تكلم المهندس حسب الله الكفراوي والدكتور كمال الجنزوري فأزاحا الكثير من الغموض الذي يغلف حياتنا.. والكفراوي هو راهب السياسة المصرية.. سياسي يرعي الله.. وابن بلد يعشق بلده. كلمته علي لسانه ولا يعرف كيف يداري كلامه.. وهو بحق يكاد يكون السياسي الوحيد الذي عمل وزيرا ولم تتلوث ذمته.. او تمتد يده.. او ينهب.. عمل لسنوات مع الرئيس الراحل انور السادات الذي كان يحبه ويحترمه.. ويستمع اليه.. وعمل لسنوات اخري مع الرئيس السابق حسني مبارك فقال له عندما ارسل له استقالته الاولي »دخلنا سوا.. ونخرج سوا« لم يكن يستمع لنصائح المخلصين وكان الكفراوي من اخلصهم.. وفي النهاية »زهق« من مطاردات الكفراوي.. فقبل الاستقالة الثالثة.. نعم كرمه الرئيس مبارك ومنحه اكبر نيشان مصري.. ولكن ظلت في حلق الرئيس عضة اسمها الكفراوي.. لان لسانه بالبلدي: فالت.. ولكنه فالت في الحق.. وفي كل ما يخص الوطن.. ونحن نحتاج امثال هؤلاء الشرفاء الذين ساهموا في العمل العام.. فأحسنوا للوطن. ولذلك احبهم الناس.. اي حب، ويكفي انه كان ولايزال يتحرك دون اي حراسة.. او يقبل المرسيدس المدرعة.. لحمايته!! والجنزوري: الكمبيوتر.. او الآلة الحاسبة الذي يحفظ عقله كل شيء واي شيء.. آخر رئيس وزراء محترم في مصر.. وأقالوه لانه صمم علي ان يظل رئيسا للوزراء رغم ان من جاءوا بعده كانوا مجرد مدراء مكاتب، سكرتارية »يعني« وكانت من اكبر عيوبه انه كان يصدر كثيرا من القرارات دون ان يعود الي مؤسسة الرئاسة او يستأذن في اصدارها.. كان الجنزوري- رغم اختلافي معه كثيرا وبالذات حول مشروع توشكي- النموذج لما يجب ان يكون عليه رئيس الوزراء.. الذي يعمل ليرضي المواطنين.. دن ان ينتظر رضاء الرئيس.. ودفع الرجل الثمن غاليا بعد ان اعتقد الرئيس، او زين له رجال حول الرئيس ليهاجموا الرجل.. فأزاحه الرئيس عن الحكم.. والاخطر انه يكاد يكون قد صدر اقامته في منزله لا يغادره الا لماما.. او ليجلس في الصف الاول مع كبار المسئولين في مركز المؤتمرات.. كجزء من البروتوكول. تكلم الكفراوي للاعلامي العزيز المهذب شريف عامر في قناة او برنامج الحياة اليوم فقال الكثير بعفويته الدمياطية، عفوية ابن البلد الذي ظل ينحني ليقبل يد والدته.. ويقبل يد أمه الكبري مصر.. قال انه رفض كل مظاهر الفساد او الافساد.. وكيف كاد يموت غيظا يوم وافقت الحكومة علي بيع مصانع الاسمنت وكان سعر الطن- من هذه المصانع الوطنية- هو 09 جنيها.. الآن وبعد ان باعوها اصبح سعر الطن 027 جنيها.. والمصيبة كانت اكبر في سعر حديد الاسمنت بعد ان احتكرها احمد عز.. وهذه وتلك وراء ارتفاع اسعار الشقق فعجز الفقراء عن تحقيق حلمهم في شقة من 06 مترا.. وتكلم الرجل عن الفساد.. روي حكاية »واحد« ذهب اليه في الوزارة وقال له: يا أونكل عايز 0001 فدان في مدينة اكتوبر- وكان ذلك اول عام 3991.. فرد عليه الكفراوي: هل قلت لوالدك؟ وحاول المذيع الذكي جرجرة الكفراوي ليفصح عن اسم هذا الابن ولكننا عرفنا انه: جمال مبارك.. وكان ذلك منذ 81 عاما وكان جمال في بدايته!! اما عازف الدربكة- كما وصفه الكفراوي- فقد نسي الله.. فأنساه الله نفسه.. تماما كما نسي كل الفاسدين الله- سبحانه- فأنساهم انفسهم.. وقادوا هذا الفساد الفاجر.. لانه لم يكن هناك من يقول لهم: عيب.. وبكل عفوية اقترح الكفراوي اضافة مادة جديدة في قانون العقوبات هي »الضرب بالجزمة« وان يكون الاعدام لهم.. رجما بالاحذية.. فهم لا يستحقون إلا ذلك.. وهؤلاء في رأيه حوالي 08 قرصانا استولوا علي المحروسة.. وحولهم حوالي مليون من ضاربي الدفوف المنتفعين.. فتركوا البلد تعيش في صديد وقيح وصرف صحي صنعوه لهذا الشعب الطيب. اما الكارثة الاكبر فكانت في »رجال حول الرئيس« ورجال حول من هم حول الرئيس.. حلقات وحلقات من الفساد والافساد.. اخطرهم من تاجر في اراضي مصر ليربحوا هم المليارات. وتحدث عن علاقته بالدكتور اسامة الباز- الذي كان الاقرب الي الرئيس مبارك في سنواته الاولي ثم ابعده للاسف في السنوات الاخيرة- الذي قال للكفراوي عندما تسلم استقالته الاولي: انت عايزها كرسي في الكلوب، والكفراوي واسامة كانا يجلسان علي تختة واحدة بمدرسة دمياط الثانوية والحقيقة ان الكفراوي ارسل رسالة للرئيس قال له فيها: انا خايف علي البلد.. وقلقان وانصحك ان »الزبالة« التي حولك تشيلها.. كان يخشي الانفجار.. ولكن زكريا عزمي رد عليه بعد اسبوع قائلا: الرئيس يبلغك بان الرسالة وصلت.. ومصر بخير.. ولكن الامور كانت تجري غير ذلك.. وعاد ليصف الدكتور اسامة الباز بانه احد الشهداء الاحياء.. لانه اقصي عن مؤسسة الرئاسة.. رغم انه كان الوحيد الذي يقول له كلمة الحق. وتكلم الدكتور الجنزوري مع اللامعة والمثيرة سياسيا مني الشاذلي في دريم.. عن شباب 52 يناير فاعترف بان النظام منع الشباب من الكلام في السياسة بالجامعات.. فلجأوا الي الحديث مع بعضهم عبر.. الفيس بوك.. وهذا اول اعتراف رسمي من مسئول كبير كان علي رأس السلطة التنفيذية وكان سياسيا من المقام الاول ومعني كلامه اننا منعناهم من العمل السياسي في الجامعات فقلبوا نظام الحكم من خلال تحركهم بداية من يوم 52 يناير الشهير. وله تعديل جديد، او تفسير له، عن الفساد. قال ان الفساد في مصر رأسي.. يبدأ من فوق.. وكأنه كان يقول: السمكة تفسد من رأسها.. والجنزوري اعلنها صراحة: يجب ان يكون الوزير.. وزيرا.. وليس سكرتيرا.. ورئيس الوزراء يجب ان يكون رئيسا للوزراء وان يتحمل مسئوليته كاملة.. وله رأي عظيم يجب ان نعمل به هو ان نهتم بالانتاج الزراعي والصناعي.. ولا نهتم فقط بالانتاج الذي يأتي بالريع، اي بالربح.. لانه لو قل الانتاج زاد الانفاق فيحدث التضخم في النهاية والزراعة هي الزيت والفول والرغيف والسكر، وحرام ان تأتي كلها من الخارج. اما الصناعة فهناك مصانع عديدة مغلقة في المدن الجديدة.. وهناك مصانع تعمل وردية واحدة فقط.. وهذه كارثة قومية. واذا كان النظام قد منع الجنزوري من الكلام بمجرد ان تم اخراجه من الحكم إلا ان »الاخرس.. نطق« وحدد جرائم اساسية تمت في حق الوطن منها البناء علي الارض الزراعية.. وهدم الفيلات الاثرية ثم القرار الكارثة الذي صدر يوم 92 يناير 3002 بتعديل سعر العملة فقفز الدولار الي ستة جنيهات.. وادعوا ان ذلك لتشجيع الصادرات.. ولكنه كان ليربح من ربح من الكبار. هذا الكلام كله يدفعنا الي ان نطالب بفتح الباب امام مثل الكفراوي والجنزوري.. وايضا د. اسامة الباز ود. مصطفي الفقي، وغيرهم كثيرون، ليقولوا كلمتهم الصادقة- وليكن ذلك امام لجنة استماع عليا.. لنفتح بعدها ملفات الفساد حتي نتعلم.. ولا يظهر مفسدون جدد في حياتنا. حقا.. ماذا لو تكلم هؤلاء.. بل مطلوب ان يتحدث هؤلاء وغيرهم لنتعرف كيف كانت تحكم مصر.