منع أعضاء التدريس والعاملين من نشر أخبار تتعلق بنظام العمل داخل جامعة المنيا    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الوزراء يؤكد على العلاقات الوطيدة بين مصر وييلاروسيا بمختلف المجالات    وزير خارجية الأردن لنظيره الأمريكي: يجب منع أي هجوم إسرائيلي على رفح    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    كلاسيكو أوروبي.. زيدان يطلق تصريحات مثيرة بشأن مباراة ريال مدريد ضد بايرن ميونخ    جنايات المنصورة تحيل أوراق الأم المتهمة بقتل ابنها إلى مفتى الجمهورية    بطولة دنيا سمير غانم.. محمد رضوان ينضم ل «الجارداية»    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الجمعة.. الأوبرا تنظم حفلا للإنشاد الديني بمعهد الموسيقى العربية    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    الشوري القطري والبرلمان البريطاني يبحثان علاقات التعاون البرلماني    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مستشارة أوباما السابقة: أمريكا تسعى لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن    كولر يدرس استبعاد رباعي الأهلي أمام الإسماعيلي    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    رفع مستوى الإنذار وإغلاق مطار دولي.. ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا|فيديو    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    متحدث الزمالك: أخطاء إدارية فادحة في 14 قضية على النادي تستحق المساءلة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
وراء «كواليس» الزمن
نشر في الأخبار يوم 27 - 03 - 2016

خرج لكي يقول لي: مبروك لقد أضفت إلينا دراسة ممتازة سوف نعتز بها دائماً، اذهب واتصل بزوجتك وابلغها بهذا النبأ
في حياة كل إنسان أحداث يتذكرها، ومشاهد محفورة في ذهنه تظل كامنة ولكنها تطفو علي السطح أحيانًا، وسوف أسرد اليوم بعض المشاهد التي تأثرت بها عبر رحلة العمر، فيوم أعلنت نتيجة «الشهادة الإعدادية» في «منطقة البحيرة التعليمية» عام 1958 - 1959م وسمعت أنني لست الأول فقط علي المدرسة ولكن علي «مديرية البحيرة» كلها أصابني شعور بالرضا وأرجعت ما تحقق يومها لدعاء «أمي»، بل وفسرت تفوقي الدراسي دائمًا بتلك الدعوات الصالحات منها بين حين وآخر خصوصاً عندما تكون شديدة الرضا عني، ومضت بي السنون لالتحق ب»كلية الاقتصاد والعلوم السياسية» في «جامعة القاهرة» وأنغمس في النشاط العام ب»الكلية» وأترأس اتحاد طلابها في العامين الأخيرين حتي تخرجت وانخرطت في العمل السياسي من خلال منظمة «الشباب العربي الاشتراكي»، ثم عينت في وزارة الخارجية وتغير مسار حياتي علي نحو يجعلني أقول إنه لا يمكن للمرء أن يحدد طريقًا قاطعًا يسلكه، فالحياة لها تصاريفها وللزمان تقلباته، ثم كان انتقالي إلي «العاصمة البريطانية» نائبًا للقنصل ثم سكرتيرًا ثانيًا بالسفارة، وكان القرار الذي اتخذته منذ البداية هو أن أجعل حصولي علي «الدكتوراه» في «العلوم السياسية» هدفًا لا أتقاعس دونه فحصلت علي تزكية من أستاذيّ «بطرس غالي» و»عبد