ليس بالحملات الدعائية والتصريحات يمكننا استعادة انحسار حركة السياحة التي ترتبت علي ما يتم تداوله علي المستوي الرسمي والاعلامي والذي واكبته قرارات بعض الدول بتعليق رحلات سياحها إلي شرم الشيخ كرد فعل لحادث سقوط الطائرة الروسية. ما يشاع ويقال ويتم الترويج له فإن هذه الاجراءات التي أخذت شكل حماية هذه الدول لأرواح سياحها استندت إلي ترجيح أن وقوع الحادث كان نتيجة عمل إرهابي وبالتحديد قيام أحدهم بوضع قنبلة علي الطائرة. شيء ايجابي ومفيد أن يتحرك مجلس الوزراء بجلالة قدره بعد ما يقرب من اسبوعين من وقوع الكارثة لمواجهة التداعيات. هذا التحرك- وتلك عادتنا -جاء وليدا لرد الفعل وليس مواجهة ما هو متوقع اتخاذه من اجراءات ضد السياحة المصرية بعد حادثة الطائرة. ليس من تفسير لهذا القصور سوي أن هناك غيابا لُبعد النظر. وأن السياحة لا تحظي بالاهتمام والمتابعة من جانب كل أجهزة الدولة بما يعكس عدم الايمان بالدور الذي تقوم به في خدمة اقتصادنا القومي وتطلعاتنا الاجتماعية. وكما سبق أن أشرت في مقال سابق تعليقا علي مأساة غرق الاسكندرية بمياه الأمطار.. فإنه ليس من المفروض أن يأتي التحرك في مواجهة المشاكل من جانب الرئيس الذي ينوء بالمهام والمسئوليات الثقيلة المتعلقة بالأمن القومي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا بشكل عام.. أليس لافتا للنظر الا تأتي القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء بشأن الحد والتخفيف من أزمة معاناة السياحة وشرم الشيخ بعد حادثة الطائرة الروسية مباشرة. كل ما نأمله هو ان يكون هناك تواصل لهذا التعامل الايجابي البناء مع الازمات والمشاكل التي تدهمنا وتحاصرنا وتقليص التداعيات والخسائر. في هذا الشأن انه وتجنبا للشعور بمزيد من الاحباط تجاه الاداء الوزاري لايسعنا سوي الترحيب وتوجيه الشكر لقرار مجلس الوزراء بعقد اجتماعه الاسبوع القادم في شرم الشيخ. هذا التحرك جاء تجاوبا مع المبادرة التي اقدم عليها الرئيس السيسي بزيارته لهذا المنتجع الفريد. عودة إلي بداية المقال فإنه من المهم أن نقول حمداً لله علي السلامة لكل المسئولين الذين دب فيهم حماس مساعدة السياحة بعد زيارة الرئيس لشرم الشيخ وتصريحاته الإيجابية الحاملة للتوجيهات وما اسفرت عنه من تأثيرات قوية علي صورتنا بالخارج. هذا الحماس تمثل ايضا في مجلس الوزراء بتخصيص خمسة ملايين دولار من صندوق السياحة لمساندة الحملات الدعائية الموجهة إلي الدول التي أوقفت رحلات سياحها إلي شرم الشيخ . الأهم من كل هذا ياسادة هو عمليات تأمين المطارات التي يجب أن تتسم بالاستمرارية والجدية وتسليط الأضواء عليها من خلال زيارات الوفود الأمنية والإعلامية الدولية واطلاعهم علي الاجراءات المطبقة. في نفس الوقت يتحتم العمل علي سد أي احتياجات أو ثغرات لتحقيق متطلبات هذا التأمين . وأن تكون هناك رقابة مشددة ومتابعة لا تنام ولا تكل للالتزام بها. لا جدال أن اللجوء إلي التحركات المظهرية التي تتخذ قالبا تمثيليا لايمكن ان يخدم أي تحرك أو يكون علاجا للموقف. كل ما هو مطلوب الشعور بالمسئولية الوطنية التي تحتم الالتزام بالضمير والامانة التي تقضي بها القواعد المهنية والقيم الاخلاقية. وفي هذا الشأن لابد أن يكون هناك إيمان قوي يستند إلي الوعي الوطني بأن أي تسيب أو إهمال في أداء الواجب.. معناه تفاقم الأزمات التي تعم علينا جميعا في وقت لم تعد تسمح أحوالنا بتحملها. إن ما أطالب به ليس مسئولية وظيفية وإنما هي مسئولية وطنية لابد أن يتحملها كل من له علاقة بقضية إحكام اجراءات التأمين بالصورة التي تقطع الشك باليقين من جانب المتربصين بنا. إن كل ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو التفكير العقلاني الحرفي الذي يضع كل التوقعات في حسبانه وتكون لديه قدرة المبادرة للمواجهة لوقف أي تصاعد للتداعيات وليس الركون للانتظار حتي تصبح المصيبة مصيبتين.