قبل أيام كنا نحتفل بالعيد الماسي لنقابة الصحفيين.. اجتمع الصحفيون في نقابتهم ووراءهم 75 سنة من النضال النقابي العظيم، ومن التضحيات الغالية التي قدمتها أجيال وراء أجيال في سبيل الحرية، ومن أجل حق الشعب في صحافة مستقلة لا ولاء لها إلا للوطن.. وللقاريء. 75 سنة ظلت فيها النقابة تحافظ علي تاريخ الصحافة المصرية الطويل وكفاحها الرائع وهي تحمل هموم الوطن وآماله، وتنشر قيم الحرية والعدالة والفكر المستنير.. وتحارب كل خفافيش الظلام ورعاة الفتنة وأعداء الديمقراطية والمتآمرين علي الوطن. بالأمس شاركت وزارة الداخلية في الاحتفال (!!).. أقتحم بعض رجالها مبني النقابة بدعوي القاء القبض علي صحفيين صادر بحقهما أمر ضبط وأحضار!! كارثة بكل المقاييس، وجريمة في حق الوطن لم تشهدها النقابة علي مدي تاريخها، رغم معارك ضارية خاضتها النقابة ضد محاولات عديدة لضرب حرية الصحافة.. فإذا بها تقع ونحن نبني نظاماً صحفياً جديداً، وننتهي من مشروع قانون يضمن استقلال الصحافة والإعلام، ويترجم مواد الدستور المنحازة للحريات إلي واقع يحكمه القانون وحده، ويعبر عن ضمير مصر بكل أمانة - وبانحياز كامل للوطن. كارثة بكل المقاييس.. لأن ما وقع هو أكبر إساءة للنظام، ولأنه يكشف إلي أي مدي يمكن أن تأخذنا العقلية الأمنية حينما تعمل في غيبة السياسة، وبعيداً عن إدراك أن نقابة الصحفيين هي قلعة الحريات وليست ملاذا للهاربين من العدالة.. كما يزعم سلاح الدببة الذي يتوهم أنه بالعداء للنقابة وللحريات.. يسدي خدمة للنظام (أي نظام!!) فتكون النتيجة هي الكارثة التي ينبغي أن نتكاتف جميعاً لمنعها.. ولو كره «سلاح الدببة» والمتآمرون!! في غيبة السياسة.. لن يدرك بعض المسئولين خطورة ما حدث في واقعة اقتحام نقابة الصحفيين للمرة الأولي في تاريخها. لكننا نعرف تاريخ النقابة وتاريخ الوطن، وندرك مأساة ان تغيب السياسة ويغيب معها إدراك النتائج الكارثية لما حدث بانتهاك قلعة الحريات ومنارة الاستنارة. يتوحد الصحفيون في مواجهة الكارثة، معهم كل القوي السياسية والفكرية التي تدرك عواقب اقتحام نقابة الرأي والحريات. وتأمل أن يكون تصرف القيادةالسياسية علي قدر الخطر، وأن يدفع المسئولون عن «الجريمة» التي وقعت باقتحام النقابة ثمن جريمتهم. وأن يكون هذا هو الفاصل بين ما نرجوه من حريات، وما يسعي إليه أعداء الوطن وسلاح الدببة من قمع واستبداد وتفجير للاستقرار، واستهداف لثورتين عظيمتين فتحا الباب لبناء مصر التي نتمناها. عاشت حرية الصحافة تحميها وحدة الصحفيين، ودعم كل قوي الثورة وكل الساعين لوطن تحكمه قيم العدالة والحريات.