تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 24 مايو 2024    وفاة إيراني بعد سماعه نبأ تحطم مروحية رئيسي، والسر حب آل هاشم    بايدن: لن نرسل قوات أمريكية إلى هايتى    وزير خارجية السعودية يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء فلسطين الأوضاع فى الضفة وغزة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    محمد عبد المنصف: الأهلي «عمل الصح» قبل مباراة الترجي    سيد معوض يكشف عن روشتة فوز الأهلي على الترجي    طقس بورسعيد.. ارتفاع في نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة 23.. فيديو وصور    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    الطفل سليم يوسف لمنى الشاذلي: دموعى فى مسلسل بدون سابق إنذار طبيعية    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    تفاصيل العثور على مومياء داخل شوارع أسوان    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    10 شهداء بينهم أطفال ونساء جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في قطاع غزة    سقوط سيارة ملاكي في ترعة بطريق "زفتى - المحلة" (صور)    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    هشام ماجد: "هدف شيكابالا ببطولة أفريقيا اللي الأهلي بياخدها"    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    «الوضع الاقتصادي للصحفيين».. خالد البلشي يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي يكشف تعليمات طلعت يوسف للاعبي فيوتشر قبل مواجهة الزمالك    "فوز الهلال وتعادل النصر".. نتائج مباريات أمس بالدوري السعودي للمحترفين    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    يمن الحماقي: أتمنى ألا أرى تعويما آخرا للجنيه المصري    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    حزب الله اللبناني يعلن استهدف جنود إسرائيليين عند مثلث السروات مقابل بلدة يارون بالصواريخ    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    طريقة الاستعلام عن معاشات شهر يونيو.. أماكن الصرف وحقيقة الزيادة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مصر إلي أمريكا: جامعة «كالتك» .. جائزة نوبل .. ومشروع مصر القومي للنهضة العلمية
نشر في الأخبار يوم 28 - 04 - 2016

رغم نشأته في مصر، كيف استطاع هذا الصبي الذي لم يسمع أبدًا من قبل عن أهمية جامعة كالتك (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا) أو جائزة نوبل، علمًا بأنه كان الأول علي تلاميذ صَفِّه في نظام تعليم استثنائي أن يصل إلي ذروة المعرفة العلمية، وشرف نَيْل جائزة نوبل، وأن يمتد شغفه إلي مساعدة الفقراء، وينجح بعد 15 عامًا من تَخَطِّي الكثير من العقبات البيروقراطية في بناء مؤسسة رفيعة المستوي من الطراز الأول، تصبح بعد ذلك مشروعًا قوميًَّا لمصر، ألا وهي مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا؟
في أغسطس عام 1969، وَصَلْتُ إلي الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت قريب من وقت هبوط العالِم نيل أرمسترونج علي سطح القمر. كانت الولايات المتحدة متفوقة علي جميع الدول بابتكاراتها التي كانت تحصل علي نصيب الأسد من جوائز نوبل. لكنّ أهدافي كانت تقتصر علي الحصول علي درجة الدكتوراة من جامعة بنسلفانيا، والإنتهاء من زمالة ما بعد الدكتوراة، وشراء سيارة أمريكية كبيرة، والعودة إلي مصر بعد ذلك لمنصب محجوز لي، قد حصلتُ عليه في جامعة الإسكندرية. ومع ذلك، فإن منصبي كمدرس في كالتك غَيَّر مسار حياتي.
صحيحٌ أنني جئتُ من أرض الحضارة، التي أنجبَتْ مكتبة ومتحف الإسكندرية. وتلقيت دراستي الجامعية في جامعة الإسكندرية، حيث كان مولدي في مدينة دمنهور التي تبعد 60 كم فقط عن الإسكندرية. وعِشْتُ في مدينة دسوق علي مقربة من المكان الذي اكتُشِفَ فيه حجر رشيد، حيث كان كلٌّ من جان فرانسوا شامبليون، وتوماس يونج وهو فيزيائي، ولُغَوِيّ في سباق لاكتشافه. وكانت مصر أيضًا موطنًا لأول جامعة في العالم الحديث، ألا وهي جامعة الأزهر الشريف، التي تأسست خلال عامي 970-972 م، بالإضافة إلي جامعة القاهرة التي تأسست قبل قرن من الزمان.
