»ليس صحيحاً أن الرأي العام في مصر، جاهل وسيئ التقدير، ويسهل التلاعب به وخداعه..« الاثنين: قال صاحبي في معرض مناقشة بيني وبينه: هل تحسب أن في مصر رأياً عاماً يقام له وزن؟ قلت: بل إنه موجود فعلاً، وشديد التأثير والنفوذ، قال: لقد شهدنا الحكومات في مختلف العهود قادرة أن تدير الانتخابات علي هواها! قلت: إنني لم أزعم أن الرأي العام في مصر بلغ من القوة الوقوف في وجه سلطان الحاكمين في كل الحالات إذا إرادوا إجباره علي غير ما يريد، ولكنني أؤكد أنه في سبيله إلي النضج والاكتمال، وأنه بالغ حتما القوة التي يستحيل معها علي الحكومات أن تجبره علي غير ما يريد، فإذا تركنا الانتخابات جانباً، وتدخل السلطة التنفيذية فيها وهو حاصل في كثير من بلاد العالم التي تعد أعرق منا في نظمها الديمقراطية فإن الرأي العام في مصر أصبح في السنوات الأخيرة عاملاً مؤثراً في سياسة الحكم والتوجيه العام، ولست أزعم أيضاً أنه العامل الوحيد أو الموجه الوحيد، ولكنني أؤكد أنه أصبح مما يقيم له الزعماء والساسة وأصحاب السلطان وزناً وحساباً، وهذه أمارة طيبة علي أننا سائرون في طريق الاستقرار الديمقراطي الصحيح. ثم ليس صحيحاً أن الرأي العام في مصر جاهل، سيئ التقدير، يسهل التلاعب به وخداعه، فإن إدراك المسائل العامة ليس في حاجة إلي تعمق في الدرس والبحث، بقدر ما هو في حاجة إلي الفطنة، والإحساس الصحيح، وهذه كلها تتوافر في الأفراد العاديين، يستوحونها ليس من البحث والعلم والشهادات، ولكن من نوازع الطبيعة البشرية، ومن الإحساس المرهف المدرك لخير الوطن بالسليقة المجردة من تعقيدات البحث، وفلسفة المتفلسفية! وليس صحيحا أيضاً أن الرأي العام في مصر يمكن خداعه في كل الأحوال، فقد أثبتت عشرات الحوادث أنه كان صادق الحكم، دقيق النظر، بينما فات الصدق والدقة بعض كبار الساسة الدارسين والفاهمين! فليفتح كبار الساسة والزعماء آذانهم جيداً لصوته وإرادته، وليؤمنوا به إيمانهم بشئ موجود لاغني لهم عنه، وليدركوا أن قوته وإن لم يسمح لها أحياناً أن تتضح إيجابياً، فإنها قد تكون في سلبيتها أقوي عشرات المرات من وضوحها الإيجابي! هذا التقليد الاعمي! الثلاثاء: لكل مجتمع تقاليده وعاداته، فالمجتمع الشرقي يختلف في سلوكيات افراده عن المجتمع الغربي، وهناك عادات وتقاليد يرفضها مجتمعنا الشرقي بل ويستنكرها، مثلا لا يقبل مجتمعنا أن يقبل شاب صديقته أو خطيبته في الشارع، أو في محطات الاتوبيس أو المترو أو السكة الحديد، كما يحدث في الغرب، ويعتبر هناك من المناظر المألوفة والأمور العادية التي لا تلفت النظر، ولا تستحق الانتباه أو تثير الدهشة، في حين أن هذا السلوك لو حدث في مجتمعنا فإنه قد يؤدي إلي دخول السجن شهوراً، ويقابل بالاستياء والنفور من من أبناء المجتمع، ويعتبرونه خروجاً علي الاداب العامة، وخدشاً للحياء، وفعلاً فاضحاً في الطريق العام، ولكن للأسف الشديد فإن بعض شبابنا يسارعون الي تقليد ومحاكاة الشباب الأوروبي دون تمييز أو تعقل، فهو تقليد لمجرد التقليد، والسير وراء التيار، ظناً منهم أن هذا التقليد الاعمي، يضفي علي شخصياتهم التميز، نجدهم يطلقون شعر رؤوسهم حتي يسترسل علي أكتفاهم، ويصعب التفريق بينهم وبين النساء، ويرتدون الملابس الضيفة خاصة الفتيات، فتظهر بالتفصيل ملامح وتقاطيع اجسادهن، فتبدو الواحدة منهن وكأنها تسير وسط الناس شبه عارية، وهذه المناظر التي ينفر