً تماماً بينه وبين الدستور الذي سقط مع النظام السابق بقيام ثورة يناير،وبالتالي كان من الممكن ان نختصر الخطوات العديدة للانتخابات لمختلف المجالس مرة تلو الاخري، حيث نص الإعلان الدستوري علي أن تجري انتخابات مجلسي الشعب والشوري (الشوري ذكر اول مرة في دستور 1791لاسباب غير واردة الآن ) ثم يشترك هذان المجلسان في انتخاب الجمعية التأسيسية التي ستكلف بوضع الدستور الجديد، بعدها تجري مرة أخري انتخابات لمجلسي الشعب والشوري وانتخابات رئاسية ،وكان من الممكن بدلا من ذلك أن نختصر هذه الخطوات فيما يلي:
أولا: نشرع فوراً في وضع دستور جديد من خلال لجنة خبراء تضع مشروع الدستور ثم يعرض علي جمعية تأسيسية يتم انتخابها لاقراره قبل طرحه للاستفتاء العام للموافقة عليه.
ثانيا: تجري انتخابات مجلس الشعب
ثالثا: تتلوها انتخابات رئيس الجمهورية.
وهكذا في خطوات محددة نكون قد وصلنا الي العهد الجديد.
اما إذا بدأنا كما هو مقرر بانتخابات مجلسي الشعب والشوري سيكون هناك تساؤلات كثيرة لم تحسم بعد خاصة بتفاصيل هذين المجلسين، فمثلا من أين أتوا باتفاق علي استمرار نسبة العمال والفلاحين، ومن اين أتوا بمبدأ استمرار مجلس الشوري الي جانب مجلس الشعب؟ وهل سنأخذ بالنظام الرئاسي أم البرلماني؟
من الواضح ان هناك خلافا في وجهات النظر بين مختلف فئات الشعب حول هذه الموضوعات وغيرها والتي يمكن أن يحدد الدستور الجديد الاجابة عليها.. فاذا تبين مثلا أن الرأي العام لا يجد داعيا لوجود مجلس الشوري بعدما ثبت عدم فعاليته فكيف لنا أن نكون قد انتخبنا مجلس شوري ونطالب اعضاءه بالمشاركة في انتخاب الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد والتي سيطلب منها الغاء مجلس الشوري نفسه ؟
رئاسي.. أم برلماني؟
ونحن نستعد لوضع دستور جديد.. هل تفضل أن نأخذ بالنظام الرئاسي أم البرلماني؟
أفضل النظام البرلماني.. لأنه خلال ال06 عاما الماضية ومنذ قيام ثورة 25 تحول النظام الجمهوري في مصر إلي نظام سلطوي.. ولهذا أخشي إذا أخذنا بالنظام الرئاسي الذي يكون فيه الرئيس مسئولا عن السلطة التنفيذية حتي ولو كانت سلطاته محددة بالقانون، أن يضيق صدره بالنقد ولا يتحمله، وفي مرحلة معينة يستخدم سلطات التضييق مثلما حدث عند صدور قانون العيب، أو يخرج الشرطة لتدافع عنه بأساليب عنيفة ونحن لدينا ميراث في هذا، أما في النظام البرلماني فالرئيس ليست لديه هذه القوة ، انما يصبح الرئيس طبقا لهذا النظام بمثابة مندوب الشعب في السلطة وغير مسئول عن السلطة التنفيذية، وبذلك لايوجه له اللوم وانما يوجه لرئيس الوزراء، حيث يصبح رئيس الجمهورية في هذا النظام ، حكما بين السلطات، أي "كبير البلد" وهذا يتفق مع التقاليد المصرية.
فردي.. أم قائمة؟
أي الأنظمة الانتخابية تفضل.. الفردي أم القائمة؟
كل منهما له ميزة.. نظام القائمة - حتي في أوروبا- عليه خلاف، فهو يتميز بأنه لا يهدر أي صوت انتخابي، كل حزب يفوز بمقاعد بقدر الأصوات التي حصل عليها، لكنه يؤدي الي تفتيت المقاعد بين الأحزاب وغالبا ما تكون الحكومات ائتلافية وبالتالي تكون ضعيفة نسبيا، لكن في النظام الفردي من يحصل علي 15٪ من الأصوات يفوز وبذلك تهدر ال94٪ الباقية.. لكن في نفس الوقت هذه ميزة لأنها تسفر عن أغلبية حقيقية واضحة في البرلمان مثلما يحدث في انجلترا وانا عن نفسي أفضل النظام الفردي لكي نصل إلي أغلبية في البرلمان، وبالتالي حكومة مسئولة عن سياسات واضحة ،لكي نتمكن من محاسبتها.
لكن نظام الانتخاب الفردي يكرس استخدام سلاح المال ويعتمد علي العصبية أكثر مما يعتمد علي شخصية المرشح وبرنامجه؟
هذه العيوب موجودة في نظام القائمة أيضا.. فصاحب المال قد يكون مرشح ضمن قائمة وله نفوذ واسع وفي هذه الحالة سيستخدم ماله لتوجيه التصويت لقائمته..وتلافي هذا العيب يكون بوضع قانون يجرم هذه الممارسات والسرعة والحسم في تنفيذه ، ولا أستبعد رغم تغير النظام أن أجد من يقف علي أبواب اللجان الانتخابية في انتظار ال05 جنيها قيمة صوته، ولكن في هذه الحالة مطلوب التأكيد علي ضرورة تدخل الشرطة فورا والقبض علي من يرتكب هذه الجريمة حتي تنتهي هذه الظاهرة التي تعودنا عليها وأصبحت جزءا من حياتنا السياسية لأننا لم نقاومها.
ويستطرد منصور حسن قائلا.. غياب القانون والتهاون في تنفيذه هو سبب أغلب المشكلات التي نمر بها فمثلا في موضوع الفتنة الطائفية نجد أننا نعلي مجالس الصلح علي حساب تطبيق القانون ،فالمجتمع المصري متجانس بطبعه.. وطالما كان المسلمون والمسيحون كيانا واحدا رغم الاختلاف في الدين وهذا كان من أهم عوامل قوة المجتمع .. ولكن بمرور الوقت بدأت تحدث مشاكل فعالجناها بطريقة غير سليمة وهي المجالس العرفية، فكنا نري مدير الأمن يتدخل للصلح بين الطرفين ،لاننا لا نريد ان نغضب طرفا علي حساب الطرف الآخر.. لكن حقيقة الأمر ان هناك طرفا معتديا وطرفا معتدي عليه.. ونتيجة لهذا النهج نجد المشكلات مازالت قائمة بل وتتراكم، ونتج عنها أن الأقباط ازداد الضغط عليهم وأصبحوا أكثر عصبية، وخرجوا في مظاهرات في مواجهة الدولة ومواجهة المسلمين ونحن الذين أوصلناهم لهذه الحالة.. لا يوجد حل غير تطبيق القانون.