مصر صاحبة حضارة أضاءت للعالم وستتبوأ مكانتها مجددا
عكست دراستي في الستينات تقاليد تلك الفترة التاريخية، وكانت رائعة بالفعل. ولكن في السنوات الخمسين الماضية، تدهوَر التعليم والبحث العلمي والتطوير في مصر، بسبب الإهمال والتقصير من قِبَل الجهات المختصة. واليوم،أصبحت مصر خارج قائمة أفضل 100 دولة في مجال التعليم، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة. بعد أن وصل عدد سكان مصر إلي 90 مليون نسمة، وأكثر من ثلث هذا الرقم من فئة الشباب، وهو ماينبغي أن تكون معه مصر رائدة في المنطقة العربية في مجال التعليم.
بمجرد وصولي إلي كالتك للعمل هناك كمدرس، حلمتُ بوجود مؤسسة علمية مماثلة في مصر، ولكنْ كان عليَّ أن أبدأ أولًا بالبحث والتطوير اللَّذَيْن أحبهما. وفي ذلك الوقت، لم أكن قد انخرطتُ بعد في الشئون الدولية، ولم يكن زعماء العالم ليأخذوني علي محمل الجد.
في كالتك كانت هناك قوة غير عادية من الفكر دعمها وجود حرم جامعي يكتظ بالحائزين علي جائزة نوبل، ومن بينهم: ريتشارد فاينمان، وموري جيلمان، وروجر سبيري، وكارل أندرسون، وغيرهم كثيرون. وعلي سبيل المثال، اكتشف مارتن شميت النجوم الفلكية البعيدة، وتم اختراع مقياس ريختر هنا في كالتك، وتم تحديد عمر الأرض (4.5 بليون سنة) هنا من قِبَل كلير باترسون. وقد زاد من إحساسي بالخوف وقتئذٍ تلك القائمة اللامعة البارزة من خريجي كالتك، مثل جوردون مور، وويليام شوكلي، وتشارلز تاونز، ولينوس بولينج. كل هذه الإنجازات تُعتبر فريدة من نوعها لمؤسسة بحثية تضم 300 عضو هيئة تدريس؛وكانت سببًا في اتخاذي قرار الانضمام إلي هيئة التدريس في كالتك، وتفضيله علي أماكن أخري عديدة تلقيت منها عروضًا، مثل: هارفارد، وشيكاغو، ورايس، ونورث ويسترن.
أسعي لتوفير مناخ
كالتك في مدينة زويل
في 26 فبراير 2016، احتفلت جامعة كالتك بمرور 40 عامًا علي إسهاماتي في العِلْم والشئون الدولية. وتزامن عيد ميلادي السبعين مع هذا الحدث. وقد أرتأي رئيس كالتك، توم روزن بوم وأنا معه أن يكون عنوان مؤتمر الحفل «العِلْم والمجتمع»، وذلك لأنني بعد أن حصلتُ علي جائزة نوبل في عام 1999؛ أصبحت مشارِكًا في الشئون العالمية علي نطاق واسع. حضرالمؤتمرخمسة من الحائزين علي جائزة نوبل، وهم: ديفيد بالتيمور، وروجر كورنبرج، وويليام فيليبس، ومايكل سبنس، وأنا. وكان هناك من العلماء البارزين جيف كيمبل، وشارل إيلاشي، حيث تَحَدَّثَا عن آخر ما توصلت إليه المعرفة المستقبلية في مجال العلوم، والفضاء، والاقتصاد، وغيرها من الموضوعات.
كانت هناك شخصيتان رائدتان في الجلسات الصباحية والمسائية في المؤتمر، هما: بيتر ديرفان، وناثان جاردلز، حيث تَوَلَّيَا تقديم المتحدثين في المؤتمر، وإلقاء تصريحات عامة. وقد حضر هذا المؤتمر أكثر من 1200 شخص، وقام كل من رئيس كالتك، ورئيس المجلس، ورؤساء الأقسام بإلقاء ملاحظات تمهيدية متعلقة بارتباطي القويّ بالجامعة العريقة، وبالأبحاث التي أنجزتها بالتعاون مع مجموعتي، واهتمامي الصادق بالشئون العالمية.
