عقب أذان الفجر انطلقت رسالة عبر مكبرات الصوت في عدد من المساجد تقول :إنا لله وإنا اليه راجعون، توفي إلي رحمة الله تعالي المرحوم فلان، والد كل من فلان وعلان وشقيق ونسيب عائلات كذا وكيت والدفنة بعد صلاة الظهر والبقاء لله..قبل أذان الظهر بساعة تجمع أهل وأقارب المتوفي أمام منزله في انتظار خروج الجثمان، في المسجد وضع «النعش» علي يسار المصلين وبعد الفريضة تمت الصلاة علي الميت واتخذ سبيله محمولا علي الأعناق إلي المثوي الأخير، الموت حق نعم ولكنك لا تستطيع التماسك أمام دموع ابن أو شقيق ولا أمام نحيب زوجة تري رجلها في كفن ورحلة غياب للأبد او ابنة تكتم صرخاتها فتخون مشاعرها قوتها فتطلق الصرخات عالية»مع السلامة يا ابي» شيخ الجامع يلقي كلمة قبل الصلاة،طبقات صوته تعلو وتنخفض،ايها الناس اعلموا انكم ستموتون كما تنامون وستبعثون كما تستيقظون،ان كان عمل الميت صالحا استقبله رجل بشوش بملابس بيضاء يقول له انا عملك الصالح وان كان غير ذلك استقبلته ملائكة الحساب بكذاوكذا،الناس يبكون ولا يستطيعون التكذيب..شخص واحد فقط يعلم الحقيقة ولا احد يستطيع الاستفسار منه لانه الميت ذاته،اتذكر قريبي الفلاح الذي عاش علي الفطرة حتي مات كان يقول «اللي ما في حد من الميتين اللي دفناهم كلهم رجع وقال لنا ايه اللي بيحصل جوه» اقدام المشيعين تتصادم فالطريق للمقابر يضيق ويتسع،ابناء المتوفي واشقاؤه وأحبته المقربون يحيطون بفوهة القبر عند نزول الجثمان إلي قبره، ينتهي المشهد الحزين بإهالة التراب علي فتحة القبر ليعود كل في طريق،حكايات تسمعها من المشيعين الذين قرروا الانتظار لسماع قاريء فترة العصر، حكاية واحدة استوقفتني وكان راويها يريد توصيل رسالة بأن الموت لا يحتاج إلي مرض او حادث انما هو أجل محتوم،أتذكرون فلانا الذي مات قريبا،كان في أحسن صحته وعاد بعد العصر من حقله حزينا مهموما لقد شاهد مهندسي لجنة نزع الملكية يدقون الحديد في ارضه، دخل منزله وبعد ساعة أعلنوا وفاته، قال رجل لكن خبر نزع الملكية للطريق العام أمر ليس بجديد والحكومة التي كانت تدفع في السابق تعويضات هزيلة لاتزيد عن 7 آلاف جنيه للقيراط حددت سعر تعويض القيراط ب 80ألف جنيه،رد رجل: نعم هي مشكورة ولكن ذلك قد ينفع مع أي شعب إلا المصريين فالأرض للفلاح تعني حياته، وكنوز الدنيا لا تعوضه عنها وهذا هو سر المصريين خير أجناد الارض فتمسك جنود جيش مصر بتراب سيناء كان أهم أسباب نصرهم في حرب 73.