العمال والفلاحون.. والشوري
ما موقفك من نسبة ال05٪ عمالا وفلاحين ومن الرأي المطالب بإلغاء مجلس الشوري؟
عندما وضع الرئيس عبدالناصر نسبة ال05٪ للعمال والفلاحين،كان لها ما يبررها آنذاك ،حتي تشعر الطبقات المحرومة والمضغوط عليها سياسيا انها تستطيع ممارسة العمل السياسي.. لكن بمرور الوقت أسيء استخدام هذه النسبة وكلما حدث تعديل لتعريف العامل والفلاح خرج به عن الهدف، حتي اننا في الانتخابات الأخيرة وجدنا حوالي 05 لواء شرطة يخوضون الانتخابات علي مقاعد العمال والفلاحين، اذن الموضوع فقد قيمته وأهميته خاصة ان العمال والفلاحين أصبحوا اليوم أكثر استنارة ويعرفون حقوقهم جيدا.. والمرشح حتي لو لم يكن من العمال والفلاحين, فانه يحتاج اصواتهم ،ولهذا فانه يجب ان يحافظ علي مصالحهم.
أما بالنسبة لإلغاء مجلس الشوري.. فحن بلد موحد ولسنا ولايات ولهذا يكفينا مجلس واحد هو مجلس الشعب.
هناك رأي آخر يطالب بتوسيع اختصاصات مجلس الشوري حتي نتحول إلي نظام المجلسين كالولايات المتحدة؟
لقد حضرت مولد فكرة مجلس الشوري في آواخر السبعينات عند حل الاتحاد الاشتراكي والذي كان يملك الصحف القومية وبعض المقرات وقيل وقتها »ماذا نفعل فيها«.. لا نستطيع ان نجعلها تابعة لمجلس الشعب حتي لا نثقل عليه بأمور لا دخل له بها.. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مجلس يملك الصحف القومية وتتبعه مقرات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي المنحل، حتي ان الرئيس السادات قال »يبقي زي مجلس العائلة«.. علي ان يدخل فيه العناصر السياسية المعارضة مثل الشيوعيين واليساريين والتيار الاسلامي وبدلا من ان يتكلموا في الشارع يتكلموا في هذا المجلس، ويكون بلا اختصاصات تشريعية.. اذن مهمة هذا المجلس الذي اتفق علي تسميته بمجلس الشوري ان يرث اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي في ممتلكاتها من الصحف القومية والمقرات.. وفي نفس الوقت يصبح »مكلمة« للعناصر السياسية.. بدأ مجلس الشوري علي هذا النحو واستمر علي هذا الحال في عهد د.صبحي عبدالحكيم ود.مصطفي كمال حلمي.. ولكن عندما جاء صفوت الشريف وهو بطبيعته »حركي« ولا يحب ان يكون في مكان ليست له اهمية.. فبذل كل جهده لكي يكون لمجلس الشوري اختصاصات في التعديل الدستوري عام 7002 وانشأ له بوابة كبيرة علي شارع قصر العيني.. لكننا الآن يجب أن نسأل أنفسنا ما أهمية هذا المجلس وأين ذهبت تقاريره ؟وماذا فعلوا بها ؟سنجد اننا لسنا بحاجة الي هذا المجلس.
قد يرد البعض ان المخطئ هو من لم يأخذ بتقارير مجلس الشوري.. أنا شخصيا أشهد ان اعضاءه كانوا يبذلون جهدا كبيرا في اعداد التقارير وأغلبهم من أصحاب الخبرات ؟
لقد تحول مجلس الشوري إلي مكان نرضي به أعضاء الحزب الوطني الذين لا يريد الحزب ترشيحهم في انتخابات مجلس الشعب.. أما بالنسبة للخبرات.. نعم كان المجلس يضم خبرات عديدة لكن لم يكن مقصودا الاستفادة من هذه الخبرات.. ولو اجرينا انتخابات حرة اليوم هذه الخبرات تستطيع ان تصل إلي مجلس الشعب وفي هذه الحالة تكون لديهم قوة السلطة التشريعية.. وإذا كنا في حاجة للاستفادة من الخبرات المختلفة خارج مجلس الشعب تكفينا المجالس القومية المتخصصة بشرط ان نفعلها ونستفيد فعلا من دراساتها وتقاريرها.
الإخوان مطالبون بالاعتدال
ما موقفك من الإخوان وهل ترحب بوجودهم في الشارع السياسي؟
الإخوان فصيل سياسي فرض وجوده رغم مصاعب الاضطهاد الذي تعرضوا لها علي مدي العهود السابقة ومع ذلك استمروا وأثبتوا قوتهم وهم الآن أقوي فصيل في المجتمع حتي تقوي الفصائل الأخري . لكن كل ما أرجوه أن يندمجوا في الحياة السياسة ويتحاشوا كل ما يثير مخاوف الفئات الأخري عندما يتمسكون بأفكار إسلامية جامدة.. قد يرضي ذلك العناصر المتدينة في المجتمع، لكن إذا أرادوا أن يكون لهم مكان في الحياة السياسية لابد أن يكون عندهم قدر من الاعتدال ليكسبوا النصف الآخر للمجتمع.
ما قولك فيما يتعلق بفصل الدين عن السياسة؟
الإخوان أنفسهم يقولون إنهم يطالبون بمجتمع مدني وليس مجتمعاً دينياً لأن المجتمع الديني معناه أن الدين هو الذي يحكم .. إذن لابد من فصل الدين عن السياسة ولكن يظل بالطبع , هو اساس تراثنا الحضاري ومنبع القيم والسلوكيات الاجتماعية.
وماذا بالنسبة للجماعات الأخري مثل »الجهاد« التي تقول ان الدين هو السياسة؟
القانون ينظم هذه المسألة وقد نص علي حظر تكوين أحزاب علي أساس ديني.. أما العمل الديني فجب أن يكون عملاً دعوياً واجتماعياً ،الإخوان المسلمون اقتنعوا بذلك وقالوا »سنشكل حزباً سياسياً« .. والجماعة ستختص بالدعوة.. الآخرون يجب أن ينتهجوا نفس النهج.
المطالب الفئوية
ما رأيك في ظاهرة تعدد المطالب الفئوية التي انتشرت بعد ثورة يناير؟
أفضل طريقة لمواجهتها أن نعترف أن كثيراً من هذه المطالب مشروعة لكن المشكلة أن أصحابها يخرجون إلي الشارع بما يؤدي إلي نوع من الفوضي وتعطيل الإنتاج، وفي نفس الوقت لا يمكن مناقشة هذه المطالب في الشارع وأري أن تنظم هذه المسألة بحيث يطلب من كل فئة أن تحدد مطالبها في مذكرة مكتوبة تتقدم بها إلي الحكومة ويشكل جهاز داخل مجلس الوزراء لهذا الغرض، علي أن توكل المهمة الي وزيرمختص تكون مهمته استلام هذه المذكرات وتحديد موعد لممثلي كل فئة لكي يأتوا ويعرضوا مطالبهم ويدعي ممثلوهم للمناقشة والوصول إلي حل. و إذا اطمأنت كل فئة أنه حدد لها موعد لشرح مشاكلها وحلها ستخلو الشوارع من المظاهرات وتستقر الأوضاع.
