في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . هو رجل عسكري وبطل من أبطال الجيش.. وهو أيضا رجل علم ومعلومات وأرقام.. شخصيته تجمع بين الحسم والدقة والنظام.. وبين البساطة والتلقائية والصراحة والتواضع.. وخلال السنوات الأخيرة نجح في تحويل الأرقام إلي أساس علمي يخدم كل مشروعات التخطيط والتنمية في مصر.. هو اللواء أبوبكر الجندي.. رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء.. الذي تحدث معنا عن وجهه الآخر بكل صراحة . ....................................... ؟ ولدت في قرية كفر محمد حسين بجوار الزقازيق.. والدي كان مهندس ميكانيكا في الأوقاف.. وكان رجلا جادا وحاسما.. أخذت عنه الكثير .. انفصل أبي عن أمي مبكرا.. فعشت مع أمي حتي السن القانونية «9 سنوات» ثم انتقلت للحياة مع أبي في المنصورة ثم القاهرة . ....................................... ؟ كنت ملكا في طفولتي.. فقد عشت مع أمي وأخوتها في بيت جدي.. «وطبعا.. كلهم كانوا بيدلعوني».. وحينما انتقلت للحياة مع أبي.. احتضنتني زوجة أبي.. كانت مدرسة بالتربية والتعليم.. لكنها كانت مربية أولا.. كانت مثل أمي.. وكانت تقول دائما إنني أعز من أبنائها.. وأهم ما تعلمته منها النظام والاعتماد علي النفس.. كان كل واحد في البيت له مهام ومسئوليات محددة.. وهو ما ساعدني كثيرا في إدارة حياتي فيما بعد..» علي فكرة أنا بافهم كل حاجة في شغل البيت.. وطباخ بريمو.. ولو غابت أسرتي لأي سبب.. أقدر ادير البيت لوحدي.. وبيرجعوا يلاقوه أحسن من الأول». ....................................... ؟ أجمل ذكرياتي كانت في حي شبرا.. حيث كان بيتنا ومدرستي شبرا الابتدائية ثم شبرا الإعدادية.. ثم التوفيقية الثانوية.. «علي فكرة مدرسة التوفيقية كانت أحسن من كل المدارس الدولية والجامعات الخاصة الكبري الموجودة دلوقت».. كان بها أفضل المعامل المجهزة وأفضل المدرسين.. وكان بها ملاعب وحمام سباحة وحجرات للرسم والموسيقي.. وكنا نذهب للمدرسة طوال الإجازة بكارنيه صيفي قيمته خمسون قرشا.. وكنا نقضي الصيف نمارس كل الأنشطة.. ونتعلم السباحة والرياضات المختلفة.. «تتصوري أني اتعلمت الآلة الكاتبة في المدرسة علي سبيل الهواية». ....................................... ؟ لم أكن ضمن فصل المتفوقين في مدرسة التوفيقية.. ومع ذلك حصلت علي مجموع كلية الطب والتحقت بطب عين شمس.. لكني لم أستمر بالطب سوي 15 يوما.. والسبب هو الرئيس جمال عبد الناصر..كنت أعشقه.. وأعتبره قدوتي.. وكنت وزملائي ننتظر مروره من شارع رمسيس لنقف نحييه ونصفق له.. «كنت عايز أكون زيه.. فنقلت أوراقي للحربية». ....................................... ؟ حينما كنت طالبا في الحربية شاركت في حرب 1967.. ثم شاركت في الاستنزاف.. وفي حرب 1973.. وتدرجت في القوات المسلحة قائد فرقة ثم قائد لواء.. حتي أصبحت قائدا للجيش الثالث.. ثم عملت مساعد ملحق في واشنطن.. ودرست دراسات عليا في جامعة الدفاع الأمريكية.. ثم عدت لمصر وتوليت رئاسة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2005 وحتي الآن. ....................................... ؟ يومي يبدأ 6 صباحا.. بالمشي أو الجيم أو السباحة في نادي هليوبوليس.. ثم أذهب للجهاز وأظل به حتي الرابعة عصرا.. ثم أعود للبيت.. حيث أتابع البرامج والأخبار السياسية في القنوات المعتدلة مثل بي بي سي أو سكاي نيوز.. وأقرأ جميع الصحف تقريبا وأحرص علي متابعة العديد من المقالات. ....................................... ؟ زوجتي هي السيدة ليلي ضياء الدين مصطفي.. وكيل جهاز المحاسبات سابقا.. كان زواجنا زواج صالونات بمعني الكلمة.. كان عمري وقتها 24 عاما.. رشحتها لي إحدي جاراتنا.. كانت المواصفات الشكلية مختلفة عما أريد.. لكني انجذبت للشخصية الرائعة.. وكان زواجنا ناجحا والحمد لله.. وأثمر عن ولدين ..والحقيقة أن زوجتي بذلت معهما جهدا كبيرا لأني معظم الوقت كنت غائبا في الجيش.. «كانت قوية.. قامت معهما بدور الأب والأم وربتهما علي القيم والمبادئ.. وطلعتهم رجالة محترمين» ....................................... ؟ أبنائي ضياء الدين وعلاء الدين.. الأول مهندس مدني.. تزوج مثلي زواجا تقليديا من ابنة أحد أصدقائي ودفعتي.. ولديه نور 12 سنة وهي بطلة الجمهورية في السباحة.. وعلي 9 سنوات «لسه بيحاول يبقي بطل». أما ابني الثاني علاء فهو مهندس عمارة.. لكنه فنان موهوب يعمل في الديكور والرسم.. وقد أخذ موهبة الرسم عن والدته.. وقد تزوج موهوبة مثله.. خريجة فنون جميلة.. وهي ابنة اللواء طه المجدوب أحد العقول التي خططت لحرب 1973 .. ولديهما أمينة عمرها عام واحد.. وعلاقتي بأحفادي علاقة صداقة قوية.. لكني للأسف لا أراهم كثيرا بسبب تدريباتهم الرياضية المستمرة.. «علي فكرة أنا باحب ألبس الجلابية في البيت.. لكن مقدرش ألبسها قدام أحفادي لأنهم بيتخضوا منها» . ....................................... ؟ الصداقة بالنسبة لي شيء مهم جدا.. ولدي أصدقاء كثيرون من زملاء الجيش القدامي.. ومن خارج الجيش.. وأقضي أسعد أوقاتي مع أصدقائي.. حيث نلتقي أسبوعيا منفردين أو مع عائلاتنا.. نتناول الغذاء ونتحدث في كل الموضوعات .. وكثيرا ما يتولي عديلي اللواء إبراهيم البحبوحي تنظيم العديد من هذه اللقاءات . ....................................... ؟ الجيش هو المدرسة التي أعطتني مفاتيح النجاح.. فالجيش يعلم كيف تؤدي المهمة وتنجح.. والروشتة الأساسية في تحقيق هذا النجاح هي البشر والإصرار والحسم في تطبيق القواعد علي الجميع.. فأنا مثلا منذ توليت الجهاز رفضت فكرة تعيين أبناء العاملين لمجرد أنهم أبناء العاملين.. ووضعت معايير للتعيين طبقتها علي الجميع حتي أنا.. فلم أعين واحدا لأنه معرفتي .. والحمد لله نجحنا في تطوير الجهاز وأصبح كل المتخصصين يثقون في بياناتنا.. لكني مع ذلك غير راضٍ عن مستوي استخدام هذه البيانات.. فالأمر لايزال يتفاوت طبقا لشخصية المسئول أو مجتمع الأعمال. ....................................... ؟ لا أتخيل أن أبقي في البيت بلا عمل.. وبعد انتهاء خدمتي بالجهاز سأبحث بإذن الله عن عمل يشغلني في مجال المجتمع المدني والعمل الأهلي مثلا.. وأنا أؤمن أن التعليم والعمل ليست لهما سن.. فالإنسان يظل يتعلم حتي نهاية حياته.. ويظل يعمل طالما لديه الصحة.. «علي فكرة..أنا طول عمري كان نفسي أتعلم الموسيقي لكني لم أجد الفرصة..علشان كده ناوي أتعلم عود أو كمانجة بعد ترك العمل.. وعلي فكرة ده مش مستحيل.. وقدوتي هو صديقي عادل البسيوني اللي عايش في جنيف.. واللي بعد المعاش اتعلم الرسم في مدرسة متخصصة.. ودلوقت بيعمل معارض.. آخرها كان معرضاً في الأوبرا» . ....................................... ؟ أحلم أن أري بلدنا في المكانة التي يستحقها.. وأن يعود المصري لطبيعته الجميلة.. بعد أن تراجعت شخصيته كثيرا من حيث القيم والأخلاق وتقديس العمل . أما علي المستوي الشخصي.. فأتمني أن يعطيني الله العمر علي قدر الصحة.. حتي لا أحتاج لأحد .