أسامة هيكل اثناء حواره مع الأخبار الإعلام الرسمي ليس ترفا.. وإنما ضرورة لتشكيل الرأي العام قبل 25 يناير كان إعلامنا يخدم النظام وليس الدولة قنوات فضائية تابعة 110 لهيئة الاستثمار وهذا خطأ كبير كان وزيرا للإعلام في وزارة د: عصام شرف بعد ثورة يناير وكانت الصحافة مهنته الأساسية التي امضي فيها سنوات طويلة أكسبته خبرة في العمل الإعلامي بالاضافة إلي صالون الاوبرا الذي استضاف فيه مشاهير العلماء المصريين ليقدم نموذجا مختلفا عن مفهوم الثقافة السائدة.. كانت الشهور الخمسة التي تولي فيها وزارة الاعلام من أصعب الفترات في تاريخ مصر وفي تاريخه الشخصي.. ولهذا كان حوارنا معه عن توقعاته بعد الغاء وزارة الاعلام وعن جدوي هذا القرار وتوابعه والطرق المقترحة لادارة الاعلام الحكومي والخاص في الفترة القادمة وعن المجالس الاعلامية الثلاثة التي نص عليها الدستور وحرب الفضاء للاستحواذ علي عقول المشاهدين والاعلام الاليكتروني كأخطر وسيلة مؤثرة في الشباب وكيف يمكن الحد من أضرارها .. والي المزيد في الحوار التالي: فكرة إلغاء وزارة الإعلام ليست جديدة بل أعلنها صفوت الشريف بقوله أنه سيكون آخر وزير إعلام لكن توقيت التنفيذ كان مفاجئا فما رأيك في هذا القرار؟ إذا كانت سياسة الدولة أن تلغي وزارة الاعلام فهذا حقها، ولكن هناك إجراءات كان يجب اتخاذها قبل الإلغاء لأن الإعلام الرسمي منذ وجد وهو قائم علي هذه الوزارة وكانت هناك تجربة سابقة لالغاء الوزارة في 2011 بعد ثورة يناير مباشرة من فبراير إلي يوليو بناء علي مطلب شعبي فألغيت مع تشكيل الحكومة الثانية لاحمد شفيق وترتب علي إلغائها العديد من المشكلات . أعطني مثالا للمشكلات التي ترتبت علي إلغاء وزارة الاعلام؟ أهمها ضخامة الانفاق المادي للمبني ورغم وجود رئيس لاتحاد الاذاعة والتليفزيون ولكن لابد من وجود سياسة تحريرية واضحة والمسئول عنها الوزير شخصيا ولهذا لا يمكن الاستغناء عنه وهناك اتحاد الاذاعة والتليفزيون الذي يعمل به حوالي 43 ألف فرد وعليه ديون لبنك الاستثمار القومي بلغت 20 مليار جنيه ومرتبات 133 مليون جنيه أصبحت بعد المطالب الفئوية حوالي 230 مليون جنيه وهو مبلغ يكفي لاطلاق 5 قنوات فضائية خاصة . ولكن وزارة الاعلام تستدين اجور العاملين كل شهر من وزارة المالية نظرا لنقص مواردها؟ بعد ان توليت الوزارة كان أول ما طالبت به المشير طنطاوي بصفته رئيسا للبلاد أن يسقط ديون الاتحاد لدي بنك الاستثمار القومي وكانت 13.5 مليار جنيه وكان أصله 6.5 مليار فقط وكنت أعلم انه لن يحدث ولكن علي الأقل كنت أرجو الاعفاء من الفوائد وجدولة أصل الدين. 110 قنوات فضائية لماذا؟ لأن وزير الاعلام مسئول عن الاعلام الرسمي للدولة فقط وغير مسئول عن الصحافة أو القنوات الفضائية التي وصلت الآن إلي 110 قنوات فضائية كونتها شركات مساهمة مصرية وكان عددها 91 قناة وقت وزارتي ثم زادت أثناء حكم الاخوان وتبعية هذه القنوات لهيئة الاستثمار لا لوزارة الاعلام وهذا خطأ كبير ! إذن تنحصر مسئولية الوزير في اتحاد الاذاعة والتليفزيون الذي يضم 23 قناة و76 محطة إذاعية و35 محطة موجهة بالاضافة إلي هيئة الاستعلامات . ولكن هيئة الاستعلامات نقلت تبعيتها إلي رئاسة الجمهورية؟ بالفعل أراد الإخوان نقل تبعية هيئة الاستعلامات لتوجيه سياستها وأعتقد أنها حادت عن دورها منذ فصلها عن وزارة الاعلام وكنت أفضل ان تتحول إلي هيئة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء أو وزارة الخارجية حتي تؤدي دورها بعيدا عن تأثير السلطة
