اليوم الثلاثاء يمر 22 عاما علي استرداد طابا آخر بقعة في سيناء يتم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي بعد أن حاولت إسرائيل الامتناع عن تسليمها باعتبار ان العلامة رقم 19 هي آخر نقطة علي خط الحدود الدولية الممتد من رفح شمالا حتي طابا جنوبا وأن مكان النقطة 19 في مكان آخر يسمح لها بضم منطقة طابا لتكون داخل حدودها إلا أن مصر اعترضت علي ذلك وطلبت الرجوع إلي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي ذكرت بأنه عند حدوث اختلاف في تنفيذها يتم حله عن طريق التفاوض أو التوافق أو التحكيم ورأت مصر التوجه إلي التحكيم مباشرة بعد فشل التفاوض الذي استمر مدة طويلة دون نتيجة تذكر. وبعد مناوشات ومحادثات عدة اقتنع الجانب الإسرائيلي بالتوجه إلي التحكيم. وبدأت عملية الإعداد للتحكيم بتشكيل لجان لوضع مشارطة التحكيم وأسلوب العمل أثناء بحث وعرض الموضوع علي قضاة التحكيم. واستقر الرأي في النهاية علي تشكيل محكمة من 5 أعضاء ثلاثة منهم من المحكمين الدوليين وواحد من إسرائيل وآخر من مصر... ووضع أثناء التوقيع علي مشارطة التحكيم الإجراءات التي تتبعها المحكمة التي نصت علي زيارة هيئة المحكمة لمناطق علامات الحدود المتنازع عليها »ومنها العلامة 19 الخاصة بطابا« والاستماع لشهود الطرفين واستجوابهم والمرافعات الشفوية لدفاع كل من الطرفين ثم تعقد هيئة المحكمة جلسات للمداولة قبل أن تصدر حكمها.. وبدأت مصر تقديم مذكرتها الأولي في 31 مايو 7891 شاملة 008 صفحة تناولت كل شيء بدءاً من نشأة النزاع والخلفية التاريخية وسؤال التحكيم ورؤية الدفاع المصري لاختصاص المحكمة ودورها والحجج والأسانيد القانونية لكن الجانب الإسرائيلي كان أسلوبه الانتظار حتي تقدم مصر مذكرة الدفاع الأولي ويطلع عليها ثم يرد بكل ما يستطيع في مذكرته الثانية.. ولذلك جاءت مذكرة الدفاع الإسرائيلي الأولي في نحو 002 صفحة بملاحقها خالية من أي حجج أو أسانيد قوية لكن إسرائيل في مذكرتها المضادة والإضافية فشلت تماما في الرد المقنع علي المذكرات المصرية. وفي 41 مارس 8891 بدأت المرافعات الشفوية في مرحلتها الأولي ثم في 11 ابريل 8891 في مرحلتها الثانية وتظهر مصر في دفاعها بالحجج القانونية والشواهد والخرائط تؤكد موقع النقطة 19 الخاصة بطابا واستمعت المحكمة إلي 31 شاهدا من الجانب المصري و3 شهود فقط من الجانب الإسرائيلي.. وفي النهاية بعد التصويت علي الحكم بين أعضاء المحكمة الخمسة تم إعلان الحكم يوم الخميس 92 سبتمبر 8891 وبذلك انتهت المحكمة خلال 22 شهراً من المرافعات والأوراق المقدمة من الطرفين إلي أحقية مصر بطابا. وكانت صدفة إلهية أن يتزامن صدور الحكم بأن طابا مصرية مع عيد الغفران الإسرائيلي »عيد كيبور« وهو اليوم الذي بدأت فيه مصر حربها لتحرير سيناء في 6 أكتوبر عام 37 الذي فيه »عيد كيبور بالتقويم العبري« وخلال المدة من 92 سبتمبر 8891 وحتي يوم 51 مارس 9891 تم تسوية الموضوعات العالقة بين مصر وإسرائيل ورفع علم مصر فوق النقطة 19 الساعة الثانية عشرة ظهرا وعادت طابا إلي أحضان مصر وإلي الأبد.