ما أقصر طريق للحكومة لكي تكسب ثقة الشعب؟
أن تثبت أنها حكومة حريصة علي مصالح الشعب وعادلة بين الجميع لا تنحاز للأغنياء ضد الفقراء،بل عليها الانحياز لمحدودي الدخل، أضف إلي ذلك ضرورة أن تطبق الديمقراطية الحقيقية بلا تردد وبلا تلاعب وبلا شكليات.
هل تنوي الانضمام لأي حزب سياسي؟
اذا وجدت حزبا يتفق مع مبادئي سأنضم اليه .. واذا لم أجد فلن أخوض التجربة .
هل ترجع ضعف احزاب المعارضة الحالية إلي سيطرة الحزب الوطني والحكومة علي كل شيء في عهد النظام السابق ام ان احزاب المعارضة يقع عليها جانب من المسئولية؟
الاثنان معا، اولا الحزب الوطني كان جزءا من السلطة وولد في رحمها وعاش معتمدا عليها ،ومثل هذه الاحزاب تولد دائما وبها عيوب خلقية وتظل معتمدة علي السلطة ولا تستطيع ان تدخل في منافسة حقيقية مع الاحزاب الاخري ولهذا تعمل علي كبتها، واذا وجدوا اي حزب منها فيه نوع من الثورة أو الحماس »يفجرونه« من داخله ، أي يتدخل أمن الدولة فورا ويجند أناسا داخل الحزب ،وهذا ما حدث مع حزبي العمل والاحرار والغد علي سبيل المثال.
لكن في نفس الوقت كانت هناك جماعة الاخوان وكانت محظورة وعانت من اضطهاد شديد لكنهم استطاعوا ان يصبحوا قوة سياسية أكبر من كل الاحزاب ومن الحزب الوطني نفسه لذا كان علي الأحزاب المعارضة ان تبذل جهدا أكبر لتنشط وتتواجد في الشارع .
كانوا يقولون »لو اشتغلنا سنصبح خارجين علي القانون«؟
وقتها أرد عليهم بأنه كان ممكنا ان تكونوا خارجين علي القانون وتناضلوا وتدخلوا السجون وتكونوا احزابا حقيقية.
أحزاب من رحم السلطة
لماذا لم يتفاعل الناس أبدا مع الحزب الوطني ولم يقبلوا علي الانضمام إليه من تلقاء انفسهم؟
كل المنظمات التي كونتها ثورة يوليو بدءا من هيئة التحرير حتي الحزب الوطني كلها ولدت من رحم السلطة كما قلت ،وكانت العناصر التي تتردد في دخول احد هذه الاحزاب في البداية تجدها تقبل علي دخول الحزب الذي يليه عندما تتأكد أنها كلها منافع بلا تضحيات. بدأ ذلك منذ هيئة التحرير مروراً بالاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي فحزب مصر فالحزب الوطني ،وبالتالي بدأ يظهر ان هذه الاحزاب مصدر للانتهازية، وبالتالي كانت العناصر الشريفة تبتعد والعناصر الانتهازية تظهر ،وكانت لعبة مكشوفة، ولهذا لم يقبل الناس علي هذه الاحزاب وآخرها الحزب الوطني ،لانها اصبحت احزاب مشينة.. من يدخلها هو من يسعي للاستفادة فقط.
يعود منصور حسن بذاكرته الي الوراء.. ويستطرد
الحزب الوطني أنشئي في اغسطس عام 8791وأنا كنت عضوا في الامانة العامة ثم عينت امينا عاما مساعدا ثم مديرا لمكتب الرئيس لشئون الحزب.. كل هذا خلال شهرين او ثلاثة ثم دخلت الوزارة في أبريل عام 9791وفي سبتمبر من نفس العام طلبني الرئيس السادات وقال لي »الحزب وضعه سيئ« فقلت له »اسوأ مما تتصور«. الناس لم يصدقوا كيف يجرؤ أحد ان يقول للرئيس ان الوضع في الحزب الوطني اسوأ مما يتصور؟ قلت له أن الحزب الذي يولد من رحم السلطة في جميع أنحاء العالم يولد وبه عيوب خلقية ومن ينضمون له اغلبهم من الانتهازيين فقال لي »أنا افكر في اصلاح الحزب بأن نجري انتخابات من القاعدة الي القمة« فقلت له .. مفيش مانع.. لكن هذا لن يغير الواقع.. التجربة ستفشل والناس تزداد احباطا لأن اعضاء الحزب هم المستفيدون من المواقع القيادية بالحزب،وهؤلاء عددهم حوالي عشرة آلاف، امامهم عشرة آلاف اخرين ينافسونهم لكي يفوزوا بهذه المواقع، ولو أجرينا انتخابات الآن سيأتي فلان محل فلان وكأننا لم نفعل شيئاً، الناس الذين يمكن أن يكونوا عضوية سليمة ابتعدوا من زمان ،هؤلاء عناصر شريفة لا يقبلون أن يكونوا أعضاء في حزب كهذا ،ولكي نبني حزباً قوياً لابد أن نبحث عن هؤلاء الشرفاء وندعوهم للانضمام للحزب ثم نجري الانتخابات في وجود هذه العناصر الجيدة والشريفة ، ولابد أن يكون الحزب مستقلاً عن الدولة والحكومة.
سكت السادات للحظات ثم قال »والله كلامك مضبوط.. نعمل كده« وبدأنا في تجربة مركز الدراسات الوطنية لإعداد كوادر جديدة من نوعيات جديدة ، لكن للأسف التجربة لم تستمر لأنه كان لها أعداء كثيرون من مصلحتهم ألا تنجح التجربة.
ما موقفك من الرقابة الدولية علي الانتخابات؟
الانتخابات في مصر ثبت انها ترتبط بنزاهة نظام الحكم، إذا اراد النظام ان تكون الانتخابات نزيهة فستكون كذلك والمثال علي ذلك انتخابات 6791 فقد أراد النظام آنذاك في بدايات التعددية الحزبية, ان تكون الانتخابات نزيهة وفعلا كانت نزيهة إلي حد كبير.. واذا كان النظام لاينوي التزوير فلا تضيره الرقابة الدولية.. بل بالعكس يشرفه ان يحضر العالم ويراقب ويشهد نزاهة الانتخابات.. أما إذا كان النظام ينوي تزوير الانتخابات بالطبع فسيرفض الرقابة الدولية.
معني ذلك انك لا تعتبر الرقابة الدولية علي الانتخابات تدخلا في الشئون الداخلية كما قيل؟
لطالما لعبوا علي هذا الوتر ، فمن يريد التلاعب بنتائج الانتخابات سرعان ما يصف الرقابة الدولية بأنها تدخل في الشئون الداخلية.
ظاهرة متوقعة
هل تري في كثرة المرشحين للرئاسة ظاهرة صحية أم لا؟
هي ظاهرة غير صحية لكنها متوقعة في هذه المرحلة،فلأول مرة ستكون لدينا انتخابات رئاسية حقيقية.. ولأول مرة يكون الباب مفتوحا للجميع.. ورغم وجود شروط مثل الحصول علي 03 ألف توقيع أو غيرها.. الا اننا نتوقع ان يكون هناك عدد كبير من المرشحين،ولكن ستتلاشي هذه الظاهرة بمرور الوقت عندما يعرف كل مرشح انه قد يبذل جهدا وينفق أموالا كثيرة بلا فائدة.. عموما أنا أتوقع أن الانتخابات القادمة ستحسمها الاعادة.. المرشحان الحاصلان علي أعلي الأصوات سيدخلان جولة إعادة.. إلا إذا كان هناك مرشح قوي يستطيع ان يحصل علي أكثر من 15٪ من الأصوات.. في هذه الحالة سيفوز من الجولة الأولي.
