كوز من مياه الزير يروى عطش المارة فى شوارع اسوان عندما تأتي الساعة الثانية عشرة ظهرا تخلو شوارع مدينة أسوان من المارة حيث تصل درجة الحرارة في ذلك الوقت إلي 49 درجة مئوية، يختفي البعض داخل الحدائق العامة في حين يلجأ العشرات من الأهالي إلي ري ظمئهم بالمياه المثلجة، المقتدر منهم يشتري زجاجات المياه المعدنية المثلجة، اما العشرات من البسطاء فليس أمامهم سوي «الزير الفخاري» للشرب منه خاصة أن أسوان لم تعرف حتي الآن «المبردات الكهربائية». ولا يوجد ما هو أمتع من «شربة» ماء من تلك الأزيار، التي تأخذ مكانها عادة تحت ظلال الأشجار ويضرب فخارها تيارات الهواء، لتشرب منه ماء هنيئا مثلجا بطريقة طبيعية تحافظ علي البيئة والمشهد الجميل الذي رصدناه في أسوان ليس فقط تلك الأزيار، ولكن القائمين علي خدمة وملء مياهها والحفاظ علي نظافتها بصفة مستمرة. ومن أشهر الحدائق التي تزخر بأزيارها، حديقة ميدان الشهداء، علي بُعد خطوات من مبني ديوان عام المحافظة، حيث وضع فيها العاملون بالديوان سبعة أزيار. ومع بدء فصل الصيف بدأت الورديات تتوزع علي أبناء العاملين للاهتمام به ويقول لنا محمود أشرف «16 عاما»: الصيف بأسوان يبدأ مبكرا وخلال فترة النهار تزداد الحركة بالشارع وتشتد درجة الحرارة وأكثر ما يبحث عنه الأهالي هو المياه المبردة، ولا يجدون أفضل من الزير، وبالتالي نباشر أنا وإخوتي الاهتمام به طوال النهار ويقوم والدي في الصباح الباكر بغسل الزير جيدا وملئه وحينما انهي مدرستي تبدأ ورديتي للعمل بالحديقة اقوم بالوردية الثانية، فأملأ الزير مرة اخري نحو الساعة الثانية ظهرا، أما أحمد عادل صاحب ال 11 عاما فيقول «آتي إلي الحديقة عصر كل يوم ومهمتي هي تجديد «حمرة» الزير كل عدة أسابيع حتي تحافظ علي لونها الأصلي. وقال لنا ممدوح عبدالتواب موظف بإحدي الشركات «بالرغم من تطور الحياة إلا أن الزير لا يزال المتربع علي عرش المبردات فمياهه نقية وطبيعية وبرودتها تروي العطش علي عكس المبردات التي تكون مياهها مثلجة جدا، كما أنها موفرة للأموال فبدلا من شراء زجاجات المياه الغازية فإن «كوز» واحد من الزير يروي عطشي»، بينما يقول سعد هاشم من شباب اسوان «لقد كبرنا ووجدنا الزير حولنا في كل مكان وبالرغم من أننا شباب إلا ان وقوفنا للشرب من الزير لا يقلل من شأننا، واتمني أن تحتفظ اسوان بعاداتها ولا يختفي منها الزير كما حدث في المحافظات الأخري.