وبالمقاربة الملهِمة مع بنجامين فرانكلين، ولينوس بولينج، قدم لي رئيس مجلس الجامعة الكتاب الوحيد الذي كتبه فرانكلين عن دوره كعالم ورجل دولة، والذي وَقَّعَ عليه رؤساءكالتك، وهم: هارولد براون، وتوماس إيفرهارت، وديفيد بالتيمور، وجان لو شامو، وتوماس روزن بوم.
نوبل لم تكن نهاية المطاف والعلم لا حدود له
بدأتُ الجلسة الافتتاحية بإعطاء محاضرة بعنوان «كالتك: وجهة نظر شخصية». في تلك المحاضرة ألقيتُ الضوء علي كيف استطاع مدرس في كالتك في سنواته العشر الأولي إجراء الأبحاث مع مجموعته، والحصول علي جائزة نوبل بسببها، ومنصب دائم بعد عامين فقط من التعيين.وقَدَّمْتُ أيضًا كيف استطعنا في مرحلة ما قبل نوبل زيادة دقة الوقت لجزء من المليون من المليار من الثانية (الفيمتو ثانية)؛ لتسجيل فعاليات تحدث علي مستوي المقياس الذري في الوقت المناسب. وقد تم تمويل هذا البحث من قِبَل كالتك، والحكومة الأمريكية.
في مرحلة ما بعد نوبل، استطعنا الوصول إلي علم جديد عن طريقه يمكن تحديد المكان والزمان، لتمكين تَصَوُّر الهياكل في الفضاء (بالنانومتر، أو أقل) وفي الوقت المناسب (الفيمتو ثانية، ويُحتمَل أن تكون أتوثانية)وأطلق علي هذا العلم الجديد اسم التصوير الإلكتروني المجهري رباعي الأبعاد . وقد تم تمويل هذا البحث من قِبَل كالتك،والحكومة الأمريكية، ولكن الأدوات الرئيسية تم تمويلها ودعمت بسخاء من قِبَل مؤسسة مور.
رغم كل ما حققت يبقي حلمي الأكبر نهضة مصر علميا ونجاح مشروعها القومي
وبعد ذلك، قمتُ باستعراض أنشطة الشئون الدولية التي أشارك بها، مثل نشاطاتي في المجلس الاستشاري للرئيس أوباما للعلوم والتكنولوجيا، ومجلس مستشاري الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونشاطاتي كمستشار العلوم والتكنولوجيا للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. كما تحدثت عن منصبي كأول مبعوث للعلوم في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وربما كانت المهمة المجزية والأكثر تحديًا في حال نجاحها هو إنشاء مدينة زويل (مشروع مصر القومي للنهضة العلمية)، مع وجود الأمل في أن تصبح كالتك الشرق الأوسط.
علي المرء أن يسأل وهذا ما فعلته ما الذي يجعل من كالتك مكانًا فريدًا، وكيف يصبح المرء «مواطنًا عالميًّا؟» علي صعيد العلم، أصبحت الإجابة واضحة مع مرور الوقت. إنّ «إحداثيات كالتك» ثلاثة: السماء هي الحَدّ الذي نطمح إليه، وتقدير البحث الذي يحركه الفضول، والدعم الفكري والتقني الذي في رأيي متواجد بوفرة. وهذا الشعور بأن السماء هي الحدّ الذي نطمح إليه يأتي من الجو العام الذي وَضَعَتْه الإدارة، ويعود إلي حكمة روبرت ميليكان، الذي كان أول رئيس للمجلس التنفيذي. أمّا عن تقدير البحث الذي يحركه الفضول،فهو تقليد في كالتك، ولم يُطْلَب مِنِّي أبدًا تبريرسبب عملي في مناطق ليس لها صلة وثيقة ومباشرة بما أقوم به. لكنه أمر كان محط أسئلة الحكومة الأمريكية!
