إن الارتقاء بالعملية التعليمية الجامعية يبدأ بالارتقاء بالسكن والمعيشة فلا يمكن لطالب جامعي يعاني ويقاسي أن يكون متفوقا في دراسته كلما مررت علي المدينة الجامعية لطلاب وطالبات جامعة الأزهر بمدينة نصر أشعر بالأسي والألم والحسرة لما آل إليه حال هذه المدينة وغيرها من المدن الجامعية التابعة للجامعات الحكومية بوجه عام وفي القاهرة الكبري بوجه خاص.. فحالة المدن الجامعية يرثي لها فلا توجد بها صيانة من مختلف الجوانب.. وضاعت المعالم الإنشائية والمعمارية لها.. الخوف كل الخوف أن يؤدي هذا الاهمال الجسيم الذي يرقي إلي حد الجريمة للانهيار فوق رؤوس أبنائنا الطالبات والطلاب.. انه من المناسب ألا تكون المدن الجامعية ضمن أنشطة الجامعات لأن هذا النشاط يدخل في مجالات الاطار الفندقي والسياحي الذي يحتاج إلي خبرات خاصة.. والصورة لهذه المدن ازدادت قتامة خلال السنوات الأربع الماضية.. فالقائمون علي أمر هذه المدن جميعهم من الهواة وغير المتخصصين، الأمر الذي أدي إلي هذا الانهيار سواء في الإنشاء أو العمارة أو التغذية وانتشار حالات التسمم وهو ما يؤكد أن العاملين في هذا المجال ليس لديهم أدني خبرة. وإذا كان الأمر كذلك فما الضرر من تأجير هذه المدن الجامعية الطلابية إلي شركات فندقية متخصصة للارتقاء بالمستوي العام، خاصة خدمات الإقامة والاعاشة وأن تتولي هذه الشركات اضفاء الوجه الحضاري علي هذه المدن وأن يتولي إدارة الإسكان والمطاعم بها متخصصون حتي تتحول إلي فنادق طلابية بالمعني الحقيقي وأن يشعر الأبناء والبنات بآدميتهم.. وتعود إلي سابق عهدها ليتخرج منها المتفوقون . أما بالنسبة لنفقات الإقامة وزيادة التكلفة وعدم قدرة الطلاب والطالبات علي تحملها فهذا كلام حق ولكن يقصد به باطل لأن الجامعات إذا طرحت هذه المدن للايجار فسيتم ذلك من خلال مناقصة عامة يشترط فيها تقديم الخدمات للطلبة بأقل سعر وأعلي جودة ويتولي صياغة بنود هذه العقود متخصصون حتي لا تكون مثل عقود خصخصة شركات قطاع الأعمال العام وعقود توزيع أراضي الاستصلاح.. وتقوم الجامعات بدعم المتفوقين وذوي الاحتياجات الخاصة دعما ماليا مباشرا يغطي تكلفة الإقامة والإعاشة بهذه المدن.. إن فكرة تحويل المدن الطلابية الجامعية إلي شركات فندقية سياحية سيواجه بمعارضة شديدة من لوبي أصحاب المصالح وشلة المنتفعين تحت العديد من الحجج الواهية والمترددين في اتخاذ القرارات بهدف رعاية الطلاب والطالبات.. ولكن الهدف هو الحفاظ علي مصالح الموردين وأصحاب المصالح، وكذلك القائمون علي إدارة هذه المدن والذين يرتبطون بمصالح لا حدود لها مع الموردين ومنظومة الفساد في صرف المستخلصات.. إن الارتقاء بالتعليم الجامعي يبدأ بالارتقاء بالسكن والمعيشة فلا يمكن لطالب جامعي يعاني ويقاسي أن يكون متفوقا في دراسته.. ولنا في العديد من تجارب الجامعات الخاصة في مجال الإسكان القدوة الحسنة حيث تعتمد هذه الجامعات علي سكن شبه فندقي لإقامة الطلاب. ربما يقول قائل إن تمويل المدن الجامعية للطلاب إلي مستويات فندقية وسياحية سيؤدي إلي ظهور الطبقية في المأكل والمشرب والرد علي ذلك يؤكد ان العقود التي ستبرمها الجامعة مع الشركة الفندقية التي سيرسي عليها العطاء لابد أن تشتمل علي عدم تقديم نوعيات معينة من الأغذية والمشروبات في هذه المدن.. فلا يمكن علي سبيل المثال السماح بتقديم المشروبات الكحولية والروحية.. ولا يمكن السماح بتقديم أطعمة مستفزة مثل السيمون فيليه والفواجرا.. لهذا فإن المدن الجامعية الطلابية الفندقية السياحية هي الحل بعيدا عن النظم المعمول بها حاليا ضمانا لتصحيح المسار والبعد عن المظاهرات والتظاهر.