يطلق العراقيون علي الانجليز لقب "ابو ناجي" وهي تسمية رمزية شاعت خلال الاحتلال البريطاني للعراق في العشرينيات من القرن الماضي تهرباً من الجنود الانجليز الذين كانوا يعتقلون كل من يتحدث بسوء عن قوات الاحتلال. لقد كان الانجليز سبب كل المصائب التي حلت بالعراق والعراقيين منذ احتلالهم المقيت في بداية القرن الماضي الي احتلالهم الاسود في بداية القرن الحالي.. فقد كانوا وراء اشعال فتيل النعرات الطائفية والعنصرية. وكانوا وراء الحدود الظالمة التي خططوها للعراق مع جاراته. وكانوا مع الفقر الذي عاشه الاباء والاجداد رغم بحر النفط الذي يعوم عليه العراق. وفي مسرحية عراقية شهيرة عنوانها "النخلة والجيران" من تأليف الروائي العراقي المعروف الراحل غائب طعمة فرمان تقول النجمة المسرحية العراقية ناهدة الرماح بعد ان توهمت فاحتست كأساً من الويسكي علي أساس انه "شربت" أي عصير فواكه: هذا شربت انجليز! وذهبت كلمتها مضرب الامثال في الحديث عن مصائب الانجليز في العراق وما فعلوه ايضاً في مصر والسودان. المهم.. لقد آن الاوان كما يبدو لان يصلح "شربت الانجليز" أو "شربات الانجليز" مساوئ السياسة البريطانية, وخاصة بين العرب والاكراد. فقد أعلن مثقفون وصحفيون أكراد لاول مرة عن دعمهم للكتاب والادباء العرب في العراق في رفض قرار محافظة بغداد باغلاق الاندية الاجتماعية ومنع تقديم أي مشروبات غير بريئة. وشمل القرار نادي اتحاد الادباء والكتاب. وقال رئيس تحرير صحيفة "أسو" الكردية: من المؤسف جداً أن يصدر قرار إغلاق النوادي الإجتماعية والليلية ومحلات بيع الخمور في العراق. وقال: لقد استبشرنا خيراً بعراق فيديرالي جديد يعيش مبادئ الديموقراطية والحرية يشارك فيه الشعب في الحكم والسلطة, الا ان قرار اغلاق الاندية الاجتماعية في العاصمة بغداد وجه ضربة لمفاهيم الحرية والديموقراطية, وهو وباء سينتشر في باقي المحافظات ما لم يوضع حد له. وأعرب عن ضم أصوات المثقفين الاكراد الي اصوات المثقفين في بغداد والمحافظات الاخري في الوقوف ضد هذا القرار. ودعا كل فئات المجتمع لان تقف ضد هذا القرار وليس المثقفون وحدهم، اذ انه إقفال لباب الحرية في البلاد. وقال عضو مجلس نقابة الصحفيين الاكراد أن حرية الشخص يصونها الدستور. وأضاف إنه "في عراق ما بعد عام 2003 (عام الاحتلال) كنا نتمني أن تتخذ الحكومة موقفاً ايجابياً من المؤسسات والمنظمات الاجتماعية والاندية التابعة لها. نحن نعيش عصر تحول والعالم اصبح قرية صغيرة بفضل التطور الكبير الذي نشهده. كل انسان له حرية مطلقة بما يملك وما يفعل شرط الا يتجاوز حقوق وحريات الآخرين". ووصف القرار بأنه تجاوز واضح علي حرية رواد هذه الاندية حتي اذا كانت تقدم مشروبات كحولية ما دام الامر لا يؤثر علي حرية الآخرين. أما رئيس اتحاد الكتاب والادباء السريان فشدد علي ضرورة عدم السماح بتحويل العاصمة الي تماثيل وحجارة من دون روح وموسيقي. فقد تم اغلاق قسمي الموسيقي والمسرح في اكاديمية الفنون الجميلة بحجة انهما ينشران الفساد، ومنعوا مهرجان بابل الغنائي من تقديم أي غناء! لقد شهدت سنوات الاحتلال الامريكي تصدعاً شديداً في الوحدة الوطنية العراقية بين العرب والاكراد وبين الشيعة والسنة وبين المسلمين والمسيحيين، ولذلك أليس عجيباً ان الوحدة الوطنية تحققت بالفعل في الدفاع عن "شربت" الانجليز؟ كاتب المقال: كاتب عراقي