رؤساء 8 دول يعدلون الدستور للاستمرار في الحكم رغم قتامة وسوداوية معظم التوقعات الخاصة بعام 2015 وخاصة علي صعيد الاوضاع الاقتصادية، فان ما يخص قارتنا السمراء ينذر ببشرة خير، حيث يتوقع المحللون نموا اقتصاديا يربو علي 5%، لاسباب عديدة اهمها ان عبء الديون الثقيلة الذي اسقطته الدول الغنية عن كاهل افريقيا منذ سنوات ساعد علي دعم التوقعات التي تفيد بحدوث هذا النمو الاقتصادي، وعلي عكس بشارات الخير الاقتصادية لا يتوقع المحللون نفس هذه البشارات علي الصعيد السياسي، فهناك 8 دول افريقية يسعي قادتها لتعديل الدستور للاستمرار في الحكم لمدد أطول. ويتوقع البعض ثورات اخري علي غرار ما حدث في بوركينا فاسو في العام الماضي حيث من المرشح ان ينتقل ربيع"بلد الاحرار"(معني بوركينا فاسو) إلي دول افريقية اخري. ومع ذلك فقد اختلف بعض المحللين حول امكانية وقوع مثل هذه الثورات مؤكدين ان الاوضاع السياسية وتوازنات القوي في الدول الاخري مختلفة تماما عما هو الحال في بوركينا فاسو، ولعل تعاطف الجيش مع ثورة الشعب في بوركينا فاسو هو الذي مكن هذه الثورة من الاطاحة بالرئيس بليز كومباوري. وعلي الصعيد الصحي يكشف لنا العلماء عن جهود جبارة لمكافحة فيروس الايبولا الشرس الذي حصد ارواح عدة آلاف من ابناء القارة، حيث يشهد عام 2015 التوصل إلي علاج جديد للمرض المتوقع ان يبدأ انحساره مع ربيع هذا العام، فضلا عن التوصل إلي لقاحات لتأمين البشر ضد غدره. ويدفع الامل في القضاء علي فيروس الايبولا، الافارقة إلي التطلع للقضاء علي الايبولا السياسية المتمثلة في رغبة العديد من الرؤساء الافارقة في البقاء علي كرسي الحكم أطول مدة ممكنة، فمنهم من لايزال يتبوأ مقعده من الرئاسة لاكثر من 35 عاما !. ماذا ينتظر قارتنا السمراء في العام الجديد علي الاصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمرضية (بفتح الميم والراء) بفعل تفشي مرض الايبولا ؟.. علي الصعيد الاقتصادي وبالرغم من كل التوقعات المتشائمة بشأن الأوضاع السياسية وتدهور الاقتصاد وخاصة أسعار السلع الأولية الا ان اقتصادات معظم الدول الأفريقية ستسجل نموا قويا نسبته 5% أو أكثر في العام القادم وهي توقعات تسيل لعاب المستثمرين الذين يعانون من الركود الذي ضرب أوروبا وتباطؤ النمو في الأسواق الناشئة في آسيا. وفيما يتعلق بالديون مرت عشر سنوات علي قمة مجموعة الثماني في جلين إيجلز في اسكتلندا عندما اقنع بوب جلدوف وتوني بلير الدول الغربية بإسقاط مليارات الدولارات من الديون السيادية علي الدول الأفريقية. وقد ادي إسقاط الديون إلي تحقيق هذه الطفرة في النمو في "أفريقيا الصاعدة" التي تلت ذلك. ومع ذلك سيبدأ كثير من الدول الأفريقية في الشعور بوطأة إنخفاض أسعار السلع الأولية وركود النمو والضغوط علي العملات الوطنية. فماذا سيحدث لكل هذه المشروعات والناس والشركات الذين كانوا يتطلعون إلي جني الملايين منها مع انخفاض أسعار السلع الأولية في الوقت الحالي؟ هذا عن الوضع الاقتصادي للقارة بشكل عام فماذا عن الاوضاع السياسية،خاصة وان دول القارة ستشهد العديد من الانتخابات(رئاسية وبرلمانية) في 2015. بوركينا فاسو حمل عام 2014 في طياته العديد من الأحداث الساخنة التي ستظل لها تداعياتها خلال عام 2015، ولعل أبرزها مظاهرات بوركينا فاسو التي لفتت أنظار العالم بعد أن أطاحت خلال أسبوع بالرئيس بليز كومباوري أحد أطول الزعماء حكما في القارة السوداء، وما أعقبها من صيحات دوت في ميادين العاصمة واجادوجو احتجاجاٌ علي تخبط إدارة المرحلة الانتقالية لتحول دون