إلي تلك الآمال الكبيرة تطلع الشعب بعد يأس طويل من الاصلاح علي أيدي سدنة النظام الساقط والذي انتهي وانتهت معه صلاحية حراسه ومقاوليه بعد أن ظلوا يقاومون الثورة وإرادة الجماهير الهادرة من الشعب حتي لفظ رأس النظام أنفاسه الأخيرة ورحل عن الكرسي لا بإرادته كما يريد أن يصور لنا البعض، ولكن الجيش بكل تأكيد انحاز إلي شعبه وإلي مصالح الوطن العليا وأجبر الفرعون الأخير علي مغادرة »العرش« وأيضاً مغادرة القصر، نعم تطلع الشعب الي يوم يتخلص فيه من آفات عديدة جلبها النظام عليه وزادها وراكمها حتي صارت تجثم علي صدره وتحط من عزمه وتقصيه عن الحياة الكريمة، نلنا ما نلنا من أسباب الفقر والجهل والمرض وتراجعت مصر العظيمة أميالاً خلف ركب التقدم ودوافعه وحركة التاريخ وسجنت الأفكار والأحلام والهمم خلف قضبان اليأس والقهر والظلم. ولهذا كانت الصدمة اكبر حين انتصرت الثورة، وارتفعت الاهات السجينة لتعلن عن بزوغ فجر جديد للحرية، وكان الثمن باهظاً حتي هذه اللحظة، مازلنا ندفعه من قلقنا المتزايد علي مستقبل مصر المحروسة منذ فجر التاريخ بعناية من الله، وكلما شاء لها الأعداء أن تقع في محنة كبيرة، نصرها الله نصراً عزيزاً لتصبح اقوي وأشد عزماً مما كانت عليه، ولعلي أري عياناً ما كنت اخشاه، فالذين أرادوا للثورة ان تبوء بالفشل بالامس، يريدون اليوم ان يركبوا سفينها الي أمانيهم المخبأة، ويبغون لمجراها أن تعكره الفتن وتلوثه الدماء، فلماذا وبأي وجه يعودون لنا، الذين زوروا إرادة الشعب تحت شعار »وزارة الشئون القانونية« والمجالس النيابية«، من أعطي الحق لمثل هذا الرجل أن يرجع الينا تحت راية الحوار الوطني، فهل له عين يري بها ومن أتي به، لماذا يا من كنا نظن بكم أنكم قرأتم وسمعتم وحللتم الاحداث التي شوهت مصر وجعلتها في ذيل الأمم، فهل هذا حوار يمكن أن يجعلنا نثق في مديريه، كيف تأتينا يا أيها المدير الحوار بنموذج جاهر بمساندة الفساد السياسي ودافع مقدماً في إحدي الفضائيات بغير حياء عن نجاح الوزراء المحتم في انتخابات نيابية قادمة وعن رجال الأعمال الذين مولوا حملته الانتخابية وحملات الوزراء رفاقه علي الدرب، ألم يعد فينا رجل رشيد ليخرج لنا قائمة بجرائم الحزب الذي حكم البلاد أكثر من خمس وثلاثين عاماً بغير شرعية حقيقية، وهل من منصف يقول لنا ماذا تعني هذه الخطيئة في حق بلد عريق كمصر وشعب عظيم كشعبها. أنني أري أنه من حق المصريين اليوم أن يحاكموا كل من زور إرادتهم وارتقي بها منصباً أو جمع بها مالاً أو خان بها وطناً ليقدمه هدية لأعدائنا في كل مكان علي اعتبار أننا مطمع حقيقي ومغري لكل ألوان الاستعمار المستقبلة في نواياها ومآربها، وكم آلمني أن. اشهد رجالاً كنا نعدهم من الأخيار يفسحون الطريق لمن سامنا سوء العذاب ومن كذب علينا وغشي اعيننا بعصاب من تلافيق وأباطيل، فمن هم هؤلاء الابطال الذين يبغونها اليوم ملعباً لهم ولأوهامهم حتي يحيطوا بنا ويردوا مصر الي زمن الاستبداد والعبودية والقهر والانحطاط الذي صاحبه، من هؤلاء الذين لم يلههم ما ألم بنا من مصائب جلبها علينا نظام استمد شرعيه من مكاء هؤلاء وتصديتهم ومكرهم وأفاعيل سفهائهم حين كان مبارك يدعو فيستجيبوا ويلبوا له، كتبة الاوبريتات والصناجات الذين رقصوا طربا طرباً وشربوا نخب الدماء التي سالت دفاعاً عن الوطن في الداخل والخارج، وهم لا يستحون من حصد ثمار الانتصار، عاماً بعد عام، الذي نظم المسيرات ورفع اللافتات بعد كل جريمة نكراء في حق الأمة بأسرها، وهم يعلنون بكل تبجح أن الأغلبية الساحقة من الناس تؤيدهم وتعاهدهم علي العمل تحت حذاء مبارك وبنيه وزوجه، أليس من حقنا يا أيها الأحرار أن نسأل عما وضعنا في هذا الموضع أم علينا أن ننسي ونكتفي بالحساب علي نهب الأموال والثروات فحسب، ألم يكن الفساد السياسي هو الطريق الذي مهد لكل الموبقات التي ارتكبت في حق مصر وشعبها؟! أليس هذا الجيش من أرباب السوابق والبلطجة والمجرمين والقتلة هو الذي كان يحسم عملية الانتخابات الشكلية ويحمي تزويرها ويؤمنها من أي محاولة لكشفها من معارضي النظام الحقيقيين، يا أيها العقلاء في بلادي، ألم يكن هناك معارضة مصطنعة ومستأنسة تكمل وتجمل وجه النظام القبيح وحزبه الغالب بأمر حاكمه دوماً، افيدوني برأي إن كنتم صادقين. لقد غلبت علينا شقوتهم وأرغمت هذا الشعب علي أن يعيش اسوأ ما عرف التاريخ الانساني من فساد سياسي وأدي إلي ما نحن فيه الآن من حيرة وتخبط للوصول إلي بر الأمان بثورتنا التي ما كانت أن تقوم بهذا الشكل المثالي لولا أن قيض لها الله شرفاء الجيش المصري الذي هزم الصهاينة في أكتوبر 37 وأطاح برأس الفساد في 52 يناير، لقد حكمنا هذا الحزب وقيد حريتنا وقلب كل موازين العدالة الاجتماعية بما فعل من خطايا فادحة وحما المفسدين وآواهم اليه، فبأي حق يعود لنا رجاله اليوم في ثياب الزاهدين، وأي حوار يبغون وأي حزب يتآمرون له لكي يعيدوه إلي الحياة. ما عاد ذلك الحزب إلا أطلالاً من عفن يجب ان يتم التخلص منها بإرادة شعبية تتضافر فيها كل القوي السياسية الشريفة التي لم تبتغ الا وجه الله وحياة مصر الخالدة، عليهم أن يكفوا عن المحاولة، هؤلاء المتسلقون الذين زحفوا علي بطونهم وكانوا يجيدون الانبطاح في كل موقف وفي أي وقت يريد الحاكم أن يراهم فيه من أدبارهم، عليهم اليوم أن ييأسوا تماماً من كل عودة وعلي من يساعدونهم ويفتحون لهم الأبواب الخلفية ان يتعلموا ويعرفوا أن عين الشعب ساهرة وأن الله ليس بغافل عما يعملون. [email protected]