يبدو أنه الشعار الذي ترفعه الشرطة عملياً، لأن شعار «شرطة الشعب» المكتوب علي سيارات الداخلية مجرد دخان في الهواء، لا دليل يؤكده، ولا ممارسات تُفعله، ولا سياسات وبرامج من شأنها إرسال خطاب واضح للرأي العام مفاده أن الفلسفة الأمنية تغيرت! حكاية «التجاوزات الفردية» التي تلجأ إليها التصريحات الرسمية لتبرير هواية بعض الأفراد والأمناء في القتل، أو تورط بعض الضباط مع عصابة الدكش في «بيع زملاء السلاح»، تلك الحكاية أصبحت ممجوجة ولا تصلح لإقناع طفل. صدامات مع العمال، والأطباء، والمحامين، وأخيرا الصحفيين و... و... تجاوزات في حجز الأقسام، وفي مواقع تلقي البلاغات و... و... أزمات وراء أزمات تدلل علي غياب استراتيچية أمنية تتمحور حول بلورة صورة جديدة مغايرة للأداء الأمني بعد درس 25 يناير. مازالت ذات العقلية ما قبل الثورتين مسيطرة، وموجهة للأداء والأفعال، ومازالت النظرة الفوقية إزاء الجميع باعتبارهم عبيد إحسانات البشاوات، هي هي لم تتغير قيد أنملة. الأحداث الأخيرة خلال فترة لا تتجاوز عدة أسابيع تؤكد أن القادم سوف يكون أخطر، إذا ما استمر الأداء علي النحو الذي يعاني منه الجميع، وبات منطقيا عدم إمكانية الرهان علي اعتماد «التلصيم» و«الترقيع» كعلاج مؤقت. لا سبيل إلا التطهير، وإعادة هيكلة حقيقية، تمهيدا لحرث التربة، لتشييد بناء أمني وإصلاح فعلي للشرطة، وكل ذلك لا يتم في الفراغ، ولكن في إطار بيئة وإرادة سياسية تتبني هذه الرؤية فعليا.