يجتمع رئيس المجلس الحالي مع أعضاء هيئة التدريس في كالتك دوريا علي الغداء، أول تناول القهوة، لمعرفة المزيد عن أبحاثهم واحتياجاتهم. كما يستقبل كالتك أفضل طلاب الدراسات العليا والباحثين، وهذا أمر ضروري لإجراء الأبحاث، والتعرف علي أقصي ما وصل إليه العلم في مجال البحث. ولأنّ زملاءنا وأعضاء هيئة التدريس ذوو شهرة عالمية، فقد استفدتُ من ثراء فكري واسع في الحرم الجامعي. ولذلك يمكنني علي سبيل المثال تناول الغداء مع ديفيد بالتيمور، للتعرف علي الفيروسات، أو بيتر ديرفان، للاستماع إلي وجهة نظره عن الوسطيات العابرة في التفاعلات الكيميائية، أو جيف كيمبل، لتبادل الأفكار حول تفاعلات مسألة الفوتون. وتستمركالتك في المحافظة علي هذه التقاليد، ويمكننا أن نري ذلك في إعلانات هذا الشهر عن موجات الجاذبية والكوكب الجديد، المسمي بالكوكب التاسع.
لا سقف لطموحنا وسنبني قاعدة علمية حديثة في مصر تنقلها إلي إقتصاد المعرفة
علي صعيد الشئون العالمية، هناك تحديات ضخمة، ولكن العائد خاصةً للفقراء هائل. أنْ أكون مستشارًا علميًّا لثلاثة من أقوي زعماء اليوم، هو أمر مُرضٍ حقًّا، بسبب الرسالة والأهداف التي أسعي إلي تحقيقها، وهي: المساعدة في النهوض بالتعليم،والبحث العلمي، والسلام. بالرغم من ذلك، بناء قاعدة علمية حديثة في مصر يتمثل في العمل علي أرض الواقع،ويتطلب الصبر، والمثابرة، والنفوذ. ويبقي الهدف أن تشارك مصر في «اقتصاد المعرفة» في العالم، والحصول علي وضع جديد في مجال البحث، والتطوير،والتعليم. وهذا في رأيي من شأنه تسهيل عملية السلام في الشرق الأوسط.
تم التخطيط لفكرة مشروع مدينة زويل في عام 1999، وتقديمه إلي رئيس الجمهورية آنذاك، الرئيس حسني مبارك، ولكنْ لأسباب سياسية تَوَقَّف تنفيذ المشروع. وبعد ثورة يناير 2011، تم إحياء المشروع، وصدر مرسوم الحكومة المصرية بتأسيسه، باعتباره مشروعًا قوميًا للنهضة العلمية، وأُطلِقَ عليه اسم مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا. وتم افتتاح المدينة في نوفمبر 2011 في حرمٍ يقع علي مشارف القاهرة.
افتتاح عالمي للمشروع القومي قريبا بحضور الرئيس السيسي وكبار العلماء
يعد هذا المشروع مشروعًا فريدًا من نوعه في عدة جوانب. أولًا، تتلقي المدينة التبرعات من الشعب المصري، ومن الحكومة المصرية علي نحو لم يسبق له مثيل في مصر. وبعد ثورة 30 يونيه 2013 كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسُ الجمهورية الهيئةَ الهندسية للقوات المسلحة أن تكون مسئولة عن بناء الموقع الجديد للمدينة علي مساحة 200 فدان وقريبا سوف تتم مراسم افتتاح عالمي للمقر الجديد للمدينة بتشريف الرئيس السيسي وأعضاء مجلس الأمناء من كبار العلماء والشخصيات الدولية. ثانيًا، تم إصدار قانون خاص بمدينة زويل في عام 2012، يسمح لها بحُكْم مستقل من قِبَل مجلس الأمناء. وثالثًا، تضم المدينة ثلاثة هياكل أساسية مترابطة، هي: الجامعة، والمعاهد البحثية، وهرم التكنولوجيا، مهمتها توفير تعليم عليأحدث الطرز العالمية، وكذلك البحث العلمي، والتأثير الصناعي. وكما ذُكرت سابقًا، فإنّ الهدف هو بناء قاعدة علمية حديثة في قطاع الصناعة المتقدمة، والحَدّ من هجرة الكفاءات في المجالات العلوم والهندسة.
