في الجحيم.. هذا ما قاله محمد حفظي عن تجربته المريرة عن الايام التي قضاها خلف الأسوار.. حزن وهم وغم وأمل ورجاء بأن يفك الله الكرب .. ليال قاسية تمر ثقيلة طويلة علي المظلوم قضاها في أحضان تجارب سوداء بلون ليالي السجن.. وحكايات قاتمة كمآسي المسجونين.. جاءت كلماته حادة كطلقات المدفع.. وساخنة كشمس الظهيرة عندما سألته عن احساسه عندما دخل من بوابة الحجز.. قال إحساس بالغ بالظلم والمرارة.. شعرت أنني أخطو نحو المجهول.. صرخت للجميع داخل الحجز وخارجه وقلت بأعلي صوتي "أنني برئ " رويت لهم تفاصيل قصتي التي حكيتها مئات المرات من قبل دون أن يصدقني أحد، .. قلت للجميع القضية التي اقضي بسببها السجن والغرامة ، لا تخصني، ولا اعرف عنها شيئاً حكايتي تجسدها هذه القصيدة التي اعطاها لي سجين مثقف داخل الحجز تقول كلماتها : قااالوا عني كلام كتير كلام خطير مااللي حاكم ف الحكاية... كان في يوم اسمه " الضمير" واسمع مني يا خال القضية قاعد ف حالي .. لا بيّه ولا عليّه وجه ابن " ال "..... ولا بلاش خليها عليّه المهم لبسني أخونا القضية ... وإتخفي فيه وكان ممكن يلبس طاقيه ولا كوفية عمل أخونا جريمته وطلع هو م القضية ولبست أنا الحكاية وبقيت متهم لقية وحطوني جوة قفص الاتهام ... وشرّحوا فيّه وبقيت قضية !! وإتحكم عليه بعد ساعات قليلة من صدور جريدة »الأخبار« أمس الأول »الجمعة« والتي حملت في صدر صفحاتها مأساة المتهم البريء محمد الذي زج به إلي السجن محكوما عليه في 6 قضايا بالحبس سنة والغرامة 009 ألف جنيه بتهمة تعلية 4 طوابق في عمارة لا يمتلكها.. فور صدور الطبعة الأولي من »الأخبار« جاءني صوت قدري أبوحسين محافظ حلوان عبر الهاتف ودار حوار طويل بيننا أعرب خلاله عن حزنه وألمه لما تعرض له شاب من أبناء حلوان من ظلم دفع به إلي السجن وقال المحافظ انه سيجمع كل الأطراف بعد صلاة الجمعة في حي حلوان في حضور »الأخبار« لرفع الظلم عن هذا الشاب وقطع رقبة من تثبت التحقيقات انه تسبب في هذه المأساة الإنسانية. قعدة عرب لم تمر سوي ساعات قليلة إلا ونفذ محافظ حلوان ما وعد به.. بعد ظهر الجمعة ورغم انه يوم عطلة رسمية إلا ان مبني حي حلوان تحول إلي خلية نحل. الموظفون في مكاتبهم.. العشرات من عائلة المتهم البري يقفون في الشارع ينتظرون نتائج هذا اللقاء الذي يحدد مصير ابنهم. كانت »الأخبار« أول من وصل إلي مبني الحي ورصدت توافد الحضور.. كان المتهم البريء محمد حفظي ووالده وشقيقته حنان وزوجها وعدد من أقاربه حريصين علي الحضور مبكرا ثم توالت سيارات مسئولي الحي ومأمور ورئيس مباحث حلوان ومدير الإسكان ورئيس الحي ورئيس ومهندسي حي المعصرة وطاقم البرنامج التليفزيوني »مصر النهارده« ثم حضر المحافظ قدري أبوحسين الذي كان يؤدي صلاة الجمعة في مسجد قريب من الحي. حوار أبوي استقبل المحافظ قدري أبوحسين الشاب محمد حفظي المتهم البريء وحرص علي ان يجلس إلي جواره وبجانبه والده الموظف بالمعاش ودار هذا الحوار: ازيك يا محمد.. ايه أخبار »مقلة اللب« جايبة عائد كويس ؟ محمد الحمد لله يا أفندم باكسب كويس وكنت في الأول فاتح محل عطور وتعلمت مهنة اللب. عندك كام سنة يا محمد وأنت متزوج ولا لأ؟ محمد: عندي 62 سنة ولم اتزوج. أحك لي الحكاية؟ محمد: أبويا أستأجر لي محل في هذه العمارة من شخص يدعي رمضان سعيد مجاهد وكانت العمارة 4 طوابق وعشت حياتي عادية لمدة 5 سنوات.. في العام الماضي قام صاحب العمارة بتعلية 4 طوابق دفعة واحدة وارتفعت العمارة إلي الطابق الثامن وهذا شيء لا يخصني.. لكن فجأة حضر رجال مباحث تنفيذ الاحكام وألقوا القبض علي وقالوا لي عليك احكام بالسجن سنة وغرامة 009 ألف جنيه في قضايا جنح مباني بدون ترخيص في العمارة. قضيت في الحجز 01 أيام بين اللصوص والحرامية والنشالين والمجرمين وقام والدي بعمل معارضة في الحكم وصدر حكم المحكمة ببراءتي في قضية الحبس سنة وأثناء الافراج عني ظهرت القضية الثانية والثالثة وهكذا وعلمت انني مطالب بسداد 009 ألف جنيه غرامات مباني ولاني لا أملك شيئا تم الحكم علي بان أقضيها اكراها بدنيا »مصاريف« . المحافظ: أنا مستغرب كيف حدث ذلك أنا أول مرة في حياتي خلال 54 سنة قضيتها في العمل بالمحليات أشوف حكاية زي دي.. يا محمد أنا المسئول عنك وعن المخالف الذي هرب وسوف انهي جميع الإجراءات وسيقوم المسئولون بالحي والمحافظة بإنهاء جميع الإجراءات حتي يحكم لك القضاء بالبراءة وتخرج من هذه المحنة.. الاخطاء واضحة في هذه القضية وأنت تعرضت لموقف غير طبيعي وفيه ظلم كبير وقع عليك. .. سوف يقوم بداية من السبت مدير الإسكان بالمحافظة ورئيس الحي ومسئولو الإدارة الهندسية باعداد الخطابات الرسمية التي تؤكد انك لا تملك هذه العمارة وستقوم بمخاطبة السيد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود والتفتيش القضائي لإعادة الاستيفاء والتحقيق في هذه القضايا من جديد حتي تثبت براءتك لاننا أمام أحكام قضائية صادرة ضدك ولابد من إسقاطها بالطريق القانوني. محمد حفظي: طيب يا سيادة المحافظ عندي مشكلة الآن هي مشكلة »المصاريف« لاني كل يوم باروح قسم شرطة حلوان وأبيت فيه عاوز حل لهذه المشكلة. المحافظ: سوف نحل هذه المشكلة علي الفور وسوف أقوم بالاتصال الآن بالسيد مدير أمن حلوان لايقاف مشكلة »المصاريف« لحين الانتهاء من الحصول علي احكام بالبراءة.. وفي هذه اللحظة دخل إلي القاعة المقدم ياسر محمود رئيس مباحث حلوان وطلب منه المحافظ حل هذه المشكلة والنظر إليها إنسانيا بروح القانون. ظلموك يا ولدي محمد: لكن يا أفندم أنا اتظلمت ظلم كبير؟ المحافظ: أنا يضايقني بشدة ان يتعرض مواطن صالح من حلوان يسعي لأكل عيشه لظلم وأنا معاك »بالباع والدراع« لو المهندس كتب اسم المخالف صح ولو تم الاستيفاء من الشرطة عن المحضر الذي حرره المهندس ولو تم الاستيفاء من النيابة عن المحضر قبل عرضه علي المحكمة ما حدث ذلك.. هناك حالات قصور في الإدارات الهندسية لا أنكرها وأنا أول من يحاربها.. مهندس الحي عندما يذهب لتحرير محضر بالمخالفة يكتب اسم صاحب العقار المخالف حسب ما يستطيع ان يجمع من معلومات لانه أمام مبني بدون ترخيص وإذا لم يعرف صاحب العقار المخالف يكتب انه لم يستدل علي صاحب العقار لان مهندس الحي يعنيه العقار المخالف وعندما يعود إلي الحي يحرر محضرا من أصل وصورتين ويرسله لقسم الشرطة التابع له العقار المخالف ويتم استيفاء المحاضر ويرسل القسم المحضر للنيابة التي تقوم باستيفاء المحضر وإرساله للمحكمة لكن كل هذه الإجراءات سارت في هذه القضية حسب المحضر الذي حرره مهندس الحي حتي صدرت الاحكام الستة. صاحب العمارة؟ محمد: يا أفندم أين ملف العمارة وأين صاحبتها التي هربت؟ المحافظ: العمارة ليس لها ملف في الحي شأنها شأن الكثير من العقارات المخالفة بالمناطق العشوائية ويتم الآن البحث عن صاحبة العمارة لاننا علمنا ان زوجها توفي. والد محمد: يا أفندم صاحبة البيت هربت لما عرفت ان محمد صدر عليه حكم الحبس ونصحوها بالابتعاد حتي تري ماذا يحدث مع محمد لانها لو حضرت سيتم القبض عليها وحبسها بدلا منه فخافت وتركت المنزل. ولماذا لم تقدموا هذا المحضر للنيابة والمحكمة؟ الأب: حصلنا علي المحضر بعد صدور الحكم في القضية الأولي. المحافظ لمدير الإسكان: خذ صورة هذا الحكم مع باقي المستندات لان القضية بنيت علي اسم باطل ومن حق النائب العام والتفتيش القضائي ان يوقفها واعادتها للاستيفاء مرة أخري وسوف نتحمل دورنا بالكامل لتصحيح المعلومة للشرطة وللنيابة وللمحكمة وعليكم البدء في هذا الإجراء فورا لتوضيح حقيقة الموقف واظهار الحقيقة.. أنا شريك لهذا الرجل باعتباره مواطنا من حلوان وعليكم السير في مسارين المسار الأول مناشدة النائب العام والتفتيش القضائي بإعادة القضية للاستيفاء وادخال المستندات الجديدة في القضية وهي اعتراف صاحبة العمارة في محضر رسمي بأنها المالكة وكشف المشتملات وخطابات رسمية من الحي بأن هذه العمارة ملك لورثة رمضان سعيد مجاهد والحي سيكون ضامنا متضامنا مع الشاب المظلوم حتي يحصل علي البراءة في جميع القضايا. محمد: شكرا يا أفندم أنت فعلا أب وإنسان ويا ريت كل الناس زيك وأنا يكفيني هذا ويكفيني ان الناس عرفت اني بريء ومظلوم لانه فيه ناس كانت تشكك في ذلك وتقول اني شايل القضية برضاي وبأقول لهم حرام عليكم. قدري أبوحسين مداعبا: عموما اللي حصل اعتبره زكاة عن صحتك وعن اللب اللي بتبيعه للناس غالي وكمان انت مخالف لان المحل بتاعك بدون ترخيص واحنا عموما هنعمل لك ترخيص للمحل حتي تكون كل أمورك قانونية. ويا ابني خذ الكارت الشخصي بتاعي ولو حدثت معك أي مشكلة كلمني فورا. صعيدي جدع محمد ووالده يقفان من مقعديهما المجاور لمقعد المحافظ ويقوم كل منهما بتقبيله بعد عناق طويل مقدرين له حسن صنيعه وقال والد محمد للمحافظ »انت صعيدي جدع«. المحافظ: لم أفعل غير الواجب لانني مسئول عن أي مواطن بحلوان ومكتبي مفتوح لأي صاحب شكوي ومظلمة وتعليماتي لكل المسئولين بالمحافظة ولرؤساء الاحياء بحل مشاكل المواطنين فورا. وعقب الجلسة قال قدري أبوحسين »للأخبار« انه كان يمر بمنطقة عزبة النخل بالمعصرة وشاهد الشدة الخشبية لهذه العمارة التي قام مالكها ببناء 4 طوابق مخالفة وطلب من الإدارة الهندسية للحي تحرير محاضر مخالفات لصاحبها وطلب مراجعة العقارات المخالفة بهذه المنطقة العشوائية وجميع العشوائيات بالمحافظة شهود الجلسة حضر جلسة العرب التي ترأسها المحافظ كل من المهندس سيد عبدالحميد مدير إدارة الاسكان بمحافظة حلوان واللواء أسامة فرج رئيس مدينة حلوان والمهندس عادل اسماعيل رئيس حي المعصرة ومحمد أبوالحسن رئيس حي عين حلوان والعميد حمدي أبوهاشم مدير عام الاعلام بمحافظة حلوان والمهندس محمود فتحي الذي حرر المحاضر للمتهم البريء والمهندس عفت مدير الإدارة الهندسية لحي المعصرة.. وحضر ايضا الشاب المتهم البريء محمد حفظي سويلم ووالده.. كما حضر الجلسة جريدة »الأخبار« التي تبنت وانفردت بإثارة مأساة محمد وبرنامج »مصر النهارده« الذي حرص علي متابعة القضية.