منها مجتمعنا تجد استحساناً في الغرب، بل ويعتبر متخلفاً من لا يقتدي بها.. ولابد أن يعرف شبابنا أن التقليد الأعمي يدل علي ضعف الشخصية، وانطوائها في غيرها، ولذلك نجد أن هذه التقاليد مشاهدة وشائعة بين الشعوب الضعيفة، بدليل أنهم يقلدون الشعوب المتقدمة والقوية، ويتشبهون بهم، وقد تخلصنا والحمد لله من الكثير من العادات والأفكار التي نجح الغرب في إقحامها علي مجتمعنا المحافظ، ولكن لا تزال هناك بقية من رواسب الضعف وعلينا أن نتخلص منها، ونجعل لشبابنا شخصية مستقلة تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا. أخيراً أقول لشبابنا وفتياتنا، إن التقليد ليس شيئاً مستحباً، أو يدل علي التفكير السليم، إنما هو علامة علي سوء التفكير، وأحياناً يكون نتيجة لأمراض نفسية، لذلك فإني أدعوهم إلي الحفاظ علي تقاليدهم العريقة النابعة من تعاليم دينهم، وألا يجروا وراء سلوكيات تتعارض تماماً مع حياتناً ومجتمعنا، وتجعل ممن يمارسونها مسخة بين الناس لا ينالون منهم سوي الاستهزاء والسخرية والازدراء. مشكلتك.. كيف تحلها! الأربعاء: حينما تواجهك مشكلة، وكثيراً ما تواجهك شأنك في ذلك شأن كل الناس، فكيف تحلها؟ ستجد أمامك حلولاً كثيرة، وتصبح مشكلتك الفرعية هي أي الحلول تختار؟ ولما كان لابد من حل واحد، فيجب عليك الاختيار، والاختيار مهمة قاسية، إذا تساوت الحلول أمامك أو تقاربت في مزاياها أو مساوئها، وهي في أغلب الأمر كذلك، فلا يوجد حل لأي مشكلة إلا ويقابل باعتراضات أو تكون له معوقات. وقد يتعجل الإنسان في حل مشكلة، فإذا الحل الذي اختاره يعقد المشكلة، وإذا هو أمام مجموعة من المشكلات بدلاً من مشكلة واحدة، المهم إذن أن تحسن الاختيار، ولا وسيلة لذلك بغير الدراسة والتأني والتأمل، وتقليب الأمر علي وجوهه المختلفة. وقد تري في بعض الناس أنه يحسن الاختيار حتي ليبدو لك الأمر إلهاماً أو كالإلهام، وتري في البعض الآخر تخبطاً في الاختيار، حتي وكأن الحظ السييء يلازمه، لا يستطيع الفكاك منه، والفرق بين الاثنين أن الأول يتأني ويتروي ويتأمل، ولا يأخذ الأمور من سطحها الظاهر، فليس كل ما يبرق ذهباً، والثاني يتعجل فإذا هو ضحية المظهر الخداع، وقد تؤدي التجربة مع الدراسة والفهم وشمول الإدراك إلي أن يصبح الإنسان قادرا علي الاختيار السريع الصحيح، فيبدو كالملهم، ولا إلهام هناك سوي التجربة المتكررة صادفت عقلاً ذكياً، وفؤاداً واعياً، وقد تتكرر التجربة ويتكرر الخطأ في الاختيار، فيقال إنه الحظ التعس، ولا تعاسة في الحظ، ولكنها التعاسة في عقل بليد، وفؤاد لا يعي. ويسألني صاحبي: ولكن ما ذنب ذي العقل البليد، هل له يد فيما ابتلي به؟ وما فضل ذي العقل الذكي، هل له يد فيما وهب من عقل ذكي؟ وهو سؤال يدخل بنا في سؤال آخر خالد وهو: لماذا تغدق الطبيعة علي بعض الناس وتبخل علي آخرين؟ لماذا تعطي الذكاء والصحة والجمال والعقل الواعي في جانب وتعطي في جانب آخر القبح والدمامة والغباء وسوء التوفيق والعقل الأهوج الأحمق؟ لماذا يتجر فلان في التراب، فإذا هو بين يديه ذهب، ويتجر غيره في الذهب، فإذا هو بين يديه.. تراب؟ إنها الحكمة الإلهية تغدق علي من تشاء الخير والعطاء والذكاء، وتحرم منها من تشاء!! الذئب والحمل الخميس: هي: أحبك بروحي ولن تنال مني شيئاً الا بالزواج.. هو: أنا سعيد بك لانك مختلفة عن الاخريات.. هي: ما سمعته عنك انك ذئب هو: كنت ذئبا قبل أن أراك.. هي: والآن!! هو: إنسان يريد ان يذوق رحيق الحب.. هي: وهل يمكن ان يتحول الذئب الي انسان بهذه السرعة؟ هو: أنا لم أعرف الاستقرار في العاطفة كنت أظن ان السعادة في الانطلاق.. في حرية التنقل من امرأة الي أخري وأن سحر الحياة كله يكمن في المرأة ولكنني اكتشفت أنني أعيش في ضياع وأن الانطلاق ما هو الا سجن كبير بلا أسوار!! هي: وأنا ماذا أكون بالنسبة لك.. ماذا تشعر نحوي؟ هو: أقسم لك أنني أشعر بحنين شديد يجذبني اليك.. ليس للجسد لكن للروح.. اليس هذا الشعور حباً؟ هي: من أين لي أن أتأكد وأنت لم تعرف الحب في حياتك!! هو: هأنذا أذوق رحيقه العذب لأول مرة!! هي: ولكني مازلت أشك في هدفك أخشي ان يكون اللهو والمتعة.. هو: ليس لي هدف سوي ان أتزوجك.. هي: لا تظن ان الحديث عن الزواج سيضعف من مقاومتي ويجعلني أسقط بين يديك كالحمل الوديع عندما يسقط بين مخالب الذئب!! هو: لقد كشفت لك عما في نفسي بيدك أن تقضي علي الذئب الذي بداخلي وأن تجعلي مني إنساناً أميناً لا يكذب ولا يخدع ولا ينافق.. هي: هل تعدني إذا قبلت الزواج منك الا تعود الي حياة الضياع!! هو: كيف أعود اليها وأنا هارب منها كاره لها.. هي: وأن تظل مخلصاً لحبي الي الابد!! هو: وهل من المعقول أن أخون الإنسانة التي علمتني الحب!! العلاقة بين الرئيس والمرؤوس الجمعة: هناك مفاهيم للسلوك في المجتمع، نرجو أن تسود، ولابد أن نعيها جيداً.. فعبارات التحقير من رئيس إلي مرؤوس لا يجوز أن تكون بحال من الأحوال، حتي ولو كان الرئيس علي حق، وكان المرؤوس مخطئاً أو مقصراً، وليس معني هذا أن نجيز التقصير، أو نتهاون في الحساب علي الخطأ، ولكن معناه أن احترام الانسان من حيث هو إنسان واجب، وعبارات التحقير إهدار لكرامة الإنسان وآدميته، وهو ما لا يجب ان يكون. أما الحساب عن التقصير والخطأ، فله وسائله المشروعة التي ترتد إلي اساسين، أولهما الارشاد وتبيان الخطأ من غير كلمة جارحة او نابية أو فيها تحقير.. وثانيهما.. ما تنص عليه اللوائح والقوانين من عتاب يتناسب مع جسامة الخطأ أو التقصير. إن بعض الرؤساء يوجه إلي مرؤوسيه ألفاظاً ليست جارحة ومهينة فحسب، ولكنها ايضاً ألفاظ خارجة عن حدود الادب واللياقة وكل ما تعارفت عليه المجتمعات المتمدنة المهذبة، مثل هذا يجب الا يكون، فليس بين العامل ورئيسه إلا مصلحة العمل، وحكم القانون والنظام.. ولا شيء آخر! كلمات مضيئة.. السبت: يقول شاعر فارسي.. ان الله غضب علي المرأة، فجعل النار وجهنم والهاوية والخطيئة والرذيلة أسماء مؤنثة، وجعل التعيم والفردوس والنور والصلاح أسماء مذكرة! الكتب غير الاخلاقية هي التي تكشف عن حقيقة أخلاقنا! الرجال يتزوجون تعبا، والنساء يتزوجن فضولا، والجميع يبدأون بالخيبة والفشل. الضمير والجبن اسمان لشيء واحد، ولكن الضمير هو الاسم الرسمي! إن أحسن طريقة للتخلص من الإغراء.. هي الخضوع له! تفرح المرأة بالكلمة النابية، لانها فرصة تظهر فيها قدرتها علي الخجل! مهما تدهور الانسان فإن فيه دائما بقية لا يغمرها الوحل! أين الشاعر الذي يرينا جمالا مثل الذي نراه في عين امرأة. الفضيلة عجز.. يختبر الذهب بالنار، والمرأة بالذهب، والرجل بالمرأة! خلق الله المرأة لكي تستأنس الرجل! الكلام كالدواء إذا أقللت منه نفع، واذا اكثرت منه قتل! تتذكر المرأة دائما الرجل الذي أراد ان يتزوجها، ولكن الرجل يذكر دائما المرأة التي رفضت ان تتزوجه!