القضية التي شغلت العالم كله خلال الأيام القليلة الماضية تتعلق بالملياردير ميخائيل خودوركوفسكي الذي يعد أغني رجل في روسيا: قلعة الشيوعية، ومعقل لينين وكارل ماركس، اللذين معا أحدثا شرخا عميقا في جدار البشرية مازالت اثاره تتفاعل حتي يومنا هذا، وذلك رغم انهيار النظرية الشيوعية، وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وتحول العالم الشيوعي - باستثناء كوريا الشمالية - إلي بوصلة، ومسارات، النظام الرأسمالي! القضية تتمحور في اتجاهين متضادين، أحدهما تتبناه السلطات الروسية وفحواه أن الرجل متهم بجرائم السرقة، وغسل الأموال، والتهرب من الضرائب، أما الاتجاه الثاني فيتمثل في اعتبارات سياسية تمس حكم القانون في روسيا ويقوم علي واقع ان خودوركوفسكي تصادم مع الكرملين إبان حقبة رئاسة فلاديمير بوتين.. وأن بوتين - رجل روسيا القوي، ونظامه الذي مازال قائما، يقف وراء مطاردة هذا الملياردير الروسي.. وهي المطاردة التي انتهت بصدور حكم بالسجن ضده لمدة 6 سنوات! وكما تري، وبشيء من الواقعية، فإن كلا الاحتمالين قابل للمصادقة، ومع ذلك وحتي تكتمل الصورة، ويزداد اقترابها إلي الواقع، فانه ينبغي أن نضع في حساباتنا أيضاً انه لو كانت روسيا قد نسفت اركان هذه العقيدة علي يد ميخائيل جوربا تشيف ورجاله، فإن ظلال هذا النظام البائد مازالت تلقي بشوائبها علي النظام القائم والمعمول به حاليا، إذ ليس من المعقول أبدا أنه بعد أكثر من ستين عاما كانت خلالها الدولة بجميع أجهزتها تهاجم الرأسمالية، وتعتبر الأثرياء لصوصا ومجرمين في حق شعوبهم ينبغي القصاص منهم ومن ذويهم.. ليس من المعقول أبدا بعد ذلك خروج رجل مثل خودوركوفسكي ليحقق هذا الثراء الفاحش، ويقف في وجه الكرملين، ويناطح بوتين ذاته.. فمازال الوقت مبكرا جدا علي استيعاب وقبول مثل هذا الوضع الذي يتطلب المزيد من الأجيال حتي يتم التخلص تماما من آثار هذا النظام »البائد« والشرير، الذي أودي بحياة الملايين من البشر، وهدد العالم كله بالفناء، والذي في النهاية لم يفن إلا ذاته لانه كان يحمل في طياته كل مقومات الفناء! وفي ذلك فإن روسيا ليست وحدها، ولكن معها كل الدول التي أخذت بهذا النظام.. أو حتي ببعض من جوانبه!