دعوني أسأل لماذا لا نستفيد من اللجان الشعبية التي صنعتها الأحداث ونجحت في تجربة »احمي بيتك« أثناء غياب الأمن عن الشارع المصري.. لماذا لا تستعيد اللجان الاراضي الزراعية التي استولي عليها أعداء الثورة عندما انتهزوا الاحداث وأقاموا عليها المباني والمنشآت لا أطالب بأن تدخل هذه اللجان في صراعات أو تشاجرات مع البلطجية الذين فرضوا نفوذهم وأقاموا هذه المنشآت لكني أريدهم ان يخطروا عن مواقع الفساد.. عن الاراضي التي اغتصبت ليلا وأصبحت مطمعا للتعديات.. الحكومة وحدها قد تحتاج الي وقت طويل لحصر هذه المساحات.. وقبل اكتساب الوقت لتقنين الفساد مهمتنا ان نحدد المواقع وعلي الحكومة أن تستخدم أجهزتها في ضرب هذا الفساد.. رئيس الحكومة الدكتور احمد شفيق خرج علينا وهو صادق في قرارته.. وأعلن ان الحكومة لن تتهاون مع أي إنتهازي وضع يده علي أرض للدولة أو أقام المباني علي أرض زراعية فالحكومة جادة في تصحيح الأوضاع ولو بالقوة الرجل أعلن دور الحكومة وهنا يأتي دورنا.. علينا ان نسانده.. علي الاقل نمد له أيدينا حتي يشعر ان الشعب هو الرقيب وهذا لا يأتي الا بتعاونه مع الحكومة.. يوم ان يعرف كل مواطن بدوره قبل ان يطالب بحقوقه.. دورنا الان هو الرقابة الشعبية لا نتستر علي فساد.. لابد ان ننمي في أولادنا الصغار من الآن الروح الوطنية والانتماء.. يعرفوا ان هذا الوطن وطنهم ومن يسلب منه شبرا ولو بالنفوذ فهو يسرق ثرواتهم علينا ان نتصدي للفساد والفاسدين.. قد لا تعود اللجان الشعبية بالتشكيل الذي كانت عليه وبالصورة التي كنا نراها في الشارع المصري.. لذلك لم يعد مطلوبا من المواطن المصري ان يمسك بسلاح أو عصا ولكني أريد منه وهو في دائرة سكنه أن يعتبر نفسه لا يزال عضواً في هذه اللجان الشعبية لا يتهاون عندما يري مظهر من مظاهر الفساد لأحد من جيرانه.. الفساد ليس في مظهر المعيشة التي يعيشها جاره.. لكن الفساد عندما يغتصب هذا الجار قطعة أرض من أراضي الدولة أو يجد غريبا يستولي علي شقة جاره.. أو مقاولا يخالف القانون بالبناء المخالف ليلا فيضيف الي عمارة في شارعه طابقا أو اثنين أو ثلاثة بدون سند أو ترخيص.. ان الساكت عن الحق شيطان أخرس.. فلا نسكت عن حقوقنا أزيلو العواطف والمجاملات والانسانيات من حساباتكم فليست هناك عواطف مع شخص يسرقنا.. يتحدي القوانين ويرفع بالبناء المخالف وساعتها نلوم الدولة.. فإذا كان هناك مهندس في الحي قد »طنش« أو أغمض عينيه ليعطي طريقا للفساد وهو يرتفع بالبناء بدون ترخيص فهذه هي مهمتنا.. نتصدي للمخالفين حتي يرتدعوا ويعرفوا ان الله حق.. فالحكومة وحدها لا تستطيع أن تعين شرطيا في كل شارع حتي يراقب فساد الانتهازيين.. أنا مسئول عن جاري.. صدقوني لو تضامنا في التمسك بحقوقنا وتصدينا لأي انتهازي.. علي الاقل لن يصبح حالنا حال مصر قبل ثورة 52 يناير.. فنحن الذين سمحنا بالانتهازيين ان يركبون »ويدلدلون« أقدامهم.. نحن الذين أجرمنا في حق انفسنا يوم ان أعطيناهم الضوء الأخضر للبناء المخالف.. كم من العمارات في مصر الجديدة ومدينة نصر والدقي.. والاسكندرية خالفت قوانين البناء بالارتفاعات المخالفة ولم يحاسبها أحد لم يتحرك مسئول الا عندما تسقط عمارة فتقوم الدنيا.. ثم تهبط.. ومع ذلك لم تتغير الاوضاع ويظل الفساد شعارا للمحليات.. من اليوم أطالب نفسي وكل مواطن علي أرض مصر ان ترصد تصرفات الانتهازيين.. وأن نتصدي للفاسدين الذين يسرقون ثرواتنا العقارية أو يسرقون طعامنا.. وعلي الحكومة أن تستجيب لنداءات الشارع المصري يوم ان تصلها شكوي جماعية.. لقد انتهت سياسة »التطنيش«.. إن المجموعة عندما تشكو غير ان يشكو الفرد.. فشكوي المجموعة لها مصداقيتها لأنها لا تحمل شبهة الانتقام أو تصفية حسابات أو خلافات.. فهي شكوي حقيقية تحمل أوجاع الشارع المصري وعلي الحكومة ان تقف لها وتضرب تعظيم سلام.. صدقوني ان أي تفاعل من الحكومة مع أوجاع الناس في الشارع المصري له عائد.. علي الاصلاح فالاصلاح لن يأتي الا علي أيدينا لا تنتظروا من حكومة تواجه كارثة إقتصادية بسبب تآمر أصحاب المال والسلطة علي الثورة الشبابية لا تنتظروا من محاسيب النظام الذي سقط ان يستسلموا بسهولة ويعترفوا بالتصحيح والتغيير وان روح شباب 52 يناير هي التي غيرت كل المفاهيم وكشفت عن فساد الرموز التي كانت تحكمنا.. كان مخططهم ضرب الاستقرار الداخلي لوقف عجلة الانتاج وإثارة الرعب بين عمال مصر عندما تتوقف الحياة ونحمد الله أننا استوعبنا هذه المرحلة وكان شعبنا يدرك تماما أبناء هذه المؤامرة التي سقطت مع سقوط النظام..