الملك عوده» واجتزت امتحانًا في «اللغة الإنجليزية» للالتحاق ب»كلية الدراسات الشرقية والإفريقية» لاستكمال دراستي العليا، ولا أنسي يوم انعقدت اللجنة لمناقشتي في «الأطروحة» التي تقدمت بها بعد سنوات شاقة من العمل المتواصل متوازيًا مع مهامي اليومية في السفارة المصرية، إذ بعد ساعات من المناقشة حيث كان الممتحن الخارجي هو البروفيسور الشهير «روجر أوين» أستاذ «دراسات الشرق الأوسط» في «جامعة أكسفورد» ومدير المركز المتخصص في «جامعة هارفارد» حاليًا وجدت أستاذي «فاتيكيوتس» يتحدث معي ب»لغة عربية» سليمة بعد خمس سنوات من الحديث المتصل بيننا ب»اللغة الإنجليزية» وحدها، لقد خرج لكي يقول لي: مبروك لقد أضفت إلينا دراسة ممتازة سوف نعتز بها دائمًا، اذهب واتصل بزوجتك وابلغها بهذا النبأ، سوف يظل هذا المشهد محفورًا في ذهني رغم أنني أديت الامتحان النهائي ل«الدكتوراه» و»ضروس العقل» الأربعة كانت لاتزال تؤلمني بعد جراحة قام فيها الطبيب بخلعهم، وعدت إلي «مصر» أنا وزوجتي لأسعد بابنتي الطفلتين «سلمي» و«سارة» اللتين أرسلناهما إلي بيت جدهما في السنة الأخيرة حتي يكون تفرغنا كاملًا لتحقيق الهدف الصعب في أقصر وقت ممكن، ومضت بي الحياة بعد عودتي إلي «القاهرة» لأعمل في «الهند» وأري من العجائب والغرائب ما يؤدي إلي اتساع الأفق وتكامل الرؤية، وقد كان لدينا وزير للخارجية يقول دائمًا: من لم ير «الهند» و«الصين» فهو لم ير العالم، رأيت في «الهند» الفقر والغني، رأيت فيها الخرافة والعلم، رأيت فيها السماحة والتعصب، رأيت فيها تجربة ضخمة من التعايش المشترك بين البشر، وفي الأسبوع الأخير من وجودنا في «الهند» جاء «العراف الهندي» الشهير لكي يقول لي: إنك سوف تكون في شهر «أكتوبر» 1983 - أي بعد شهرين - في «القصر» وقلت لزوجتي: يبدو أنني سوف أمرض فور عودتنا وأدخل «القصر العيني»، وصدقت نبوءته ففي «أكتوبر» من نفس العام كنت في «القصر الجمهوري» أعمل مع الرئيس الأسبق بديلاً للدكتور «أسامة الباز» في فترة مرضه، لقد كانت فترة عملي في الرئاسة لسنوات ثمانية حافلة بالمشاهد، رأيت فيها دول العالم المختلفة، ورافقت الرئيس الأسبق في زياراته ومباحثاته، واقتربت من السلطة ولكنني لم أتعلق بها بل أدركت أن القريب من السلطان ك»راكب الأسد» الناس منه في خوف وهو علي نفسه أخوف! وعندما تركت مؤسسة الرئاسة وشغلت موقع مدير «معهد الدراسات الدبلوماسية» في وزارتي الأصلية «الخارجية» عدت إلي التدريس في «الجامعة الأمريكية» وهو أمر ساعدني كثيراً علي فهم أفكار الأجيال الجديدة واستلهام روح الشباب المتجدد في هذا الوطن المعطاء، وقد كان من أسعد لحظات حياتي يوم شهدت حفلتي تخرج ابنتي من «الجامعة الأمريكية» في «القاهرة» ثم زواجهما بعد ذلك لشابين درسا عندي في «الجامعة» ذاتها، وعندما أبلغت - وأنا سفير في «العاصمة النمساوية» - أن ابنتي الكبري قد جاءت لي بأول حفيد شعرت بإحساس خاص لا يدركه إلا من مر به وجئت إلي «مصر» لاحتفي بقدومه ولكن القدر كان يرتب لي خلاف ما أتوقع، فبعد أسبوعين من وصول الحفيد الأول رحلت «أمي» عن عالمنا ولازال مشهد