ما أخطر ما يمكن ان يتعرض له أي رئيس أثناء حكمه ؟
ان يكون هناك رأي عام غير فعال. الحارس الحقيقي للنظام السياسي والضامن لسلامة ادائه وفاعليته في أي مجتمع -حتي في المجتمعات المتقدمة التي يحكمها الدستور والقانون هو الرأي العام الفعال.. رأي عام يخرج الي الشارع ليقول للسياسي »أنت مخطئ« أو »أنت مصيب« الرئيس الذي يعيش في مجتمع الرأي العام فيه ساكن أو سلبي أو غير مهتم.. يعرضه ذلك لانحراف وفساد حكمه!
كم عاما تحتاج مصر لتصل إلي الاستقرار السياسي والأمني والممارسة الديمقراطية الكاملة؟
هذا يعتمد علي كيفية ادارتنا لأمورنا خلال الفترة القادمة.. وكيف يمكن ان نكون جادين في اختياراتنا لقيادات في مختلف المواقع تحسن التصرف وتجيد القيادة ولا نهمل في مواجهتها بالرأي كلما اخطأت او اصابت. في ضوء ذلك يتحدد الوقت الذي نحتاجه لنصل إلي الاستقرار.. لكنني واثق ومقتنع اننا علي الطريق السليم واننا سنصل إلي هذا الهدف.
ربما في بعض الاحيان نجد أنفسنا نلف وندور حول أنفسنا.. أو نتخذ إجراءات ونعود نسأل »ما الجدوي منها؟« مثل ما حدث من استفتاء علي التعديلات الدستورية ثم العودة واصدار إعلان دستوري، وكان من الممكن ان نصدر اعلانا دستوريا مباشرة دون الحاجة للاستفتاء.. لكن بصفة عامة حتي الآن لم نفقد النظر للهدف . ففي مثل هذه الحالات قد توجد قيادات »تلخبطك« لأن الرؤية غير واضحة في ذهنها فلا تستطيع ان تشير عليك بالخطوات الصحيحة.. ومن الممكن أيضا ان تطول هذه الفترة.. الا اذا وجد قائد مستنير يكون الهدف واضحا في ذهنه ويقود الأمة بسرعة نسبية دون تردد، قائد ديمقراطي وليس قائدا ديكتاتوريا يقود الأمة بالكرباج ،علي ان تكون لديه قدرة علي الاقناع.. يستطيع ان يقنع الشعب بأن يسير خلفه ليصلوا بسرعة الي الهدف الذي يبغونه.. اذن المسألة تتوقف علي ما نبذله من جهد لايجاد قيادات من هذا النوع في قمة الدولة وفي أجهزتها الرئيسية.. وأمامنا فرصة قريبة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.. إذا ما أحسنا اختيار أعضاء البرلمان وأحسنا اختيار رئيس الجمهورية فمن المؤكد ان الطريق سيكون أقصر.
ما رأيك في إلغاد دعم الاحزاب؟
هناك احتجاجات من بعض الأحزاب القائمة أو الأحزاب تحت التأسيس علي إلغاء الدعم الذي كانت تقدمه الدولة للأحزاب، وهي احتجاجات معقولة فمعظم الأحزاب فقيرة ولا تستطيع ان تمول نشاطها.. وفي كل أنحاء الدنيا حتي الدول الديمقراطية هناك دعم مالي من الدولة للأحزاب وفقا لشروط معينة حيث ان الاحزاب مكون اساسي في النظام السياسي.. وقد سارعنا في هذه المرحلة الانتقالية بالغاء الدعم.. وهذا رد فعل متطرف إلي حد ما نتيجة اساءة استخدام الأحزاب للدعم في النظام السابق.. كان لدينا 42حزبا منهم 4 أحزاب بالكاد تسمي أحزابا »الوفد - التجمع - الناصري - الجبهة الديمقراطية« بينما يبقي 02 أخرون يصعب تسميتهم أحزابا لكنهم يحصلون علي الدعم.. ولا أعرف علي أي أساس؟ ومن هنا جاءت فكرة إلغاء الدعم.. لكني أتصور انه لو درسنا الأمر بجدية أكثر ووضعنا بعض الشروط لتقديم دعم للأحزاب، يمكن ان نصل لحل وسط بما يمكننا ان ندعم الأحزاب بشرط ان تكون أحزابا حقيقية.
في ألمانيا مثلا يعطي الدعم بقدر عدد نواب أي حزب في البرلمان.. اذن الحزب الذي لا يستطيع ان يصل بنوابه للبرلمان بسبب ضعف نشاطه وعدم تواجده في الشارع لا يأخذ الدعم.. نستطيع ان نفعل شيئا من هذا القبيل.. المهم ان نقدم الدعم بما يمكن الاحزاب ان تكون فعالة، لا ان تأخذ الدعم لتستكين وتعتمد عليه كمعاش!
أفهم مما ذكرته انك متفائل بالمستقبل؟
طبعا متفائل.. ولكن بقدر توافر العوامل التي أشرت إليها.. وبصفة عامة وكما أكدت أثق اننا علي الطريق الصحيح وان الهدف لم يغب من أمام أعيننا.
ملف الاعلام
لننتقل الي ملف الاعلام .. بصفتك كنت وزيراً للإعلام كيف تري الإعلام المصري علي مدي سنوات حكم عبدالناصر والسادات ثم مبارك؟
قبل ثورة يوليو كان الإعلام مقصوراً علي الإذاعة والصحف، وبصفة عامة كانت هناك حرية إلي حد كبير ثم جاءت ثورة يوليو ولانها كانت غير مطمئنة لالتفاف الجماهير حولها كما يلتفون حول حزب الوفد مثلا فكانت في حاجة إلي اعلام مشابه لاعلام دول الكتلة الشرقية ،والذي هو أقرب إلي الاعلان والدعاية ،اعلام لتجييش الرأي العام ،وبدأت الممارسة ،وفعلا أتي هذا النوع من الاعلام ثماره، وفي اوائل الستينيات تم تأميم الصحف واصبحت كلها تتبع الدولة فشاركت ايضا في تجييش الناس بجانب الاذاعة والتليفزيون الذي أنشيء عام 0691 وكان ملكا للدولة ايضا وهكذا اصبح الاعلام كله في يد الدولة ،ونجح في السنوات الاولي في تحقيق هدفه واستطاع ان يجيش الناس لتأييد النظام لكن الكارثة وقعت عندما وصلنا إلي عام 7691 واتضح ان هذا الاعلام كان خطأ لانه لم ينبه إلي الاخطاء والاخطار في المرحلة السابقة.
