من الصعوبة بمكان التكهن بما يمكن ان تؤول إليه الاوضاع في اليمن.. فالصورة ضبابية إلي جانب كونها مأساوية، والشعب اليمني والقوي السياسية التي قادت الثورة الشعبية التي اندلعت في 2011 ضد نظام علي عبدالله صالح وأدت إلي الاطاحة به يعيشا حالة غير مسبوقة من خيبة الامل والذهول، بعد سقوط مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية امام تقدم القوات الحوثية وانهيار المبادرة الخليجية للانتقال السلمي للسلطة، واصبح اليمن علي حافة مرحلة صعبة تحمل عناوين كثيرة منها الحرب الاهلية، والطائفية، او التقسيم، او الفوضي الشديدة علي غرار ما حدث ويحدث في كل من ليبيا وسورية. التطورات المتسارعة علي الارض فاجأت الجميع بعد ان اصبحت اليمن مسرحا للتصارع بين الحوثيين والقاعدة، بعد ان استولي الحوثيون الشيعة فجأة علي العاصمةصنعاءو علي محافظة زفار جنوبصنعاءوعلي مدينة الحديدة الاستراتيجية علي البحر الأحمر وعلي مركز محافظة اب(جنوب غرب اليمن)، دون أي مقاومة من السلطات، في الوقت الذي سيطرت فيه عناصر من تنظيم القاعدة علي مديرية العدين التابعة لمحافظة اب...ويأتي التنافس بين الحوثيين الذين يطلقون علي انفسهم أنصار الله والقاعدة الممثلة بجماعةأنصار الشريعة علي إخضاع المدن اليمنية لسيطرتهم لتأكيد مشروعية المخاوف التي عبرت عنها شخصيات يمنية ومراقبون للوضع في البلاد..يضاف إلي المشهد صمت القوي الاقليمية المؤثرة في اليمن عما يحدث من تطورات، وعدم تدخلها لإنقاذ الرئيس اليمني وحكومته، وهو وضع ألقي المزيد من علامات التساؤل حول المستفيد فعليا من هذا الوضع. الأزمة في اليمن والتي دخلت شهرها الثاني منذ استيلاء الحوثيين في21 سبتمبر الماضي علي العاصمة صنعاء وعلي مؤسسات الدولة فيها، دون اي مقاومة تذكر وسط ما وصفه البعض بتواطؤ من بعض وحدات الجيش.، ورغم ان الحوثيين المدعومين من ايران، وقعوا اتفاقا لتقاسم السلطة مع الأحزاب السياسية الأخري وهو اتفاق أقره الرئيس عبدربه منصور هادي الا ان ذلك لم يمنعهم عن مواصلة الزحف علي أجزاء أخري من البلاد. وما زالت الحركة تحاول أن تبسط سيطرتها علي مزيد من المحافظات والمدن اليمنية بالاستعانة بتحالفات قبلية. واشنطن والحوثيين مزيد من التعقيد في المشهد السياسي القي بظلاله علي العملية السياسية بعد توعد تنظيم القاعدة بشن حرب من دون هوادة علي السلطات اليمنية والحوثيين الذين ينتشرون بسرعة في اليمن من دون أي مقاومة من الدولة،و في ظل تأجيج للتوترات الطائفية في البلاد والغموض الشديد للقوي التي تستفيد من هذه التطورات يشيرالمراقبون إلي وجود اتفاق بين واشنطن والحوثيين علي التصدي لتنظيم القاعدة في اليمن الذي اتسع نشاطه هناك مستفيدا من الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية الهشة بالبلاد وتهديده للمصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة، وذلك في إطار صفقة أشمل مع إيران باعتبار ان جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن تابعة لها، ويؤكدون علي إن الأمر يتعلق بالتقاء مصالح بين واشنطن وطهران في اليمن علي غرار التقاء مصالحهما في أماكن أخري يأت علي رأسها العراق.وقد أثيرت هذه التساؤلات انطلاقا من استهداف الولاياتالمتحدة بطائراتها دون طيار مقاتلي القاعدة واستثنائها مقاتلي الميليشيات الحوثية رغم أنها هي الاخري قوة غير شرعية في اليمن، قامت بغزو مناطق شاسعة فيه واستولت علي اختصاصات الدولة. التخلص من الإخوان كما ان هناك من يري ان التعاون القائم حاليا بين الحوثيين وبين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وانصاره في المؤسستين الامنية والعسكرية من جهة، يعود لرغبته في الانتقام من «آل الاحمر» الذين انتصروا للثورة ضده وعملوا علي الاطاحة بنظامه، ووقفوا خلف محاولة الاغتيال الفاشلة التي كادت ان تقضي علي حياته وقد يكون وراءها اتفاق ان يعود صالح مرة اخري إلي المشهد السياسي من خلال ابنه العميد احمد بالاضافة لتأويلات اخري تري أن هناك قرارا