الجامعة تقدم تعليما راقيا وحديثا بمعايير دولية لإعداد جيل قادر علي النهوض بمصر
إنّ الغرض الأساسي من الجامعة هو جذب الطلاب الموهوبين من جميع أنحاء مصر، وتوفير المناهج الدراسية الفريدة لهم، التي صُمِّمَت خصيصًا لتوفير المعرفة في المجالات المتطورة للعلوم والهندسة. وتقدم تلك المناهج مفهوما جديدا يعتمد علي عدم اتباع النهج التقليدي والفصل بين التخصصات. بهذه الطريقة يتوفر للطلاب فرصة التعلم في نظام متعدد التخصصات. ففي السنة الأولي من فتح باب القبول بالجامعة، تَقَدَّم 6000 طالب للالتحاق بالجامعة، وتم قبول 300 طالب، بمعدل قبول قدره 5٪، علي قدم المساواة مع جامعة هارفارد، وجامعة ييل.
المعاهد البحثية بالمدينة تسعي جاهدة للتوصل إلي حلول علمية لقضايا المجتمع المصري
والفرع الثاني للمدينة يتمثل في معاهد بحثية يندرج تحتها مراكز بحثية في مجالات تُعتبر في طليعة العلوم والهندسة. وتُعطَي الأولوية للأبحاث وثيقة الصلة بشكل خاص بتلبية الاحتياجات الوطنية. يعد نطاق الأبحاث التي يعمل عليها علماء مدينة زويل نطاقًا واسعًا، ينطلق من العلوم الطبية الحيوية، التي تُعتبر مهمة للتخفيف من حدة الأمراض في المنطقة، حتي البحث والتطوير في مجالات معينة، مثل الطاقة الشمسية (وهي مصدر وفير للطاقة في مصر). وفي الوقت الحاضر، لدينا سبعة مراكز بحثية في الفيزياء الأساسية، وعلوم المواد، وتكنولوجيا النانو، والتصويرالميكروسكوبي، وعلوم الطب الحيوي، وغيرها. والكيان الأخير هو «هرم التكنولوجيا»، الذي يهدف إلي نقل الإنتاج من معاهد الأبحاث إلي التطبيقات الصناعية؛ للشروع في التعامل مع الجهات الحاضنة لهذا الإنتاج، وكذلك الشركات المستقلة، وجذب الشركات العالمية الكبري.
مصر قائدة للعالم العربي وستقوده علميا أيضا
لقد كانت مصر وما زالت قائدة العالم العربي. وسوف تؤدي ثورتها القادمة في مجال التعليم والثقافة إلي تغييرات كبيرة في دول عربية كثيرة. وعلي الرغم من أن دور القيادة هذا قد تراجع علي مدي العقود الثلاثة الماضية في عهد الرئيس مبارك، إلا أن مصر ما زالت لديها تاريخ وأساس، فضلًا عن عدد السكان والمؤسسات، لاستعادة القوة الطليعية للتحول الضروري. والأمل هو أن تدعم الصحوةُ السياسية في المنطقة «ربيع العِلْم» في الشرق الأوسط،حتي نتمكن من بناء مجتمع مبني علي المعرفة. إنّ اكتساب المعرفة هو المفهوم الذي نُسِج ضمن نسيج الإسلام، وكان سر نجاح امبراطوريّته منذ قرون. ولاستعادة مكانة اكتساب المعرفة في عالم اليوم، يجب أن يعود هذا المفهوم إلي الظهور، وأن يتم نقل الثقافة بطرق مبتكرة، لرسم مستقبل جديد وواعد، وهذا هو الهدف الأساسي لمدينة زويل.
لقد حالفني التوفيق في حياتي العلمية عندما التحقت بجامعة كالتك العريقة وعلي مدي 40 عامًا توجت بالحصول علي جائزة نوبل منفردا عام 1999، ومنذ ذلك التاريخ سعيت لتحقيق حلم نهضة مصر العلمية حتي جاءت السنوات الأخيرة لتشهد تحول الحلم إلي حقيقة واقعة من خلال مشروع مصر القومي للنهضة العلمية ( مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.