أنفاسها الأخيرة وهي علي سرير المرض في المستشفي أمراً لا يغرب عن ذاكرتي، وبعدها بسنوات ثلاث لحق بها «أبي» وهو يقتحم عامه الثمانين وقد كان رجلاً هادئاً طيباً وديعاً يرضي عن الحياة بكل أحوالها ولا يسيئ لأحد، إنها مشاهد لا تغرب عن بالي أبداً، وكان يوم العزاء فيه حاشداً حتي قالي لي أحد السياسيين الكبار: كان يجب أن يكون هذا العزاء في «ستاد» كبير بدلاً من «دار مناسبات» مهما اتسعت، وكتب الأستاذ «صلاح منتصر» يومها متندراً علي من يتحدثون عن ضخامة العزاء قائلاً: «وحتي في الموت لا أخلو من الحسد!»، ولقد كان يوماً قلِقاً مضطرباً يوم أن جري تعييني في «مجلس الشعب» وكنت في «سوريا» كمساعد لوزير الخارجية «عمرو موسي»، وعندما دخلنا علي الرئيس الراحل «حافظ الأسد» قال له السيد «عمرو موسي» مداعباً كعادته: إن «مصطفي الفقي» لديه «أنفلونزا» شديدة ومع ذلك حرص علي حضور اللقاء وكانت تلك الكلمة كافية لأن يأخذ «الرئيس السوري» حذره من العدوي خصوصاً وأنه كان في أخريات أيامه، وذات يوم ونحن في قاعة البرلمان والرئيس الأسبق «مبارك» يلقي خطاب الافتتاح في حضور أعضاء مجلسي «الشعب والشوري» وأركان الدولة من وزراء ورؤساء هيئات قضائية وممثلين للجيش والشرطة و»شيخ الأزهر» و»بابا الأقباط» لاحظت أن الرئيس الأسبق قد بدأ يتلعثم قليلاً في حديثه وأخرج منديلاً من جيبه وبدأ يمسح وجهه بصورة عفوية غير معتادة، وما هي إلا دقائق قليلة وقد بدأ يترنح ويبدأ في السقوط فهرع إليه ضباط الحرس وسادت حالة من الفزع والهرج والمرج داخل القاعة وقد تصور الكثيرون أن الرئيس يدخل في لحظاته الأخيرة وأغلقت الأبواب ومنع الدخول أو الخروج، ثم عاد الرئيس بعد ساعة أو أكثر ليقول بضع كلمات لاستكمال خطابه مؤكداً أن السبب فيما تعرض له هو أنه مصاب ب «الأنفلونزا» ولم يستكمل فترة الراحة المطلوبة وأنه قد تعاطي «مضاداً حيوياً» يؤدي إلي هبوط الدورة الدموية أحياناً، يومها رأيت مشهداً غريباً، فالسيد «عمر سليمان» الذي كان يجلس في شرفة الزوار بالطابق الأعلي من القاعة لم يتحرك من مكانه وظل ينظر في حزن للمنظر المتفاقم، أما السيد «جمال مبارك» فقد خرج وحده ولم يلتف حوله نواب أو حراس، ورافق الرئيس فقط إلي حجرة الراحة «المشير طنطاوي» ود.»حمدي السيد» وقلة من معاوني الرئيس، لقد كانت تلك بروفة لمشهد صعب في وقتها سبقت به قوانين الطبيعة أحداث الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، وأتذكر أيضاً يوم حصولي علي «جائزة الدولة التقديرية» في «العلوم السياسية» عام 2003، أما حصولي علي «جائزة الدولة العليا» - والتي كانت تسمي جائزة «مبارك» وسميت الآن ب»جائزة النيل» - فلقد تركت يومها قاعة «المجلس الأعلي للثقافة» حتي يتم التصويت في غيابي علي أن أكون في الصالون الملحق حتي يتم إبلاغي بالنتيجة أياً كانت، وأشفقت علي نفسي يومها ونزلت إلي سيارتي واتجهت إلي منزلي فداعبني صديقي د. «زاهي حواس» - عضو «المجلس» حينذاك - برسالة علي «المحمول» يقول لي فيها: حظ سيء.. خيرها في غيرها، وتقبلت الأمر ومضيت فإذا ب»المحمول» يدق بعدها بدقائق ليبلغني زميل الدراسة وصديق العمر د.»