عندما تولي السادات بدأ يغير من هذا الوضع بعض الشيء ،وقد قمت بإعداد قانون الصحافة عام 0891 وكان أول مرة يشار فيه إلي امكانية انشاء صحف خاصة بحيث لا تزيد ملكية الفرد فيها عن عدد محدد من الاسهم حتي لا يتحكم في رأس المال ،وكانت هذه فرصة لإنشاء صحف حرة ،ولو نجحت كان من الممكن ان تتحول الصحف القومية ايضا إلي مؤسسات حرة ، لكن للأسف لم ينفذ هذا القانون لان رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير في ذلك الوقت رفضوا ما تضمنه القانون بشأن اختيارهم بالانتخاب من خلال عدة خطوات تبدأ بانتخاب الجمعية العمومية لمجلس الادارة والذي ينتخب رئيسه ثم يرشح مجلس الإدارة ثلاثة لرئاسة التحرير تختار الدولة واحدا منهم، رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير رفضوا ذلك وفضلوا ان يتم اختيارهم من قبل رئيس الجمهورية مباشرة.
وماذا عن عهد مبارك؟
في عهد مبارك بدأت تظهر الصحف الخاصة والفضائيات وحدثت نهضة اعلامية حقيقية حتي انه يمكن القول انهم كانوا هم النشاط السياسي الحقيقي والبديل للاحزاب ،في المقابل فقدت الصحف القومية والتليفزيون المصري فاعليتها ،لكن بعد ثورة 52 يناير بدأ يحدث تغيير سريع في الصحف القومية واقولها بصراحة أنني لم أكن اشتريها او اقرأها ،أما اليوم فقد أصبحت »الأخبار« و»الاهرام« من الصحف التي أقرأها يوميا .
وماذا عن التليفزيون المصري؟
بالنسبة للتليفزيون بدأ يتحرر قبل يناير من جموده، لكن في احداث يناير ورغم الانتعاشة التي حدثت للصحافة القومية حدثت انتكاسة في الإذاعة والتليفزيون في الأيام الاولي للثورة لأن وزير الاعلام الذي كان موجودا أساء استخدام الاذاعة والتليفزيون خلال احداث الثورة وبالتالي اصبح هناك »تار بايت« تجاه الاذاعة والتليفزيون ،ولهذا فهما يحتاجان الآن لشخص يطهرهما وانا اثق انه بالامكانيات الموجودة يستطيعان ان ينطلقا لان فيهما كفاءات عالية جدا وكل الفضائيات التي حققت نجاحا استعانت بكوادر منهما، فإذا وجد شخص له صلاحيات كاملة وفي نفس الوقت يتمتع بالكفاءة ،يستطيع ان ينهض بهذه المؤسسة »الإذاعة والتليفزيون« واري ان يتم ذلك من خلال مجلس أمناء أشبه بما اقترحته في قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون عام 0891 بحيث يدير هذا المجلس الاذاعة والتليفزيون كجهاز مستقل أشبه بهيئة الاذاعة البريطانية .
يبدو في كلامك انك لا تؤيد عودة وزارة الاعلام وبالتالي اختفاء منصب وزيرالإعلام؟
لا مجال لوجودوزارة للاعلام وبالتالي وزيرا للإعلام .وكان غرضي من انشاء اتحاد الاذاعة والتليفزيون الا يكون هناك حاجة لوزير اعلام ويكون الاتحاد مستقلا عن الحكومة.. ولاؤه للشعب فقط. واذكر انني في نفس الفترة ايضا انشأت المجلس الأعلي للثقافة حتي لا تكون هناك حاجة لوزير ثقافة ، والسبب في ذلك انني حينما اجتمعت بقيادات وزارة الثقافة عندما توليت مسئوليتها فوجئت بأن اغلبهم لا علاقة لهم بالثقافة وانهم جاءوا إلي مناصبهم منقولين من وزارات اخري فأدركت انهم لن يستطيعوا ادارة شئون الثقافة، وكان الحل أن أجعل المثقفين يديرون شئونهم بأنفسهم فكان انشاء المجلس الاعلي للثقافة لكن الوزراء الذين أتوا بعدي لم يكونوا مؤمنين بهذه الفكرة وارادوا السيطرة علي المجلس الأعلي للثقافة فتم ضمه إلي الوزارة.
الصحف القومية
ما هو تصورك لمستقبل ملكية الصحف القومية؟
الصحف القومية بعد النهضة التي شهدتها اخيرا اصبحت قابلة ان تكون مثل الصحف الخاصة.. أتصور ان تنشأ هيئة مثل اتحاد الاذاعة والتليفزيون تؤول اليها ملكية الصحف القومية وتبدأ في تشكيل رأس المال لكل مؤسسة ،جزء منه يكون من حق العاملين وجزء يطرح في البورصة للاكتتاب العام ولكن بنسب لا تسمح بالسيطرة علي الملكية.
وكيف يتم اختيار رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير؟
الجمعية العمومية المكونة من العاملين والمساهمين تنتخب مجلس الإدارة ومجلس الإدارة يعين رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير.. وفي هذه الحالة لابد ان يختار مجلس الادارة الشخص الاكفأ سواء لمنصب رئيس مجلس الإدارة أو رئيس التحرير لأن هدفه الربح.
الإصلاح الاقتصادي
كيف تري الإصلاح الاقتصادي علي مدي سنوات حكم عبدالناصر والسادات ومبارك وأي نهج تفضله في هذا المجال؟
الإصلاح الاقتصادي في مصر مّر بعدة مراحل.. في بداية ثورة يوليو 25 أخذنا بالمفهوم الاشتراكي الذي طبقه الاتحاد السوفيتي والدول الشرقيه فارتفع مستوي التعليم والعلوم، وتحقق نوع من العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، فلم يعد هناك أغنياء وفقراء.. وسرنا في هذا الطريق ولكن بعد هزيمة 76 والسنوات الثلاث التي تلتها، بدأنا نتبين ان هذا النوع من الاقتصاد خانق للمجتمع.. هل كان خانقا بحكم النظرية فقط.. أم لاننا لم نحسن تطبيقها.. أم للسببين معا؟ المهم أننا شعرنا انه لم يحقق الغرض منه بعد ان انشأنا القطاع العام الذي يمثل 09٪ من أدوات الانتاج.. كل شيء كان مؤمما.. البعض رأي ذلك ضروريا وآخرون قالوا بوجود تطرف بعض الشيء في المفهوم الاشتراكي والبعض تساءل.. هل لو اننا استطعنا ادارة القطاع العام بعناصر اشتراكية مخلصة جادة وتجنبنا الفساد والرشاوي كان ممكن أن ينجح؟ الرئيس عبدالناصر نفسه كان قد بدأ يشكو من هذا الوضع وقيل وقتها انه لو طال به العمر كان سيعدل هذا النظام. لكنه توفي وانتقلت السلطة إلي الرئيس السادات.. في بداية حكمه كان هناك اعتقاد بأنه سيحدث تغييرجذري في هذا المجال.. هل لانه بطبيعته يميل للغرب أم لأنه تعلم الدرس من أيام عبدالناصر؟ الآراء اختلفت في هذا الأمر.. لكنه انتهز فرصة حرب أكتوبر وانتصارنا العظيم فيها وبدأ يتجه نحو إصلاح سياسي عن طريق إلغاء الاتحاد الاشتراكي، ووضع أسس للتعددية الحزبية ونظام ديمقراطي وإصلاح اقتصادي من خلال سياسة الانفتاح وقانون الاستثمار عام 4791 وتصورنا اننا انتقلنا من روشتة شرقية إلي أخري غربية.. كنا متفائلين وتصورنا اننا لو سرنا في هذا الطريق فسنصبح مثل الولايات المتحدة.. لكن خلال سنوات قليلة بدأت مساوئ هذا الانفتاح الاقتصادي.. بدأ يتضح انه غير مدروس وانه يؤدي إلي استيراد ضخم جدا يكاد يقضي علي الصناعة المحلية ،وانه يؤدي إلي فروق متسعة بين الطبقات.. مرة أخري قيل انه لو امتد العمر بالرئيس السادات ربما أعاد النظر في الانفتاح الاقتصادي بهذه الطريقة ووضع له معايير وضوابط.
