مجموعة من جنود الإحتياط الإسرائيليين تكلفة استدعاء الواحد منهم 600 شيكل يومياً يحمل طول أمد عملية «الجرف الصامد» في قطاع غزة العديد من مؤشرات الخسارة الفادحة علي إسرائيل بلغة الأرقام الاقتصادية، ويُلزم حكومة تل أبيب بتسديد فاتورة ربما لا تكون معلنة في كثير من الأحيان، لاسيما عند التركيز علي استراتيجية تحقيق أهداف العملية العسكرية مهما كانت الخسارة، إلا إنه ب «حسبة بسيطة» ومن خلال متابعة الأجهزة المعنية في تل أبيب لواقع الخسائر المباشرة وغير المباشرة، التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي ولا يزال، يمكن الوقوف علي جانب تقديري لتلك الخسائر. وكانت صحيفة هاآرتس العبرية قد نشرت في تقرير لها ان تكلفة اليوم الواحد من عملية الجرف الصامد تبلغ حوالي شيكل أي ما يعادل حوالي 32.1 مليون دولار يوميا. ووفقاً لمؤشرات موثقة نشرتها مجلة «كلكليست» العبرية المتخصصة، فإنه من الصعب رصد شمولية الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية، إلا بعد أن يضع العدوان علي غزة أوزاره، ولكن مع ذلك هناك العديد من المؤشرات التي تؤكد حجم الخسائر، إذ صادقت حكومة نتنياهو علي حزمة حوافز وتعويضات للإسرائيليين مستوطني المحور المحيط بقطاع غزة بلغ مقدارها 417 مليون شيكل، كما بلغت تكلفة استدعاء 40 الف جندي للاحتياط بسبب العملية في غزة 144 مليون شيكل، لاسيما أن استدعاء جندي الاحتياط في اليوم الواحد، يكلف إسرائيل 600 شيكل، ما يعني أن كل يوم في العملية يكلف إسرائيل 24 مليون شيكل. إضافة الي ذلك تكبدت المصانع الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة جراء العملية العسكرية خسائر فادحة، بلغت قيمتها منذ بداية الحرب وحتي الآن 90 مليون شيكل، وجاء ذلك نتيجة لتوقف الإنتاج اليومي، وغياب عدد كبير من المستخدمين عن العمل، بالإضافة إلي العجز الضخم في توفير المواد الخام. وتشير المعطيات الموثقة إلي أن حماية إسرائيل من القذائف الصاروخية اليومية التي تطلقها حماس كلّف إسرائيل مبالغ مادية طائلة، فالتقديرات تؤكد تعرض إسرائيل حتي الآن لما يربو علي 160 قذيفة صاروخية، وتبلغ تكلفة تحييد كل قذيفة قبل سقوطها علي إسرائيل 80 ألف دولار، بالإضافة إلي الخسائر التي يخلفها سقوط القذائف الصاروخية التي عجزت اسرائيل عن تحييدها، وبلغت تقديرات تلك الخسائر في الأيام الستة الأولي للعملية العسكرية في غزة 20 مليون شيكل، وتبلغ القيمة الإجمالية لتلك الخسائر 715 مليون شيكل، بعيداً عن احتساب خسائر أيام العمل المعطلة لجنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم. ونقلت المجلة العبرية الاقتصادية عن دوائر عسكرية متخصصة في تل أبيب قولها، إن تعويل حكومة نتنياهو في تعويض تلك الخسائر، يعتمد في المقام الأول والأخير علي المساعدات الأمريكية الاستثنائية، التي تحصل عليها تل أبيب من واشنطن في مثل هذه الظروف، لكنه ألمح إلي أن المساعدات الأمريكية لا تتجاوز تعويض الخسائر العسكرية فقط، لتتحمل الحكومة تعويض الخسائر الاقتصادية، واستشهدت الدوائر الإسرائيلية علي تقديراتها بعملية «عامود السحاب» التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة قبل ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للحرب الإسرائيلية الثانية في جنوبلبنان عام 2006، إذ تكبدت إسرائيل خسائر جراء تلك الحرب بلغت 8.1 مليار شيكل، ونظراً لأن الخسائر العسكرية المباشرة بلغت 7.4 مليار شيكل من هذا المبلغ، تحملت الإدارة الامريكية تعويض اسرائيل عنها، أما الخسائر الاقتصادية فبلغت في حينه 3.5 مليار شيكل إضافية، وهي الخسائر التي تحملتها إسرائيل بمفردها. وحذر تقرير المجلة العبرية من ما وصفه بالسيناريو الأسود، وهو احتمالية اشتباك إسرائيل عسكرياً مع جبهة إقليمية أخري غير قطاع غزة، فسيؤدي ذلك حتماً لارتفاع في أسعار النفط الخام، وعندئذ ستعود إسرائيل الي ما يُعرف ب «العقد المفقود»، الذي ضرب الاقتصاد الإسرائيلي خلال سبعينيات القرن الماضي إبان حرب أكتوبر 73 «الغفران».