ولاء التمامي تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    البورصة المصرية تصدر الدليل الاسترشادي المحدث لقواعد التداول    القصير يدعو لتحليل الجودة والجدوى الاقتصادية لزراعة الكسافا    مخاوف من حرب مفتوحة    السر في "النينيو".. خبير مناخ يوضح سبب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام (فيديو)    بعثة منتخب مصر تغادر لغينيا بيساو على متن طائرة خاصة    زيدان: مبابي سيصنع التاريخ وسيتخطى جميع لاعبي ريال مدريد    اتحاد جدة يستقر على رحيل جاياردو قبل معسكر أوروبا    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بالفيوم    قضايا الدولة: 12 مليون جنيه غرامة إتلاف الشعاب المرجانية بالغردقة    مواعيد قطارات عيد الأضحى.. تعمل بداية من 10 يونيو 2024    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    «إسعاد» بمسرح العرائس    الموسيقيين تنفي اجتماعها غدا للتحقيق في واقعة عمرو دياب    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    العشرة الأوائل من ذي الحجة .. هل هي الليال العشر ؟    حياة كريمة في أسيوط.. تطوير 98 وحدة صحية لخدمة القرى    «صحة المنيا» توقع الكشف على 1237 حالة بقافلة طبية في بني مزار    عند المعاناة من متلازمة القولون العصبي.. ماذا تأكل وماذا تتجنب؟    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    ب«750 ألف يورو».. الأهلي يحصل على توقيع زين الدين بلعيد لمدة 4 سنوات    وزير الصحة يحيل المتغيبين عن العمل للتحقيق بمستشفى مارينا    بالصور- ننشر أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء    مصر تواصل جهود تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «علم».. وفلسطين حاضرة بقوة (صور وتفاصيل)    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    سما الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: نفسى أكون دكتورة مخ وأعصاب    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    وفد من السفارة الألمانية يزور الجامعة اليابانية لبحث التعاون المشترك    الدفاع الروسية: قوات كييف تتكبد خسائر بأكثر من 1600 عسكري وعشرات الطائرات المسيرة    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    التوقعات الفلكية لبرج الحمل في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (التفاصيل)    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    بيطرى شمال سيناء: تواصل الجهود لضمان سلامة الأضاحى قبل عيد الأضحى    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستوصفات الأرياف .. خيال مآته
نقص حاد في الأدوية.. اختفاء تام للأطباء.. والتومرجي هو الدكتور


منى : نذهب للتومارجى للحصول على العلاج
إذا كنت من مرضي الضغط فلا تذهب لوحدة صحية.. وإذا كنت تعاني من مرض مزمن في المعدة فلن تجد الرانتيدين المخصص لعلاجه داخل الوحدات الصحية.. وإذا رزقك الله بطفل وكان يعاني من القيء المستمر فلن تجد بالوحدات الكورتيجين الذي يوقف القيء.. وإذا ذهبت للبحث عن طبيب بعد الساعة الحادية عشرة ظهراً فأنت بذلك تبحث عن سراب في صحراء.. عفواً.. إذا ذهبت لوحدة صحية فأنت مفقود وإذا خرجت منها ستخرج علي نقالة.
«الأخبار» رصدت جراح الغلابة بوجه بحري وقبلي داخل الوحدات الطبية، ونهدي ما تم رصده بالصورة والكلمة للسيد معالي وزير الصحة في مصر.