تكرار نفس السيناريو الذي شهدته البلاد عبر حكامه الخمسة منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960. لكن المشهد الأخير تغير هذه المرة حيث تشكلت حكومة انتقالية مدنية لحين إجراء انتخابات رئاسية. ومن المرجح أن يشهد عام 2015، وتحديدا في شهر نوفمبر المقبل، ثمار ما دفعه الشعب البوركيني من دماء وتضحيات لاختيار رئيس ديمقراطي تعطش له الكثيرون طويلا من أجل بدء رحلة تحقيق حياة كريمة تأتي بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. ومن الصعب للغاية أن يستطيع أحد تحديد مصير بوركينا فاسو التي يعني اسمها «بلد الأحرار» أو أن يرسم مستقبلها، لكن بعض المحللين السياسيين المعنيين بالشئون الإفريقية يرون أن مصلحة الدولة تقتضي بقاء قيادات الجيش علي الساحة السياسية لضبط الأمن، بينما يفضل آخرون استمرار الرئيس المؤقت في مزاولة مهامه بدلا من البدء من الصفر، في حين يتوقع قليلون ظهور بطل جديد يجمع عليه الشعب في الفترة المقبلة. تكهنات أخري تشير إلي أن أحداث بوركينا فاسو ستطلق عنان موجة من الثورات في أنحاء إفريقيا عام 2015، أو تطيح برؤساء آخرين، ورشح الخبراء أسماء دول بعينها. وقد انقسمت الآراء حول هذه القضية، إذ استبعد بعض المحللين تكرار نموذج بوركينا فاسو في دول أخري سريعا، أو تحديدا في عام 2015، نظراً لاختلاف الأوضاع الداخلية في بوركينا فاسو عن بقية الدول الإفريقية، فأحزاب المعارضة في العديد من هذه الدول تواجه رؤساء ونخبا سياسية أكثر قوة من تلك التي واجهتها جموع المتظاهرين في بوركينا فاسو، وقد كان العامل الحاسم في نجاح الإطاحة بكومباوري هو تعاطف الجيش مع الجموع الناقمة بعد تمرد الجنود عام 2011 لعدم حصولهم علي علاوات مالية، لكن رؤساء الدول الغنية المنتجة للبترول مثل أنجولا أو غينيا قد يستخدمون موارد الدولة لتمويل المحسوبيات السياسية وشراء ولاء أصحاب الرتب العسكرية، كما أن مصالح القوي الغربية خاصة الولاياتالمتحدةوفرنسا في الغرب الإفريقي ساهمت في سرعة إعادة الاستقرار السياسي لبوركينا فاسو. ويتوقع خبراء آخرون حدوث صراعات وثورات، خاصة أن ما حدث في بوركينا فاسو لم يكن سوي صورة متماثلة للمشكلات التي يواجهها العديد من الدول الإفريقية الأخري، إلي جانب تكرار ظاهرة سعي الحكام لتعديل الدساتير لتمديد فترة رئاستهم، كما هو في أنجولا وزيمبابويوغينيا وتشاد والكاميرون والجابون وتوجو وجيبوتي. وسواء حدث هذا السيناريو او ذاك فقد دخلت بوركينا فاسو تاريخ صراع الحكومات مع الشعوب، بعد أن صارت نموذجاً يحتذي به في التصدي للديكتاتورية، ودليلا واضحا علي مدي تأثير صوت الشارع الذي بات لزاما عدم الاستهانة به، وأصبحت تجربتها أداة تحفيز لجميع الشعوب الإفريقية الأخري، لتزيد من جرأتها في مواجهة حكامها العازفين عن ترك السلطة. ولكن علي الرغم من كل هذه النبوءات، فإن مستقبل بوركينا فاسو نفسه يظل مجهولا حتي الآن، نظراً لما ستواجهه البلاد من مشكلات سياسية واجتماعية متوقعة في العام الجديد. الكونغو الديمقراطية وعلي طريقة المنجمين، يتوقع خبراء أن تكون جمهورية الكونجو الديمقراطية نقطة الصدام المقبلة، إذ أن مؤيدي الرئيس جوزيف كابيلا الذي شغل مقعده الرئاسي لفترتين يشنون حاليا حملة لتمديد فترة حكمه، إلي جانب حملة الاعتقالات التي تنفذها قوات الأمن علي حشود المعارضة. وفي الكونغو الديمقراطية، تسود حالة من الغموض موقف الرئيس جوزيف كابيلا الذي تنتهي ولايته الثانية والأخيرة في 2016. فعلي الرغم من أن الدستور الكونغولي لعام 2006 نص علي أن مدد الحكم غير