الانفتاح الانتاجي
لحظات صمت واصل بعدها منصور حسن الحديث..
بدأ عهد مبارك.. ونتيجة للوضع الذي كنا فيه فكر في عقد المؤتمر الاقتصادي عام 28 ليبحث ماذا سنفعل في المرحلة القادمة؟ ومرت سنة سادها حالة من الصمت.. الشعب يريد أن يعرف اتجاه الرئيس.. والرئيس يريد معرفة اتجاه الشعب.... مبارك كان يريد ان يفعل ما يرضي الشعب ومايرفع مستواه بينما الشعب تعود أن الرئيس الذي يأتي تكون لديه خطط ويعطي اشارة يتجه اليها الناس.. مّرعام بهذه الطريقة حتي بدأ مبارك يتحدث عن الانفتاح الانتاجي وتشجيع الصناعة وبدا اننا سنتجه لتعديل نظام الانفتاح الرأسمالي لكن ظروفنا لم تكن تسمح بذلك.. احتجنا لصندوق النقد الدولي وبدأ دكتورعاطف صدقي عام 09 تنفيذ روشتة الصندوق، وفوجئ النظام بأنه لم يقع ما كان يخشاه.. حيث كان دائما يؤجل تنفيذ روشتة صندوق النقد خوفا من ان الشعب لن يتحملها لان الأسعار سترتفع.. وجد النظام ان المسألة تسير خطوة خطوة.. الشعب لا يرحب لكنه لا يتحرك وقد شجع هذا النظام ان يتمادي في الانفتاح لكن وفق النظرية الرأسمالية.
وأصبح هناك اعتقاد اننا لو نجحنا في تطبيق الرأسمالية كما هي في أمريكا سيؤدي ذلك إلي انتعاش اقتصادي ،ولكي نطبق هذه النظرية يجب أن نأتي أيضا برجال هذا الفكر..أي رجال الأعمال من الشباب الذين درسوا في الولايات المتحدة واثبتوا نجاحهم في السوق وفقا للنظرية الرأسمالية.. من هنا جاءت حكومة رجال الأعمال.. مجموعة منهم دخلت الوزارة وأنا لا أشكك ان بعضهم كانوا شبابا ناجحا جدا في أعمالهم ومخلصين للبلد.. لكن الخطأ انهم لم يكن لديهم فكر سياسي ، كما أنه كان من الصعب تطبيق الفكر الرأسمالي الذي طبق في القرن الثامن عشر في القرن الواحد والعشرين .. ولهذا كان لابد لكي تنجح خطة تطوير اقتصادي ان تكون نابعة من فكر المجتمع وليست روشتة مستوردة.. وأن يصاحبها خطة للتنمية والعدالة الاجتماعية .
العدالة الاجتماعية
وكيف يمكن ان نحقق العدالة الاجتماعية في المستقبل ؟
لابد ان نراعي ونحن ننفذ برنامج التنمية الاقتصادية ان تكون هناك عدالة اجتماعية أولا بأول حتي لا يحدث تفاوت متزايد بين الطبقات.. نحن في مصر لمسنا ذلك،فحكومة رجال الاعمال تباهت بأنها حققت نسبة نمو 7٪ قبل الأزمة الاقتصادية العالمية.. وهذه نسبة جيدة جدا لمجتمع نام.. وقيل اننا لو حافظنا علي هذه النسبة لعدة سنوات فسننتقل إلي مستوي الدول المتقدمة.. لكن ما حدث انه بالاضافة إلي الأزمة الاقتصادية العالمية لم يحدث ترسيب لهذا النمو الذي تحقق فظل عائد النمو محصورا في طبقة الاغنياء ولم يصل للفقراء بأي طريقة مما خلق نوعا من التأزم الشديد والذي يعتبر احد العوامل التي أدت إلي ثورة 52 يناير.
كنت أول رجل أعمال يدخل الوزارة وكان هذا في عهد الرئيس السادات.. لماذا نجحت تجربتك وفشلت تجربة الآخرين في عهد مبارك؟
تجربتي كانت عام 87 أي منذ 33 سنة وانا كنت واحدا فقط وليس مجموعة كما حدث مؤخرا.. اضف إلي ذلك انني بطبعي ورغم انني كنت من رجال الأعمال الا انني منذ صغري وانا سياسي مهتم بالشان العام أكثر مني رجل أعمال.
أما التجربة الأخيرة فقد حدثت في عصر توغل في الرأسمالية.. عدد كبير من رجال الأعمال دخلوا الوزارة ولا استطيع ان أدينهم.. فقد قيل لهم »انتم نجحتم في إدارة شركاتكم.. تعالوا لتديروا الوزارات« .. رجال الأعمال اداروا الوزارات بنفس مفهوم إدارة الشركات.. فالميزانية في الشركات أرباح وخسائروليس فيها عدالة اجتماعية، فهذه مسئولية الحكومة.. لكن احدا لم يقل لهم ان إدارة الوزارات مختلفة عن إدارة الشركات.. الخطأ انه لم يكن هناك رئيس وزراء سياسي يفهم في هذا الموضوع ويستطيع ان يوجه رجال الأعمال إلي ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية.
وضع مصر الخارجي
وكيف تقرأ مكانة مصر ودورها وتأثيرها في المنطقة والعالم في العهود الثلاثة السابقة؟
مصر أيام عبدالناصر قادت حركة التحرر من الاستعمار في جميع دول العالم النامي خاصة في افريقيا وتعاملت مع جميع الدول الكبري في إطار سياسة عدم الانحياز ،ورفعت شعار القومية العربية ،هذا الدور الذي قاده عبدالناصر أعطي مصر وضعاً قوياً جداً في العالم الخارجي ،والاستعدادات لحرب أكتوبر تمت كلها في السنوات الثلاث الأخيرة من عهد عبدالناصر ،وعندما جاء وقت اتخاذ قرار الحرب في عهد السادات لم يكن لدينا ما يكفي من سلاح لكن السادات رأي أننا لابد أن ندخل الحرب بأي طريقة وبما لدينا من سلاح بعدما شعر باتفاق أمريكا وروسيا علي تهدئة الوضع في الشرق الأوسط ولو حدث هذا كان الوضع سيتجمد وتظل سيناء محتلة . لهذا اتخذ قرار الحرب معتمداً علي روح رجال القوات المسلحة ورغبتهم في الثأر بعد هزيمة 76.. أضف إلي ذلك خطة التمويه التي برع السادات في وضعها بعدما تصورت إسرائيل أن مصر جثة هامدة ولا تستطيع أن تفعل شيئا فاستغل هذا الشعور وعمل علي تعميقها بمناورات عديدة،ثم بإخراج الخبراء الروس ليعطي انطباعاً أنه لا يفكر في الحرب ثم فاجأ العالم كله بالحرب وعبور القناة يوم 6 أكتوبر ،فارتفعت أسهم مصر في العالم العربي.