أحمد محمد أحد فلاحي قرية اجوي التابعة لمدينة بنها بمحافظة القليوبية تعرض لحادث إثر اصطدام دراجته البخارية بسيارة نصف نقل، تسبب الحادث في إصابته بجروح غائرة في الرأس والوجه وكسور في القدمين، اعتقد أحمد أن إسراع أهالي قريته في نقله إلي الوحدة الصحية بقريته سيكون نهاية لآلامه وجروحه ولكنه لم يكن يعرف أنه علي موعد مع العذاب.. كانت عقارب الساعة تشير إلي الثالثة عصراً، بمجرد دخول أحمد إلي الوحدة الصحية اكتشف أن أبواب الوحدة مغلقة ب«الضبة والمفتاح»، وأن الطبيب «النوبتجي» ليس متواجداً.. وطاقم التمريض اختفي في ظروف غامضة.. الدماء تنهال من جسد أحمد والمعاناة تزداد والسباب واللعنات تنهال علي مسئولي الوحدة الصحية، فما كان من الأهالي إلا خيار واحد وهو الذهاب إلي التومرجي.. هذا الشخص الذي تلجأ إليه القرية بأكملها كطبيب أول لها وكمنقذ في الحالات الطارئة.. تومرجي ولكنه بالنسبة لأهالي القرية البسطاء هو المعالج لجميع الأمراض.. هو من يطيب الجراح ويقوم بعمليات جراحية «طهور» للأطفال.. وهو من ذهب إليه طه حسين عميد الأدب العربي في سن مبكرة وتسبب في إصابته بالعمي ولكن مايزال مستوي الوعي تحت الصفر لدي أهالينا البسطاء في القري والنجوع.
أحمد محمد لم يكن حالة فريدة تعكس مدي الإهمال والتسيب الذي أصاب الوحدات الصحية ولكن جولتنا كشفت عن مسلسل من الفوضي الطبية داخل تلك الصروح.. فمباني الوحدات الصحية بالأرياف لم تعد تلك المباني البالية القديمة التي تسكنها الكلاب الضالة والحشرات وتقتحمها مياه المجاري والصرف الصحي ولكنها مبان جديدة بالسيراميك والقيشاني.. و«بتبرق» من النظافة، ولكن ينطبق عليها المثل القائل «من بره هلا هلا.. ومن جوه يعلم الله»!!
الجولة علي عدد من الوحدات الصحية بمحافظة القليوبية كشفت العديد من السلبيات نسلط عليها الضوء في هذا التحقيق الصحفي الذي لا يقدم معلومات جديدة في ملف الصحة بمصر بقدر ما يكشف عن إهمال قاتل نذكر به مسئولينا لعل وعسي يحدث شرخاً في جدار صمتهم أو يقدموا استقالتهم كما ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي وقال إن المسئول الذي يعجز، عليه تقديم استقالته.
هنا دجوي.. قرية بسيطة علي ضفاف نهر النيل بمحافظة القليوبية لا يتعدي عدد سكانها 15 ألف نسمة.. تمتلك وحدة صحية علي أعلي مستوي من النظافة والمبني الحديث.. ذهبنا إليها في تمام الساعة الثانية عشر، سألنا عن الطبيب المختص واكتشفنا أنه ليس متواجداً، وأنه انصرف في تمام الساعة الحادية عشرة أي قبل موعد خروجه بمقدار ثلاث ساعات، من المؤكد أنه ذهب إلي عيادته الخاصة أو المستشفي الخارجي الذي يعمل به وترك مرضي القرية فريسة للمرض.. سألنا عن طبيب الصيدلية، فاكتشفنا تواجد طبيبة واحدة فقط تعمل في الصيدلية رغم تواجد 3 أطباء مسئولين عن الصيدلية.. كشفنا عن هويتنا الصحفية وسألناها أخبار العلاج أيه في الوحدة الصحية.. تحدثت د. إيمان فايز بمنتهي المصداقية مؤكدة أن الخدمة العلاجية ليست علي ما يرام، وأن هناك نقصاً شديداً في العديد من الأدوية، وعندما تذهب لتصرف العلاج الشهري من الإدارة الطبية تجد أن هناك قائمة من الأدوية ترفعها وزارة الصحة من الأدوية الشهرية المخصصة للوحدات.
وأكدت طبيبه الصيدليه التي رفضت ذكر اسمها أن هناك نقصاً حاداً في أدوية الضغط مثل دواء كابتويد، وأدوية المعدة مثل رانتيدين، وكذلك أدوية القيء لدي الأطفال مثل الكورتيجين، مشيرة إلي أن هذه الأدوية عليها إقبال شديد من المرضي، ومن ثم يشترونها من الخارج بأسعار مرتفعة.