سعوديا بالتخلص من حركة الاخوان المسلمين في اليمن الممثلة في حزب الإصلاح بكل تفريعاتها القبلية، والعسكرية وأن التيار الحوثي هو الذي يقوم بهذه المهمة نيابة عن الجميع. وقد زاد الوضع صعوبة مطالبة قادة الحراك الجنوبي والذين يطالبون بانفصال جنوب اليمن عن شماله حيث بدأو اعتصاما مؤخرا في عدن تأكيدا علي حقهم في الاستقلال عن الشمال وأمهل الحراك الجنوبي في اليمن حكومة صنعاء حتي الثلاثين من نوفمبرالحالي، لإجلاء جنودها وموظفيها من محافظاتالجنوب، كما طالب الشركات الأجنبية المنتجة للنفط والغاز بوقف صادراتها فورا من هذه المناطق التي تسعي للانفصال عن صنعاء. وجاءت هذه المطالب في بيان أصدره قادة الحراك الجنوبي بعد مظاهرات حاشدة في مدينتي عدن والمكلا للمطالبة بالاستقلال عن الحكومة المركزية والانفصال عن اليمن، بعد وحدة تحققت عام 1990..ويري محللون سياسيون أن فرص دعوات الانفصال عن شمال اليمن أصبحت ممكنة، وخصوصا بعد سيطرة جماعة الحوثي علي العاصمة، وفي ظل ضعف واضح في أجهزة الدولة التي اصبحت مهددة بالانهيار. وفي السياق ذاته، دعا نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، مجلس الأمن الدولي إلي خلق مناخ ملائم لإجراء استفتاء علي الوحدة في جنوب اليمن وتحت إشراف الأممالمتحدة. القاعدة تتوعد ولهذا لايتوقع احد ان تهدا الاوضاع قريبا في اليمن في ظل توعد القاعدة بشن حرب شديدة علي الحوثيين الذين ينتشرون بسرعة في اليمن دون أي مقاومة في نفس الوقت الذي رفض فيه الحوثين تنفيذ وعدهم بإنهاء احتلالهم للعاصمة اليمنية صنعاء والذي كانت ربطته بشرط تعيين رئيس للحكومة وهو ما تحقّق فعلا باختيار خالد بحاح لتولي المنصب. ولكن يبدو ان التأخير في تشكيل الحكومة دفع الحوثيين إلي اتخاذ خطوات تصعيدية اكبر.. فمنذ يومين أمهل الحوثيون الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحّاح 10 أيام لتشكيل الحكومة وهددوا بتشكيل مجلس حكماء لادارة شؤون البلاد في حال عدم الاستجابة إلي طلبهم وقد جاء هذا الانذار في نهاية اجتماع عقده قادة الحوثيين مع عدد من مشايخ المحافظات اليمنية يوم الجمعة الماضي في صنعاء، والذي أقر تشكيل ما سموها بلجان ثورية في كل محافظات البلاد بما فيها المحافظاتالجنوبية وتشكيل لجنة من شخصيات شمالية وجنوبية لوضع حلول للقضية الجنوبية، وفي خطوات معاكسة لذلك يواصل الحوثيون بسط سيطرتهم باتجاه مناطق أخري بغرب اليمن وجنوبها حالة من الفوضي ورغم ان القوي السياسية اليمنية وقعت -بما فيهم الحوثيون والحراك الجنوبي- السبت الماضي، علي اتفاق يقضي بتفويض الرئيس اليمني هادي ورئيس الوزراء المكلف خالد بحاح بتشكيل حكومة كفاءات وفقا للمعايير المتفق عليها في وثيقة السلم والشراكة الوطنية، والتزامها بعدم الطعن علي أي تشكيل يجريه الرئيس ورئيس حكومته الا ان الاوضاع السياسية والامنية المتدهورة لدولة تعاني ازمة اقتصادية كبيرة، في البلاد، مرشحة لحالة من الفوضي بعد انهيار قوات الحكومة ومواصلة القاعدة توسعها في أجزاء من اليمن، ومطالبة الحراك الجنوبي في نفس الوقت بالانفصال. معروف ان المبادرة الخليجية هي اتفاقية سياسية أعلنتها دول الخليج في 3 أبريل 2011 لترتيب انتقال السلطة في اليمن، عقب الاحتجاجات الشعبية التي خرجت ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وانتهت بتنحي صالح وتسليم السلطة إلي نائبه عبدربه منصور هادي ويعتبر تشكيل الحكومة جزءا من الاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية الاممالمتحدة لتسوية الازمة السياسية في اليمن. حتي الان لايبدو ان هناك حل للازمة في اليمن ممكن ان تتوافق عليه كل الاطراف وفي غياب ارادة جادة من المجتمع الدولي لاحتواء الوضع من خلال الوفاء بوعودهم بفرض عقوبات علي الذين يعرقلون العملية الانتقالية الديمقراطية في العملية السياسية، والاتفاق علي شكل سياسي تدار به الامور حتي اجراء الانتخابات والاستفتاء علي الدستور ولهذا تبدوالاوضاع في اليمن مفتوحة علي كل الاحتمالات !!