قابلة للتعديل، فإنه ليس معروفا ما إذا كان كابيلا سيقدم علي خطوة تعديل الدستور، أم أن السلطة ستنتقل إلي من سيخلفه بطريقة سلمية. وقد يؤدي تكرار ما حدث في واجادوجو إلي أعمال عنف في برازافيل عاصمة جمهورية الكونغو، لأن الأنظمة في مثل هذه البلدان قد لا تلتزم بضبط النفس كما فعل جيش بوركينا فاسو. الكاميرون في الكاميرون، تأمل المعارضة أن يرحل الرئيس بول بيا بالطريقة عينها التي رحل بها كومباوري حيث يواجه بيا تهم فساد وانتهاك حقوق الإنسان خلال فترة حكمه التي استمرت 32 عاماً. وكان بيا الجاثم علي السلطة منذ 1982، قد قرر تعديل الدستور عام 2008 لإلغاء تحديد فترات الحكم.وعلي الرغم من الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت في الكاميرون ضد تعديل الدستور، فإن البرلمان وافق علي التعديل، وخاض بيا انتخابات 2011 وفاز فيها بفترة رئاسية جديدة. توجو تتزايد الاحتجاجات في توجو قبل الانتخابات المزمع اجرائها في مارس القادم حيث يسعي فوريه جناسينجبي اياديما،الذي خلف والده كرئيس للبلاد، لفترة رئاسية أخري. ففي توجو، تظاهر الآف ضد قرار ترشح الرئيس جناسينجبي لفترة رئاسية ثالثة العام المقبل. وكان جناسينجبي - الذي تولي السلطة عام 2005 خلفا لوالده الذي حكم البلاد 38 عاما قد أجري تعديلا دستوريا عام 2002 يسمح بإلغاء النصوص الخاصة بتحديد فترات الحكم، لكن في بداية العام الجاري، تقدم برلمانيون بمشروع قانون لإعادة تلك النصوص، إلا أنه تم رفضها من قبل أعضاء من الحزب الحاكم الذي يشكل الأغلبية العظمي في البرلمان. رواندا وكذلك الحال في رواندا، حيث دعا حزب الجبهة الوطنية الرواندية الحاكم إلي إجراء استفتاء شعبي لتغيير الدستور بما يسمح للرئيس بول كاجامي لتولي فترة رئاسة ثالثة في عام 2017، علما بأنه تم انتخاب كاجامي مرتين عامي 2003 و2010. زيمبابوي وبالحديث عن القدامي فإن روبرت موجابي رئيس زيمبابوي سيدخل عامه الخامس والثلاثين في السلطة وعامه الثاني والتسعين في العمر. ومع تعيين خلف واضح له في الآونة الأخيرة فإن كل الأنظار تتوجه إلي ما ستكون عليه زيمبابوي بعد موجابي وما إذا كان استسلام المحارب القديم المخضرم للموت سيكون إيذانا بانفجار داخل حزبه الحاكم - حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية. وفي عام 2014، دخلت سيدة زيمبابوي الأولي، جريس موجابي، معترك الحياة السياسة بنشاط محدثة ضجة، تسببت في تطاير كثير من الرؤوس، وتغيير معالم الحزب الحاكم في البلاد والحكومة، وكانت تصريحاتها النارية خلال الاجتماعات العامة كفيلة بتقسيم حزب "الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي" "زانو- بي إف" الحاكم، الذي يهيمن علي السلطة منذ استقلال البلاد في عام 1980. يعتقد الكثيرون أنها أقرب خليفة محتمل لزوجها. نيجيريا: ستجري انتخابات في نيجيريا صاحبة أكبر اقتصاد وأكبر منتج للنفط في أفريقيا وأكبر بلدان القارة سكانا في منتصف فبراير القادم في ظل تمرد مسلح لإسلاميين متشددين في شمال شرق البلاد(جماعة بوكو حرام) يجعل من المستحيل إجراء انتخابات تتمتع بأي قدر من المصداقية. وينبئ انهيار أسعار النفط والحالة الباهتة للاقتصاد بعد أن قضي الرئيس جودلاك جوناثان أربعة أعوام في السلطة بأن الانتخابات ستكون سباقا متقارب النتائج. إثيوبيا: أتمت إثيوبيا ثاني أكبر دولة أفريقية سكانا بعد نيجيريا طرح أول سندات دولية لها بقيمة مليار دولار. وبعد خمس سنوات من النمو الملحوظ هل سينطلق هذا المارد النائم في شرق أفريقيا هذا العام؟ ذلك ما سيتعين علينا أن نراقبه.