وبعد الحرب وجد السادات أن ما تم تحريره خمسة آلاف كيلو متر فقط من سيناء وبقي 00065 ألف كيلو متر تحت الاحتلال ، ربما رئيس آخر يقول »لقد أديت مهمتي وأترك الباقي للأجيال القادمة« لكنه كان يعرف أنه حتي تتحمل الأجيال الجديدة المسئولية ستكون سيناء قد ضاعت نهائياً والولايات المتحدة لن تسمح بحرب ثانية ،لهذا حاول تحرير الجزء المتبقي من سيناء بعقله وذراعه، فاتجه إلي البحث عن السلام وهو يدرك أنه لكي يحرر الأرض لابد أن يدفع الثمن وبدأت المفاوضات مع إسرائيل وكان نتيجتها اعترافا وسفارة وعلما الخ، لكن في المقابل حررنا أرضنا وأخرجنا الإسرائيليين من سيناء، كان من نتيجة مفاوضات السلام أيضاً معونات أمريكية بحوالي 2 مليار دولار سنوياً وفتح قناة السويس واستثمارات عربية وأجنبية ضخمة لكن العرب غضبوا من موقف مصر وحدثت المقاطعة العربية في المقابل ارتفعت أسهم مصر جداً في العالم الغربي.
مبارك كان محظوظا
وانتهي عهد السادات وجاء مبارك إلي الحكم فكان محظوظاً لأن كل التسويات الصعبة أنهاها السادات رغم ما سببه ذلك من عناء ومشاكل له .وسلم البلاد جاهزة للانطلاق ،حيث تم حل الاتحاد الاشتراكي وأصبحت هناك تعددية حزبية وبدأت سياسة الانفتاح الاقتصادي وحاول مبارك في السنوات العشر الأولي من حكمه أن يشجع التنمية الاقتصادية بان يحاول ان يكسب ود جميع الدول خصوصا امريكا من خلال مهادنته لها والالتزام بالمواقف التي تحقق مصالحها.
كان رأي مبارك اننا يجب أن نكون أصدقاء للجميع ورغم أن هذه السياسة جنبت مصر كثيراً من المشاكل بالفعل ، لكنها لم تسمح لها بتحقيق أية انتصارات كبيرة لأن الانتصارات تحتاج الي القدرة علي اتخاذ مواقف في السياسة الدولية،وكان نتيجة هذه السياسة أن تراجع وضع مصر في العالم العربي والغربي، حتي أصبحت نظرة العالم لنا تكمن في أننا أصحاب الحضارة القديمة وليس أصحاب الحضارة الحديثة.
هذا كان وضعنا في عهد مبارك لكن بمجرد قيام ثورة 52 يناير التي حررنا فيها الشباب من الضعف والقمع السياسي الذي كنا نعيش فيه عادت إلي مصر مكانتها العربية في نفس الليلة التي انتهي فيها النظام السابق.. كانت الشعوب العربية كلها تلف الشوارع ترفع أعلام مصر وهذا دليل علي أن مكانة مصر في العالم العربي مكانة طبيعية يتمناها الشعب العربي ويعز عليه أن مصر تستضعف وتنزوي وتسير »جنب الحيط« حتي أن العالم الغربي أيضاً سعد بالثورة والرئيس الأمريكي أوباما قال إن مصر أعطت المثل للعالم ،إذن في »خبطة واحدة« من الشباب تحققت المعجزة ، تحررت مصر في الداخل وعادت إلي مكانتها في العالم العربي وأصبحت موضع إعجاب العالم كله.
وماذا تطلب من القيادات الجديدة التي ستتولي المسئولية؟
أن يبنوا علي ما حدث ويعيدوا دور مصر ومكانتها في المنطقة والعالم ، ومصر ستتميز بقدرتها علي تحقيق التقدم علي طريق الديمقراطية.وان يثقوا في ان رفعة الوطن من رفعة ابنائه.
ردود الافعال.. السبب
لو عدنا للخلف قليلا هل تعتقد أن الذين دعوا للمظاهرات المليونية في ميدان التحرير كانوا يتوقعون أن تصل الأمور إلي هذه النتيجة وبهذه السرعة؟
اعتقد انهم لم يتوقعوا ذلك فعلا.. ربما تصوروا أنهم سيقومون بمظاهرة ضخمة خاصة ان الدعوة حددت عيد الشرطة موعدا لها، أنا أيضا لم أكن أتصور ان تصل الأمور إلي هذه النتيجة، لكن الحقيقة ان الأحداث حملت في تطورها إمكانية الوصول إلي الهدف، وردود الأفعال هي التي وجهت مسار الأحداث، بمعني ان انضمام جموع الشعب كان مفاجأة.. جرت العادة ان الشباب هو الذي ينزل المظاهرات لكن ما حدث ان الشعب انضم إليها من مختلف أنحاء القاهرة ومن المحافظات أيضا حتي أصبح ميدان التحرير أشبه ب»كعبة سياسية« يحج إليها الناس.. نأخذ في الاعتبار أيضا خطوة الطرف المضاد وهو »الشرطة« كيف تعاملت مع المظاهرة منذ بدايتها.. كيف كانت تحرس الشباب وتحميهم في الساعات الأولي، وتعاملهم بالحسني ،ثم فجأة انقلبت عليهم عند منتصف الليل.. وهذا كان رد فعل عنيف ولد عنفا أكبر.
بعد ذلك نأتي لرجال الحزب الوطني الذين تصوروا انه لا يمكن ان تكون المسألة بهذه السهولة.. "شوية شباب يعملوا مظاهرة وينضم إليهم بعض الناس فتتحول إلي ثورة حقيقية.. طب احنا فين؟".. ولهذا قرروا ان تكون هناك خطوة مضادة من جانبهم.. من هنا جاءت موقعة الجمال وهذا السخف الذي تم باطلاق الجمال والخيول والحمير علي الناس في ميدان التحرير.. حيث تصور رجال الحزب الوطني ان هذا كاف ان »يطفش« الشباب.
أهم شيء ان صمود الشباب حيال هذه المراحل كلها، وردود الأفعال هو الذي أحيا الأمل في انه يمكن ان يتحقق الهدف.. لانه منذ 03 أو 04 سنة كان التصور عندما يصل المجتمع لحالة من السكون أو حالة من التدهور ويكون المطلوب هو التغيير، كان المتبع ان بعض السياسيين يلجأون الي الجيش الذي يكون مجموعة تقوم بانقلاب علي الحكم فيحدث التغيير،سواء للأفضل أو الأسوأ علي حسب الظروف.. المثال الحي علي ذلك والمتكرر هي سوريا.
