أفسدت وزارة الداخلية، ليس علي الصحفيين فقط بل علي كل مصري، فرحة الاحتفالات بعيد العمال وفرحة الاحتفالات بأعياد الربيع مثلي مثل كل الصحفيين في مصر، عشت صدمة مروعة من جراء ما شاهدته مساء أمس الأول من اقتحام قوات الأمن بوزارة الداخلية لمقر نقابة الصحفيين، توقف لساني عن الكلام وجحظت عيناي أمام شاشة التلفاز غير مصدقة ما أراه، إنها المرة الأولي منذ نشأة نقابة الصحفيين من 75 عاما، وبعد أيام قليلة من احتفالات النقابة باليوبيل الماسي، وقبيل ساعات قليلة من الاحتفالات باليوم العالمي لحرية الصحافة، لا يهمني سبب الاقتحام لأنه سبب تافه يعيدنا للوراء عهوداً طويلة، ما يهمني سابقة الاقتحام نفسها، ولذا فالمطالبة بإقالة وزير الداخلية من جراء ما حدث من اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة، وحدها لا تكفي، نعم نكررها الإقالة وحدها لا تكفي، لابد من المحاسبة، فليس وزير الداخلية بأفضل من رؤساء دول تمت محاسبتهم علي أخطاء اقترفوها في حق الشعب والوطن، نعم اقتحام نقابة الصحفيين أيا كانت صورة الاقتحام، مخالفة صريحة لمواد الدستور، ومخالفة صريحة لكل الأعراف السياسية والدولية، وإهانة لكل مصري وإهانة للأرض والوطن، وإهانة لشهدائنا من ضباط وأفراد الشرطة الأبرار الذين استشهدوا طوال الثلاث سنوات الماضية دفاعا عن الوطن من الإرهاب، خاصة وأن الاقتحام تم للقبض علي اثنين من الزملاء ليس بسبب جريمة اقترفاها، ولكن لقضية رأي..! وكأننا لم نعش ثورتين أردنا منهما التخلص من كل أخطاء الماضي الأليم، وزارة الداخلية إذن مثلها مثل هؤلاء الأشخاص الذين يرفعون قضايا الحسبة، ويريدون تكميم أفواه أصحاب الرأي، ماذا تريد وزارة الداخلية، لماذا تصر علي العودة لأنظمة الماضي البائد؟، لا تقولوا لي إن ما حدث تصرف فردي ولا يجب تعميمه، هنا لا أتحدث عن أفراد، بل أتحدث عن نظام تعيشه الوزارة، نظام يسمح لأفراد الشرطة بتخطي القوانين والضرب بها عرض الحائط، والمفروض أنهم هم من ينفذون القانون، لا تقولوا لي كما قال البعض أن وزير الداخلية لم يكن يعرف، ففي الحالتين سواء كان يعرف أو لا يعرف فالمصيبة أعظم من معرفته أو جهله بالأمر، والمطالبة بإقالته فقط لن تحل المشكلة، لأن نظام العمل بالوزارة قائم ولم يتغير، والمحاسبة عقب الإقالة هي الأهم وتغيير أنظمة العمل بالوزارة أهم وأهم، وإلا سينفلت الأمر وتصبح النقابات الأخري عرضة للإقتحام ومستباحة لمجرد الاختلاف في الرأي، إن ما حدث يعد ضربة قوية للنظام وإحراجه ليس أمام الشعب المصري فقط بل أمام العالم أجمع، بعد أن باتت وزارة الداخلية تتصرف وكأنها خارج سلطة الدولة وفوق القانون، وأصبحت تصرفاتها علي مدي الشهور السابقة تؤجج حالة التوتر الداخلي لوطن يواجه كثيرا من التحديات الخارجة، لقد أفسدت وزارة الداخلية، ليس علي الصحفيين فقط بل علي كل مصري، فرحة الاحتفالات بعيد العمال وفرحة الاحتفالات بأعياد الربيع. لقد أثلج صدري وصدور الصحفيين، البيان الصادر من مجلس نقابة الصحفيين أمس الأول، وهو البيان الذي جمَع كل الصحفيين في مصر علي قلب رجل واحد، وأثبت أن كرامة الصحفي من كرامة نقابته التي ظلت علي الدوام قلعة للحرية ومنارة للوطنية المصرية، فتحية لنقيبنا الهمام ولكل أعضاء المجلس الذين أثبتوا جميعاً أنهم أهل للمسئولية التي أعطيناها لهم.