مرة أخري أعود للحديث عن كشف أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط الذي أسعد المصريين جميعا، وفتح أبواب الأمل في اكتشافات جديدة تغير خريطة البترول والغاز في المنطقة. نحمد الله علي ما تحقق، وعلي ما سيتحقق بإذن الله. ثم ندعو الله أن نكون قد استوعبنا دروس الماضي جيدا، وأن نكون قد استعددنا لاحتياجات المستقبل كما ينبغي. في دروس الماضي.. نقف عند ما حدث من تبديد لثروتنا من البترول والغاز بصفقات فاسدة مازلنا ندفع ثمنها حتي الآن!! وفي دروس الماضي.. أننا انتقلنا من مرحلة تحقيق فائض من الغاز والبترول إلي مرحلة العوز في سنوات قليلة بسبب سياسات خاطئة. وأننا كنا مهددين بكارثة بعد أن توقفت شركات البترول الأجنبية عن التنقيب بسبب الديون التي تراكمت علينا وبسبب عدم يقينها من المستقبل في مصر. وفي دروس الماضي.. أننا تجاوزنا المرحلة الصعبة بعد 30 يونيو بفضل دعم الاشقاء خاصة السعودية والإمارات وأننا بدأنا في تسديد ديوننا المتراكمة للشركات الأجنبية وبدأنا نستعيد زمام المبادرة وعقدنا أكثر من خمسين اتفاقية جديدة بعد 30 يونيو وبشروط جيدة لنا، فظهرت أولي البشائر في حقل «الشروق» .. والبقية قادمة بإذن الله. وفي متطلبات المستقبل ينبغي التأكيد علي أننا قد استوعبنا الدرس جيدا وأن حرصنا علي ثرواتنا القومية سيكون شديدا وأن ما تم اكتشافه لن يتم تصديره بل سيظل داعما لنهضة صناعية لابد منها وانه لن يستخدم بدون وعي بل بحساب دقيق، وإنه لن يعطل سعينا لزيادة مواردنا من الطاقة بمختلف مصادرها من المياه والفحم وحتي المحطات النووية. ويبقي التأكيد مرة أخري علي ما قلناه مرارا من ضرورة الاعتماد علي النفس بصورة اساسية اذا أردنا تنمية حقيقية يذهب عائدها لابناء الشعب ولبناء الدولة الحديثة التي نتمناها. ولعل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم كله الآن تؤكد علي أهمية هذا التوجه نحو الاعتماد علي النفس الذي جربناه في مشروع القناة، ويتوجب علينا أن نتخذه طريقا أساسيا لمشروع نهضتنا. مع بذل كل الجهد وتهيئة كل الأجواء لمشاركة اشقائنا العرب ولاستقطاب ما نستطيع من استثمار أجنبي لمساندة جهدنا الذاتي الذي يبقي هو الأساس وهو الضمان الأكيد لتنمية حقيقية واستقلال لا يمس. نقول ذلك للتأكيد علي أن حسن إدارة مواردنا الذاتية يكتسب- في ظل هذه الظروف- أهمية مضاعفة. فمصر التي نتمناها لن يبنيها الا ابناؤها ولن تقوم إلا علي ما تملكه من موارد بشرية ومادية.. وما أكثرها لو احسنا التعامل معها- فلم نبددها- كما حدث من قبل بالسياسات الخاطئة والفساد الهائل. فليكن الشروق بداية خير عميم وأيضا بداية وعي صحيح . والله الموفق.