عشت زمن ام كلثوم في وقت شدة مصر بعد هزيمة 1967 والاحتلال اليهودي لسيناء بعد معركة الأيام الستة التي كانت اقسي ما تعرضت له مصر في تاريخها. تلك السيدة التي خرجت بعد توقف المعارك لتناضل من أجل مصر تجوب الدنيا شرقاً وغربا نذرت صوتها لتجمع الأموال للمجهود الحربي بحفلاتها في الدول العربية والأوربية وقدمتها عن طيب خاطر لمصر لشراء السلاح. هل يعرف من يعيشون هذه الأيام في رغدة العيش بعد أن تحررت الأرض المصرية كم قدمت أم كلثوم. مليون جنيه بالتمام والكمال وبأرقام هذه الايام هو ما يقارب المائة مليون ويزيد وهو ما يقارب ال 3 مليون دولار في هذا الوقت. ذكرني ذلك الموقف بما نشهده هذه الايام من ذلك التقاعس واللا مبالاة من اناس شربوا وأكلوا وعاشوا وأثروا علي ارض مصر وعندما تطالبهم بسداد جزء من حقها عليهم يتوارون ويبتعدون وكأنها تشحت منهم أو تستجدي. مصر التي اعطت بسخاء كل نجوم الفن الشهرة لم يقدم أيا منهم ومنهم من يصفون انفسهم بالمصرية ما حتي يقارب واحداً علي ألف مما قدمته سيدة الغناء العربي. بلدنا قدم الشهرة لنجوم الكرة فغرفوا من ماعونها بالملايين ولم نعرف او نشاهد أيا منهم من قدم مليماً واحداً «من اجل مصر» بل وجدنابعضهم يهتف ويدفع للإخوان ويشجع الإرهاب راضياً مرضياً. هؤلاء الذين أثروا علي حساب هذا الشعب في ذلك الزمن الغريب. واولئك الذين اثروا من ظهورهم كإعلاميين علي شاشات الفضائيات يطالبون الناس بالتبرع باسم مصر تارة ونجدهم يحرضون عليها تارة أخري ولكن هل نعرف أيا منهم قدم مليماً واحداً ولو حتي بمكالمة واحدة في حب مصر كما طلب الرئيس؟ لم نسمع ولم نر إيصالاً واحداً يفيد ذلك علي كل المستويات. تخيلوا أن الغلابة والبسطاء الذين يحبون مصر بحق هم وحدهم الذين يسارعون بتقديم كل العون لها حتي بمكالمتهم عبر المحمول برسالة في حبها. لقد رأيت العشرات منهم يخرجون تليفوناتهم فخورين بأنهم قدموا خمسة جنيهات او عشرة أو أكثر من أجل بلدهم هي في قيمتها تساوي بالقدر ما تكون قد قدمته سيدة الغناء العربي عندما نذرت صوتها من اجل المجهود الحربي صحيح القيمة قد تكون مختلفة ولكن المعني واضح من اجل مصر. اين رجال الاعمال من حق مصر؟ لا شييء اللهم إلا واحدا أو اثنين مع ان هذا البلد الطيب قدم لهم باليمين كل شييء وصاروا من كبار المصنعين والمستوردين والمصدرين ولكنهم أبدا لم يقدموا حق مصر علي مصالحهم بل في الغالب الأعم ما نسمع عن خسائر يتعرضون لها علي غير الحقيقية هروبا من واجبهم الوطني. عيب علي كل مصري ان يخرج الرئيس ليطالب الناس بالتبرع او المساهمة لنكتشف الرقم الهزيل الذي أعلنه من أن صندوق تحيا مصر ليس به إلا 4.3 مليار جنيه منها مليارا قدمتها القوات المسلحة مشكورة لهو دليل علي ان هناك «شييء غلط» فهذا الصندوق إنما خصص لمن لا يعرفون او يبخلون علي مصر للبناء والتنمية والعلاج من الامراض الخطيرة التي يعاني منها هذا الشعب الغلبان. كانت امنية الرئيس ان يحقق هذا الصندوق مائة مليار جنيه لتحقيق الطموحات التي كان يسعي إليها في بداية حكمه لمصر ولكن ما تم جمعه لا يتناسب لا مع قدر مصر ولا مع مطالبة رجل ضحي من أجلها في اصعب الأوقات. بصراحة أشعر بالكسوف من موقف رجال الاعمال واخجل من تقاعس نجوم الفن والرياضة الذين لولا مصر ما كانوا ولاحققوا شهرتهم وثرواتهم.