علي الدين هلال» - عضو «المجلس» حينذاك - بأن التصويت قد انتهي لصالحي بفارق كبير وأنني حصلت علي الجائزة الكبري في ذلك اليوم الذي لا أنساه، ولا أنسي أيضاً اللحظة التي أعلن فيها د.»نبيل العربي» - الذي كان وزيراً للخارجية وقتها - قرار ترشيحي رسمياً لمنصب «الأمين العام لجامعة الدول العربية» بل وأردف الرجل يومها في سخاء وكرم إشادة قوية بالعلاقة الوثيقة التي تربطني بالفكر القومي علي امتداد عمري، وإذا كانت الرياح لم تأت حينذاك بما تشتهي السفن إلا أنني لم أنزعج لضياع المنصب وإن كنت قد أعدت تقييم بعض الأشخاص بيني وبين نفسي قائلًا: إن للمناصب رجالها وليس المعيار أبداً هو بالضرورة الكفاءة وحدها، وقد قال «جمال حمدان» قولاً مأثوراً وهي: أن «مصر» دولة وسطية وتدفع بالمتوسطين من أبنائها أحياناً إلي المناصب العليا والمواقع المهمة، وليس يعني ذلك أن كل من يتولون المناصب هم كذلك فالكثيرون يملكون قدرات تستحق الإشادة، وأنا بهذه المناسبة لا أحمل ضغينة ضد أحد بل أنظر إلي د.«نبيل العربي» باعتباره فقيهاً قانونياً مرموقاً وأربط بينه وبين مفاوضات «طابا» وقضية «الجدار العازل» في «محكمة العدل الدولية» وكل إنسان يأخذ من هذه الحياة ما يريده له الله، وملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب! ولن اختتم هذه الحصيلة من الذكريات المتناثرة إلا بالإشارة إلي أمر حدث يوم 16 يناير عام 1996 وكنت سفيراً جديداً في «فيينا» وشاركت أنا وزوجتي وابنتي الصغري في رحلة نظمتها وزارة الخارجية النمساوية كنا قد استخدمنا فيها «تلفريك» مفتوحا يبدو ك«الحصان الخشبي» فقط ولأمر ما لم تربط زوجتي الحزام وحذوت حذوها وفعلت ابنتي نفس الشيء، وتحركنا علي سلك كهربائي يرتفع عن الأرض بما لا يقل عن 1000 قدم بين جبلين كبيرين وإذا نظرت من أعلي أصابك الدوار فوراً والسقوط يعني موتاً محققاً في الحال، والغريب أن الكهرباء انقطعت ونحن في منتصف الطريق وأنا وزوجتي وابنتي معرضون تماماً للسقوط لأن الكل قد ربط الحزام ونحن لم نفعل ذلك بجهل به أو غفلة عنه، ومضت فترة تصل إلي نصف ساعة والمشهد المروع يكاد يصيبنا بأكبر فزع عرفناه حتي ذلك الوقت، وعندما وصلنا إلي الجانب الآخر بعد عودة الكهرباء اعتبرت ذلك يوم ميلاد جديد لنا وآمنت أنه يجب ألا انزعج من أي أمر قادم مقارنة بتلك الفترة الرهيبة التي عشناها معلقين بين السماء والأرض معتمدين علي التوازن الجسدي الذي لو اختل قيد أنملة لكانت الكارثة المروعة، لا أعلم لماذا تذكرت ذلك كله الآن خصوصاً وأنني أمر بفترة تأمل زائد وحالة تفلسف تعتادني حيناً فحيناً، مدركاً أن الإنسان ابن ظروفه، ونتاج بيئته، وحصيلة تجاربه، وحصاد معرفته بحيث تصبح الحياة في النهاية هي اللحظات السعيدة التي يقضيها الإنسان والصداقات الباقية التي يعتز بها لذلك يجب أن ندرك أنه لا شيء يستحق الجزع الشديد ولا شيء أيضاً يستوجب السعادة الزائدة، وقد تعلمت من تقلب الأحوال وتغير الأشخاص ألا أكره أحداً، وأن أغفر ولكن لا أنسي!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.