ممثلو دول «5 + 1» مع وزير خارجية إيران بعد توقيع الاتفاق التاريخى أخيرًا توصلت الدول الكبري الست وإيران لحل للخلافات حول برنامج طهران النووي عبر اتفاق مبدئي لتقييد هذا البرنامج مقابل العقوبات الدولية المفروضة علي ايران في انتظار التحقق من الشروط النهائية للاتفاق، لكن هل سيؤدي الاتفاق فعلا إلي حل للنزاع النووي؟ يبدو ان الأمر لم يحسم بعد. لايبدو حتي الآن أن دول الشرق الأوسط بدأت بالفعل التكيف مع المشهد السياسي الإقليمي الجديد. ففي الوقت الذي تصر فيه كل من امريكاوإيران علي أن المفاوضات تتعلق فقط ببرنامج طهران النووي الا ان قادة العالم العربي يرون الاتفاق من خلال منظور توازن القوي في منطقة الشرق الأوسط خاصة مع اندلاع العديد من الصراعات في المنطقة. ففي اشارة إلي الطريقة التي يمكن أن يؤثر الاتفاق علي تطوير العلاقات بين طهرانوواشنطن، نقل التليفزيون الإيراني لأول مرة خطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما يوم الخميس الماضي. علي الجانب الآخر تتفاوت نظرة زعماء المنطقة للاتفاق وتتراوح بين الأمل أو الخوف من أن تتضخم قوة إيران نتيجة رفع العقوبات الاقتصادية وتصبح عضوًا فاعلاً في النظام الدولي. فهناك مخاوف لدي العالم العربي وخاصة دول الخليج من ان الاتفاق الذي ينهي رسميا وفعليا حالة العداء مع امريكا يمكن ان يحول ايران إلي رجل شرطة بالمنطقة يمثل قوة مسيطرة تساعد واشنطن علي مختلف الجبهات الإقليمية من أفغانستان إلي العراق مرورا بسوريا وحتي لبنان، فضلاً عن تأمين امدادات النفط للغرب. كامب ديفيد وفي محاولة لتهدئة مخاوف الحلفاء في دول الخليج من تداعيات الاتفاق أعلن اوباما انه سيدعو أعضاء مجلس التعاون الخليجي إلي كامب ديفيد في ربيع هذا العام لمواصلة تعزيز علاقات الأمن والتعاون مع امريكا، وقال أيضا انه دعا بالفعل العاهل السعودي الملك سلمان( الخصم الإقليمي الرئيسي لإيران) لشرح محتوي الاتفاق.. تحرك اوباما تجاه الزعماء العرب كان اسرع من تحركه تجاه نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد اعلن أوباما انه سيتحدث معه في وقت لاحق. لكن أوباما سيواجه تحديا في استمالة دول الخليج، التي تقف وجها لوجه حاليا ضد إيران في اليمن وسوريا والعراقولبنان. فقد تأكدت مخاوف دول الخليج بعد رسالة أوباما إلي خامنئي المرشد الأعلي الإيراني في أكتوبر الماضي والتي قال فيها «إن الاتفاق النووي من شأنه أن يؤدي إلي تقارب إقليمي أوسع نطاقًا بين امريكاوإيران» وحمل ذلك تلميحًا لدعم النظام السوري الذي تسانده طهران ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال فإن أوباما ربط تعاون ايران مع واشنطن ضد داعش باتفاق لتهدئة مخاوف ايران حول مستقبل حليفها بشار والدليل علي ذلك ان واشنطن تتحرك ببطء في خطتها لتدريب وتسليح قوات المعارضة السورية. حتي الآن لا يبدو ان واشنطن قدمت ضمانات لحلفائها في دول الخليج من مخاطرالاتفاق علي المنطقة تهدئ من مخاوفها من تداعياته المحتملة عليها ومن أطماع إيران التوسعية . خاصة مع تزايد المخاوف بأن يؤدي الاتفاق لإطلاق يد إيران أكثر في المنطقة خاصة ان الاتفاق يركزعلي المصالح الأمريكيةوالايرانية دون مراعاة مصالح دول الخليج. رسالة لواشنطنوايران ويعتقد بعض المحللين ان الجهود التي تبذلها السعودية لاحتواء التداعيات الإقليمية للاتفاق استبقت هذا الاتفاق بالفعل.. بإطلاق عملية عاصفة الحزم ضد المتمردين الشيعة المدعومين من إيران، في نفس الوقت تمكنت جماعات سورية مسلحة تدعمها السعودية من تحقيق انتصارات مؤخرًا ضد نظام بشار بالسيطرة علي مدينة إدلب.. ولذا فإن توقيت العملية اليمنية يحمل رسالة واضحة لإيرانوواشنطن مفادها أن المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي ضد السياسة التوسعية لإيران وانها لن تسمح لإيران مرة اخري بزعزعة استقرار دول المنطقة وان هناك رادعًا عربيًا اقليميًا من الدول الاسلامية والخليجية يتسع ليشمل دولاً اخري في المنطقة وخارجها. سباق نووي علي الجانب الآخر فهناك مخاوف لدي حلفاء السعودية في العالم العربي من أن اي اتفاق سوف يؤدي إلي اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.. علي سبيل المثال فقد طالبت مصر كثيرًا بأن تكون المنطقة خالية من الأسلحة النووية وركزت سياستها في الضغط علي اسرائيل للتخلي عن أسلحتها النووية، ولكن النتيجة كانت فقط تقيد كل برامج تطوير الأسلحة النووية في أي مكان بالعالم العربي. واذا كان الاتفاق يترك لإيران طريقًا لبناء سلاح نووي فسوف يكون هناك مسعي لان يمتلك العرب مثيلا له.. فالسعودية تخطط لبناء 16 مفاعلا نوويا علي مدي العقدين المقبلين، كما يميل التحرك الخليجي إلي امتلاك برنامج نووي سلمي حاليا قد يتم تحويله مستقبلاً إذا ما اقتضت الضرورة إلي برنامج عسكري علي غرار ما قامت به الدول النووية في العالم.الاتفاق الاخير مع ايران يؤكد ان كل شيء ممكن!! آمال المغربي