الوقت الذي كان العالم يستعد فيه للاحتفال بعام جديد كانت هناك أصابع خفية قذرة تخطط لإرتكاب عمل إرهابي إجرامي يستهدف أمن مصر وإستقرارها وتنفجر عبوة ناسفة أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية بعد دقائق معدودة من بداية العام الجديد ويسقط مواطنون أبرياء ضحايا هذا العمل الإرهابي ويصاب آخرون. أكد هذا العمل الإجرامي أن مصر مستهدفة وأن هناك قوي خارجية وداخلية - للأسف - تسعي لزعزعة أمن مصر وذرع بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط وتحاول جاهدة إتباع أساليب مختلفة لتحقيق هدفها.. وقد عانت مصر من موجة إرهاب عاتية في تسعينيات القرن الماضي راح ضحيتها مواطنون أبرياء وتمكنت أجهزة الأمن بمساعدة المواطنين في إقتلاع جذور الإرهابيين والقضاء علي العديد منهم بينما أعلن قادتهم التوبة من سجونهم وإعترفوا بأخطاء جسيمة إرتكبوها في حق الوطن والمواطنين. وجاءت دعوة الرئيس مبارك للمصريين بعد ساعات قليلة من هذا الحادث الإرهابي بضرورة الوقوف صفا واحدا لمواجهة قوي الإرهاب تأكيدا علي أن المصريين عليهم أن يواجهوا الخطر والإرهاب الذي يتربص بمصر وأمنها وإستقرارها , ويقفوا صفا واحدا لا فرق بين مسلم ومسيحي.. فالضحايا من الجانبين , وهم جميعا مصريون أبناء وطن واحد يعيشون علي أرضه ويشربون من نيله وقد إمتدت جذورهم عبر آلاف السنين في تراب الأرض الطيبة.. كما كانت تحذيرات الرئيس مبارك بقطع رأس الأفعي التي تخطط لمثل هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية.. إشارة واضحة لجهود مختلف أجهزة الدولة لتعقب المجرمين الذين خططوا للعملية الإجرامية والذين نفذوها علي أرض مصر في ليلة يحتفل فيها المصريون مع باقي شعوب العالم بإستقبال العام الجديد وهم يتطلعون إلي آمال عريضة وأحلام كبيرة , يتمنون أن تتحقق لهم ولوطنهم في العام الجديد.. فتأتي الأصابع القذرة والحقيرة تخطط لعمل إجرامي إرهابي جبان تحول الاحتفال والأفراح في لحظات غادرة إلي أحزان وأشلاء ودماء تتناثر هنا وهناك وتزهق أرواح بشرية طاهرة في يوم فرحها لتذهب إلي بارئها ضحية الغدر والخسة والنذالة والإرهاب الأعمي. وساد الحزن أرجاء مصر في هذه الليلة الحزينة بعد أن تحول الفرح إلي مأتم وتعالت الصرخات وسط الدماء الطاهرة بينما كان الإرهابيون يتابعون هذا المشهد المأساوي الذي ظهر نتيجة آثمة لما إرتكبت أيديهم وما إقترفوه من ذنوب وآثام.. وكان من الطبيعي أن يعم الغضب جميع المصريين لهذا الحادث الإرهابي فخرجوا في مظاهرات طافت شوارع الإسكندرية (مسرح الجريمة ) وشوارع القاهرة.. ينددون به واجتمع المصريون جميعا لافرق بين مسلم ومسيحي فالكل غاضب لهذا العمل الإجرامي الآثم وعبر الجميع عن غضبهم في مسيرات رفعوا فيها الهلال والصليب ورددوا الشعارات التي تعبر عن حزنهم وغضبهم وفي نفس الوقت تعكس تضامنهم ووقوفهم صفا واحدا تلبية لدعوة الرئيس مبارك لمواجهة الإرهاب وليؤكد المصريون أنهم دائما يد واحدة علي قلب رجل واحد يواجهون الخطر حين يحدق بهم وبوطنهم وأمنهم ومهما كانت الخلافات بينهم في الرؤي والمعتقدات فالجميع في النهاية مصريون أبناء وطن واحد هو مصر. وكان الرئيس مبارك أول من دعا لعقد مؤتمر دولي للارهاب عام 1986 لوضع إطار محدد لتعريف الإرهاب وآلية موحدة عالمية لمحاربته وذلك في خطابه أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. وارتكزت مبادرة الرئيس مبارك علي نقطتين هامتين أولاهما ضرورة التنسيق الأمني بين دول العالم لملاحقة العناصر الإرهابية ومصادر تمويلها والثانية البحث عن جذور الإرهاب. ولم يترك الرئيس مبارك أي محفل عالمي أو حديث إعلامي إلا وكرر دعوته لعقد هذا المؤتمر تحت مظلة الأممالمتحدة لعقد إتفاقية عالمية شاملة لمكافحة الإرهاب وردعه وتوصيفه بالإضافة لوضع آلية عالمية معترف بها للتعامل مع الإرهاب وثار جدل كبير بعد دعوة الرئيس مبارك حول الفرق بين مقاومة الإحتلال والإرهاب ولم يعقد هذا المؤتمر حتي الآن.. وحين تعرضت الولاياتالمتحدة في احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 لعملية إرهابية ضخمة تابعها العالم علي الهواء مباشرة وإنفجرت طائرات في مركزي التجارة العالمي بنيويورك أدركت ضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب تأكيدا لمبادرة الرئيس مبارك. وأدان العالم أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما أدان حادث الإسكندرية.. وتلقي الرئيس مبارك اتصالات وبرقيات من قادة العالم شرقا وغربا ينددون بهذه العملية الإرهابية ويؤكدون تضامنهم مع مصر لمواجهة الإرهاب وإستئصاله حتي تواصل مصر مسيرتها التنموية ودورها المحوري في المنطقة. ولاشك أن هذا الدور وماحققته مصر من تنمية خلال السنوات الأخيرة بفضل ما تتمتع به من أمن وأمان واستقرار جعل أطرافا كثيرة تحاول تعطيل هذه المسيرة وضرب الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر.. وفشلت هذه المحاولات ولم تؤت ثمارها بفضل العيون الساهرة علي أمن الوطن ووعي المصريين لهذه المخططات. وظهر ذلك في مواقف عديدة كان آخرها حادثة الإسكندرية التي إستنكرها المصريون بمختلف طوائفهم وإنتماءاتهم السياسية والدينية ونددوا بها وإتخذت الأحزاب السياسية والمعارضة موقفا موحدا ضد هذه العملية الإرهابية وظهر تلاحم الشعب المصري ووقفته ضد الإرهاب ومساندته للدولة في جهودها ومساعيها لتعقب المجرمين وتقديمهم للعدالة. ولتظل مصر دائما بلد الأمن والأمان ينعم أهلها بالسلم والأمن يظلهم دائما التسامح والمحبة والروح العالية التي تؤكد صلابة معدن الإنسان المصري عبر التاريخ وقدرته علي تجاوز المحن والتصدي لها مهما كانت المحاولات اليائسة لزعزعة أمنه واستقراره لتبوء بالفشل وتظل مصر دائما فوق الجميع ونرتفع فوق الأحزان ونواصل العمل مهما كانت التحديات لرفعة مصرنا الغالية.