كانت عقارب الساعة تشير إلي الواحدة والنصف بعد منتصف ليل السبت 21 مارس، حين غادر اللواء طارق مهدي ماسبيرو، بعد أن قضي نحو 61يوما حافلة، منذ وصل المبني لأول مرة يوم الجمعة 52 فبراير الماضي. ...................................... في القوات المسلحة، للدقيقة ثمن.. ومنذ البداية، كان المجلس الأعلي واضحا ودقيقا، فوجوده مرهون بفترة انتقالية، يتم خلالها إنجار مهام بعينها، وإذا ما تم الانجاز قبل الزمن المقرر، فالمبدأ الاخذ بالفترة الاقل، وليتسلم الاجدر مسئولية العمل الوطني. المبدأ امتد ليشمل كل المجالات، دون استثناء، من ثم فان وصول اللواء طارق مهدي إلي مبني ماسبيرو كان لانجاز مهمة مزدوجة: الشق الأول يتعلق بالتعامل الجاد مع عناصر الازمة التي قادت لاحتقان شديد كان واضحا للجميع. أما شقها الثاني فكان مرتبطا بتحقيق الانضباط في إداء الشاشة، والميكرفون، وصولا الي ضبط كل جوانب العمل في جميع انشطة اتحاد الاذاعة والتليفزيون، وفق رؤية محددة. كان المدي الزمني المحدد لممثل المجلس الأعلي في ماسبيرو شهران بحد أقصي، وكان يسعي لانجاز المهمة المطلوبة في اقل مساحة زمنية ممكنة، ليتم فور ذلك تسليم المسئولية لأهل الخبرة، ولا مانع من تكليف أحد الكوادر المحسوبة علي التكنوقراط بالعمل جنبا إلي جنب مع ممثل الجيش، فلا تعارض بأي حال، لأن مهمة اللواء مهدي تتعلق بالدعم والضمان الكاملين لتفكيك عناصر الازمة في بعديها التنظيمي والاعلامي، ووفق التزام واضح بالمعايير المهنية عند التعامل مع أيٍ من عناصر الازمة. عصر الخميس 3مارس صدر قرار بتعيين د. سامي الشريف رئيسا لاتحاد الاذاعة والتليفزيون وكان القرار خطوة تترجم عمليا رغبة المجلس الاعلي في الاعتماد علي أهل الخبرة، وهو التوجه الواضح منذ البداية، ولم يقتصر علي الاعلام وحده، لكنه شمل جميع المواقع. وحين وصل الشريف إلي ماسبيرو السبت 5 مارس ، اعلن ان مهمته ترتيب البيت من الداخل، غير ان تكليفه اكد ان عسكرة الاعلام ليست علي أچندة الجيش، الأمر الذي أكده اللواء طارق مهدي قبل وبعد تعيين الشريف اكثر من مرة. وتستطيع »الأخبار« التأكيد علي أن ممثل المجلس الأعلي أفصح عن رغبته في ضغط المساحة الزمنية لمهمته، خاصة بعد ان خفض الانفاق بقيمة 58 مليون جنيه،في أقل من أسبوع ثم البدء في اعداد لائحة موحدة وعادلة للأجور، وامتصاص الغضب الموجود في المبني، من خلال لقاءات عديدة وموسعة شملت جميع قطاعات الاتحاد. بالامكان التأكيد -ايضا- علي ان ثمة ربط يجانبه ، الصواب بشأن ما أثير حول وجود صدي لاعتصامات الاقباط امام ماسبيرو علي قرار انهاء مهمة اللواء مهدي ، الذي بذل جهودا متكررة لامتصاص احتقان المعتصمين، من خلال الحوار معهم، لان مهمته الاساسية كانت تتعلق باحوال المبني ، وليس ما يدور خارجه. ومن كواليس ماسبيرو بدأت تسريبات حول »تفضيل« د. سامي الشريف لاطلاق يده، والعمل بمفرده، ومنحه فرصة كاملة لتسيير الأمور، ولعل ذلك تلاقي مع رغبة المجلس الأعلي من ناحية، ورغبة ممثله اللواء طارق مهدي من ناحية أخري، في تسليم المسئولية الي أهل الخبرة، لاسيما أن العمل والتحرك المكثفين خلال 61 يوما، كانت كافية لوضع العلامات الارشادية التي تضمن انه لاعودة لمرحلة ما قبل ثورة 52 يناير في ماسبيرو علي كل الاصعدة والمستويات. من ثم جاء قرار المجلس الاعلي للقوات المسلحة بانهاء مهمة ممثله في ماسبيرو، واسناد المسئولية تماما للدكتور سامي الشريف الذي التقي اول امس ببعض اعضاء المجلس الاعلي حيث عرض رؤيته امامهم وكان ذلك تمهيدا لعملية التسليم والتسلم التي تمت عصر السبت الماضي ، وفقا للاعراف والتقاليد التي تحرص عليها القوات المسلحة اينما كُلف أحد قياداتها أو تشكيلاتها بمهمة. والآن أصبحت الكرة في ملعب التكنوقراط وأهل البيت، وأصبح ماسبيرو بالتالي علي أعتاب مرحلة فاصلة، فهل ينعكس ذلك بصورة ملموسة علي الأداء الاعلامي خلال المدي المنظور؟ ثمة مؤشرات أولية تؤكد أن المسألة ليست بالسهولة التي يتصورها فريق المتفائلين، ولعل تحرك المئات من العاملين في ماسبيرو للاحتجاج علي مغادرة اللواء طارق مهدي، واعلان تحفظهم بشأن رئيس الاتحاد المعين تعني أن اتحاد الاذاعة والتليفزيون تنتظره أياما صعبة!