لذا في السنوات الأخيرة انتبهت النظم السياسية إلي خطورة ان تتكون في الجيش مجموعات سياسية تقوم بانقلابات وأصبح من أهم العوامل التي تؤخذ في الاعتبار ان يكون هناك تأكيد ألا يسمح للجيش ان يتحرك في هذا الاتجاه.. عندما يصل الأمر إلي هذا الحد معني ذلك أن الشعوب لم تعد أمامها الفرصة للتعبير والجيش الذي كانت تلجأ إليه لكي يعاونها أو يقوم بانقلاب لم يعد موجودا.. الوضع تغير.. فماذا تفعل الشعوب خاصة ان هناك شرطة مثل الجيش وأكثر موجودة علي الجانب الآخر ويمكن ان تواجه الشعب.. فهل معني ذلك ان تستكين الشعوب وينتهي أملها في الإصلاح؟
ويلتقط منصور حسن أنفاسه ثم يستطرد..
بدأت الشعوب تلجأ للعصيان المدني وبدأت نظرية جديدة تظهر خاصة بعدما حدث في شرق أوروبا عندما بدأ الشعب يواجه هذا الوضع الصعب بالخروج بعشرات أو مئات الألوف يعلن سخطه علي النظام أو رغبته في تغييره.. في هذه الحالة يحرك الحاكم قواته لمواجهة الناس سواء قوات الشرطة أو الجيش وفي هذه الحالة لن يستطيع المتظاهرون مواجهة هذا الوضع الصعب " سيهرولون ويهربون " واذا حدث ذلك ولم يعودوا في اليوم التالي فمعني ذلك انهم سيظلون 02أو 03 سنة يضربون كلما خرجوا في مظاهرات لأن الضرب يأتي معهم بنتيجة! وإذا عادوا في اليوم التالي سيواجهون بالقوة مرة أخري.. في مرحلة ما لابد ان تنتهي هذه القوة وتنضم إلي الشعب وهذا ما حدث في ثورة 52 يناير نتيجة لاستبسال الشباب واستبسال الشعب.. كلما حدث رد فعل عنيف من جانب النظام يواجهونه هم بصمود أكبر.. وهذا ما أدي إلي نجاح الثورة.
مرة أخري يصمت منصور حسن للحظات.. ثم يواصل..
طوال أحداث الثورة كنت أراقب تطوراتها.. و كنت مؤيدا لها ولشباب ميدان التحرير.. و لي ابن وابنة شاركا في المظاهرات وكنت سعيدا بوجودهما هناك علي مدي ال42 ساعة قلت لهم أن هذا أفضل عمل قمتم به في حياتكم وعندما تكبرون ستتذكرون هذه المشاركة بكل شرف واعتزاز.
اعتقد أيضا ان الرئيس السابق حسني مبارك أسهم في نجاح الثورة بطريقة أخري وهي بطء اتخاذ القرارات.. خاصة وأن رد فعله عموما بطيء! وكان يقال ان هذا ربما من باب الحكمة وعدم التسرع.. ويجوز ان يكون هذا مفيدا في بعض الاحيان.. لكن في أحيان أخري يكون البطء مثل التسرع ضار.. فلابد من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ويتساءل منصور حسن.. هل يعقل بعد 4 أيام من تجمع الناس في ميدان التحرير في ثورة تبدو عارمة وتطالب بإصلاحات حقيقية ان يكون أول قرار هو تغيير الحكومة.. هذا بالطبع يؤدي إلي مزيد من الاصرار علي الاستمرار في التظاهر لان تغيير الحكومة إجراء عادي يتم في الأحوال العادية.. لا يحتاج إلي ثورة .. هذا أشعل النار أكثر لان هذا القرار يعني ان الرئيس السابق لم يأخذ مطالب الناس بالجدية الكافية مما احتاج وقتا اضافيا ثم خرج علينا بخطاب يقول فيه انه سيجعل من المرحلة المتبقية من فترة رئاسته مرحلة استقرار، وانه سيتخذ بعض الإجراءات التي تمكن الشعب من إقامة النظام الذي يريده.. وهذا يبدو في الظاهر انه نوع من التجاوب لكن في نفس الوقت يصحبه صور للرئيس وهو يجتمع بمجلس الوزراء أويستقبل بعض الشخصيات.. أي انه مازال يدير شئون الدولة، مما اثار الشباب أكثر ،لانه عندما عين نائبا لرئيس الجمهورية وأعلن انه لن يعيد ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة القادمة وان نجله جمال لن يترشح أيضا كان متصورا انه سيخلد للراحة ويتواري ويترك نائب الرئيس يدير دفة الحكم فكيف يظهر بعد ذلك وهو يمارس صلاحياته مما اظهره أمام الناس كمن يعطي باليمين ويأخذ باليسار.. وفي آخر خطاب يوم الخميس 01فبراير أعلن انه سيفوض نائب الرئيس في كل اختصاصاته لكن في نفس الوقت أكد انه سيتابع ويراقب وهذا معناه انه كان يريد ان يستمر في الصورة لهذا اشتعلت المظاهرات أكثر ووصلت يوم الجمعة 11 فبراير إلي القصر الجمهوري.
أين مستشارو الرئيس؟
هل تعتقد ان مستشاريه لم يحسنوا ابداء الرأي الصواب له.. أو بمعني آخر »غرقوه« ؟
مازال الوقت مبكرا لأن نعرف تفاصيل الساعات الأخيرة.. من كانوا موجودين؟ من هم المستشارون؟ ماذا قالوا له.. وماذا لم يقولوا؟ لكن من باب خبرتي في دائرة السلطة الضيقة في أعلي قمتها استطيع ان اؤكد مما رأيته ومما أتذكره انه من النادر ان تجد مستشارين لديهم الشجاعة ان يواجهوا رئيس الجمهورية بما لا يرضه.. صعب ان يقول له أي مستشار »لابد ان تتواري« .. فالكل يحسبها أولا ويخشي المجازفة، وليس هناك من هو مخلص ويري أن من واجبه تقديم النصيحة سواء أخذ بها الرئيس أولا حتي ولو سيدفع الثمن جراء ذلك فيما بعد .المهم ألان ان الثورة تحققت بفضل اقدام وشجاعة شباب مصر وفي مقدمتهم هؤلاء الشباب الذين ضحوا بحياتهم لنسعد نحن بالحرية والعيش بعزة وكرامة ومهما صادفنا من مصاعب , واذا ما لامسنا بعض الحيرة او الارتباك او حتي اليأس فلنتذكر المعجزة التي انقذتنا من الأ وضاع المهينة التي عشناها قبل ثورة 52 يناير العظيمة.. واذا كانت الثورة التي يهون من اجلها كل شيء, قد قامت بفضل عشرة أو خمسة عشر مليونا من المواطنين الشرفاء فيجب ان نظل في المسيرة علي الطريق ونكون مستعدين بعشرات الملايين لمواجهة اية قوة تحاول اعاقة ما نستهدفه من مجتمع التقدم والرخاء علي اساس من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.