دخلنا عيادة الأسنان في الواحدة ظهراً، وكانت الطبيبة المسئولة عنها أنهت عملها في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف، وسألناها عن مستوي الأجهزة الطبية التي تعمل بها، فقالت إن الأجهزة مقتصرة فقط علي حقن البينج والخلع، ولكن لا يوجد ما يؤهلها لإجراء عمليات جراحية أو عمليات في اللثة، أو عمليات التقويم، كما أن جهاز الكمبروسر معطل، واتصلت الإدارة الطبية أكثر من مرة للإبلاغ بعطله ولكن «ودن من طين وودن من عجين»!!
انتقلنا إلي الوحدة الصحية في قرية «طحلا» وكانت عقارب الساعة تشير إلي الواحدة والنصف ظهراً، وكانت المصيبة، حيث إن الوحدة خاوية علي عروشها، فلا تواجد لأي من أطباء البشري أو أطباء الصيادلة أو أطباء الأسنان. الجميع اختفي.. تساءلنا ماذا حال المريض إذا أتي الآن إلي الوحدة من المؤكد أنه سيهدم هذا المبني علي رءوس العاملين به إذا لم يجد من يعالجه.. سألنا الممرضات العاملات في الوحدة أين الأطباء؟!!.. فكانت الإجابة السريعة: ذهبوا إلي أعمالهم الخاصة.. يبدو أن هناك حباً شديداً بين الأطباء والممرضات لدرجة جعلتهم يفتنون عليهم. ندعو وزير الصحة لزيارة هذه الوحدة الصحية.
الساعة أصبحت الثانية بعد الظهر، في هذه اللحظات أصبحنا في قرية ميت العطار وهي قرية كبيرة وقريبة جداً من مدينة بنها يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة، دخلنا الوحدة الصحية ونحن نعلم أن جميع الموظفين غادروا مكاتبهم وعياداتهم نظراً لانقضاء مواعيد العمل الرسمية، ولكن الأمر مختلف داخل الوحدات الصحية، فمن المفترض تواجد أطباء «نوبتجية» للعمل في فترة ما بعد الظهر، ولكن هؤلاء الأطباء لم يحضروا بعد وانتظرناهم داخل الوحدة الصحية حتي الساعة الثالثة عصراً لعل المانع خير في التأخير ولكن لم يأتوا.
كل شيء مغلق داخل الوحدة الصحية، بميت العطار، فغرفة الكشف مغلقة وغرفة الأسنان كذلك والصيدلية مصفدة، دخلنا دورات المياه، اكتشفنا أنها دورات بدائية تستخدم صنبور مياه وزجاجات بلاستيكية فقط لقضاء الحاجة، خرجنا من الوحدة في حالة من الاستياء تنتابنا لما وصلت إليه حال الوحدات الصحية في الوجه البحري، فما بالك بوجه قبلي البعيد عن العيون!!
شكاوي ورسائل عديدة يرسلها أهالي تلك القري البسيطة إلي المسئولين لإنقاذهم من الموت البطيء، تقول مني عبدالهادي ربة منزل إن حال الوحدات الصحية لا يسر عدو ولا حبيبا، فمستوي الخدمات متدن للغاية، والأطباء حديثو التخرج، والدواء غير «موجود»، موضحة أن لديها طفلة عمرها شهران وجاء موعد تطعيمها، وذهبت في الموعد المحدد، وقال لها الأطباء إن عليها تجميع 10 أطفال حتي يتمكنوا من فتح المصل، وطالبوا بعودتها بعد أسبوع، وبعد الأسبوع ذهبت فقالوا لها نفس الكلام، ومن شهر ولم يتم تطعيم ابنتها وطعمتها خارجياً بعيداً عن الوحدة الصحية.
وأوضحت أزهار عبدالغني من قرية ميت العطار وربة منزل إن الوحدات الصحية تفتقد سيارات الإسعاف لنقل الحالات الطارئة، لذلك يجدون صعوبة في الحصول علي سيارة إسعاف ومن ثم يلجأون إلي نقل المريض بسيارات خاصة أو انتظار سيارة إسعاف قادمة من مستشفي بنها الجامعي.
وقال هيثم توفيق أحد فلاحي قرية الساحل إن الفلاحين يعانون داخل الوحدات الصحية، فمواطني الأرياف الأكثر عرضة للإصابة بلدغ الحشرات لقرب منازلهم من الحقول، ولكن الوحدات الصحية تفتقر إلي أمصال العقارب والثعابين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.