د. أحمد درة إعادة تسعير الدواء مرة أخري باعتبار أن السعر الذي يطرح به لا يتناسب أبدا مع ظروف المواطن المصري الذي يعاني ملايينه من أزمات مادية صعبة علاج فيروس «سي» تحول من قضية صحية علمية إلي عدة قضايا مفتوحة سياسية واقتصادية واجتماعية ورأي عام، وآخر متشابهات وغير متشابهات، وهنا يكمن الخطر الذي يهدد السلم الاجتماعي في مصر ويدعو القيادة السياسية للتدخل واستبيان الأمر، فهل حقا أننا نجحنا في جلب العلاج الذي طرح في الأسواق العالمية بأسعار مجحفة نظرا لسياسة الاحتكار التي تمارس في أسواق الدواء والشركات الأخطبوطية التي تتحكم في القرارات السيادية في أحيان كثيرة للدول الرأسمالية وعلي رأسها الولاياتالامريكية، وقد حدث بالفعل أن قامت الشركة المصنعة لعقار «سوفالدي» بتسعيرة بألف دولار أمريكي للقرص الواحد، وفي الحسبان أن يتهافت علي هذا الدواء الدول الغارقة في أتون استفحال الفيروس ومضاعفاته وإنتشاره بشكل مخيف وعدم قدرة المؤسسات العلمية والصحية في هذه الدول علي إكتشاف علاج حاسم للمرض، ومصر في مقدمتها. وإمعانا في الظلم الذي يمارسه المجتمع الدولي ضد دول العالم الثالث، وجدنا هذه الشركات تضرب عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات التي تنص صراحة علي أحقية الدول التي تتعرض لاجتياح أحد الامراض بما يحدث حالة من الوباء العام في إنتاج الأدوية التي تعيدها علي صد هذا الوباء وتم تنفيذ هذه الاتفاقية في علاج مرض الأيدز بجنوب إفريقيا واستفادت أيضا الهند في أخذ حق تصنيع دواء «سوفوسبوفير سوفالدي» مما أدي إلي خفض سعر الدواء في السوق الهندية، ليكون في متناول جميع المرضي، وهو ما لم يحتذي به مع مصر واكتفت الشركة المصنعة للدواء بمنحنا مائة وخمسين ألف جرعة. وفي المقابل كان تسعير الدواء بما يقارب خمسة عشر ألف جنيه أي أن «الكورس» لمدة ستة أشهر سوف يتكلف علي المريض الذي يضطر لشرائه من الأسواق المصرية حوالي تسعين ألف جنيه، ولولا أن هذه المعلومات قد أعلنت بالفعل، وتتابع تأكيدها من مسئولين وأعضاء في اللجنة العليا للكبد ووزارة الصحة لما صدقتها، وزاد ذلك تأكيدا مطالبة أحد كبار نقابة الصيادلة لوزير الصحة إعادة تسعير الدواء مرة أخري باعتبار أن السعر الذي يطرح به لا يتناسب أبدا مع ظروف المواطن المصري الذي يعاني ملايينه من أزمات معيشية وظروف مادية صعبة لن تمكنه من شراء أدوية أقل من هذا السعر بكثير، وقد أسفت أن أسمع ردودا مهتزة لا ترقي إلي مستوي المسئولية جعلتني أندهش من التبريرات التي تساق علي ألسنة مسئولة من أن عدد المرضي المصابين بفيروس «سي» في المراحل المتأخرة والمطلوب علاجهم لا يجاوز مليونا وأن المصابين في المراحل الاولي والمطلوب تأجيل علاجهم حتي تتأخر حالتهم لا يتجاوز مليونا أيضا، وهذه طبعا أرقام مغلوطة أرجوأن يتم مراجعتها مع قائلها في برنامج «صباح الخير يا مصر»،وهي أن دلت في باب المبررات إنما تدل علي صدق ما أذيع عن الصفقة الهزيلة مع الشركة المنتجة وأيضا حقيقة التعامل مع قضية كبري كهذه بطريقة التجميل المعهودة في كل وزارات الخدمات في مصر، فأي مصاب بفيروس «سي» له علي الدولة حق العلاج ويمكنه برفع قضية بسيطة أن يتحصل علي حكم قضائي بهذا، فلا يكون هناك تأجيل لمرضي واستعجال بمرضي آخرين، هذا هو مستوي المسئولين الذين يجلسون في مقاعدهم منذ أيام الوزير حاتم الجبلي. ولست أوجه لوما للمسئول عن الصحة في مصر بقدر ما ألوم كل من تسرع وأوحي للمصريين بأنه حقق انجازا كبيرا بتوفير العلاج بسعر زهيد لن يتجاوز ألفي جنيه للعلبة، وكذلك من أوحي إليهم بأن هذا العلاج حاسم وسوف يقضي علي الفيروس وتصبح مصر خالية من فيروس «سي» خلال عشر سنوات، لأنه ببساطة دواء مكمل لعلاج ثلاثي يدخل فيه الحقن بالإنترفيرون حسب البروتوكولات العالمية الجديدة، وأننا سوف ننتظر مدة قد تطول أو تقصر حتي يكون هناك أدوية مكملة.