وما دور وزير الاعلام كما مارسته؟ هو المسئول عن الاعلام الرسمي للدولة وليس عن الفضائيات وهنا نتساءل: هل الاعلام الرسمي ترف؟ بالطبع لا ولكن الناس ملت منه لأنه كان قبل 25 يناير إعلام نظام وليس إعلام دولة فيروج لأفكار النظام الحاكم، ولهذا وضعت بعد تولي الوزارة عدة مبادئ لتحويله إلي إعلام دولة ليصبح جزءا من الاتجاه العام الذي يمهد لالغاء وزارة الاعلام فيما بعد لتشبه مؤسسة ال «بي بي سي« التي اعتمدت علي المهنية واثارة الافكار والاعتماد علي المصداقية والسبق قدر المستطاع. هناك قنوات تليفزيونية لا تؤدي الغرض منها فلماذا لم يتم الغاؤها؟ بالفعل هناك 6 قنوات تعليمية كانت تتكلف وقت وزارتي 140 مليون جنيه ولا تساهم وزارة التربية والتعليم في التكلفة الا بمبلغ 8.7 مليون جنيه فقط وكان يمكن ان يتحملها اتحاد الاذاعة والتليفزيون باعتباره جهازا خدميا واقتصاديا ولكن اكتشفنا انها قنوات لا يشاهدها الطلاب ولم تحد من الدروس الخصوصية . وكيف يكون إعلام الدولة مهنيا وهو يعاني من مشاكل مادية ضخمة؟ لابد من إصلاح جذري واتخاذ اجراءات لم نجد الشجاعة لاتخاذها حتي اليوم واهمها اعادة النظر في القنوات الخاسرة، وانشاء قناة أخبار ضخمة ومهنية تعمل خارج حدود الدولة وكان النموذج هو قناة النيل للأخبار، وكان حلمي تفكيك اتحاد الاذاعة والتليفزيون ليصبح شركة قابضة ويضم خمس شركات هي: الاخبار والاذاعة والتليفزيون والقنوات المتخصصة والهندسة الاذاعية التي يمكن ان تخدم جميع القنوات وتحقق مكاسب كبيرة لأن لديها امكانات فنية لا تتواجد لدي جهات أخري ولكن الاخوان كانوا يتفننون في اختراع أحداث لإلهاء الرأي العام كل شهر تقريبا لاحراج المجلس العسكري وإظهاره وكأنه في مواجهة مع الشعب ومنها احداث البالون وماسبيرو والسفارة الاسرائيلية ومحمد محمود وغيرها ووسط هذه الأزمات لم نجد ما نقوله للشعب فتقدمت الحكومة باستقالتها في ديسمبر 2012 ثم كلفت بالوزارة في حكومة الجنزوري ولكن مورست عليّ ضغوط لابعادي.
عالم القنوات الفضائية بالنسبة للقنوات الفضائية الخاصة ما مدي اختصاص وزارة الاعلام في الإشراف علي محتواها؟ المفروض ان يكون للوزارة دور في متابعة ومحاسبة هذه القنوات ولكن تبعيتها الفعلية لهيئة الاستثمار والمفروض انها تعطي التراخيص وتراقب أداء القناة بحكم القانون ولكن هذا لا يحدث . وكيف تري هذا الفارق بين كلا النوعين من الاعلام؟ عندما يفتح رجل أعمال قناة فضائية فهو يهدف إلي كسب أموال أو نفوذ أو تأمين مصالحه أو الثلاثة معا فهناك قنوات خاسرة ولكنها مستمرة في العمل لتأمين مصالح مالكها ولا يمكن ان نفرض محتوي اعلامي علي رجل اعمال لانه يريد أن يعبر عن افكاره وبالتالي لا يمكن وضع منهج محدد لسياسة تحريرية لقناة خاصة وهذا لا يعني انهم غير وطنيين، أما الدور الوطني الأمثل فالمفروض ان يقوم به الاعلام الرسمي للدولة لانه القادر باتصالاته ان يعرف المعلومة الدقيقة في اسرع وقت ممكن فيكون هو مصدر المعلومة الموثوق بها فهناك معركة في الفضاء بين القنوات للاستحواذ علي عقول المشاهدين والآن مصداقية الجزيرة أصبحت صفرا واقتنع هؤلاء الذين هاجموني عند إغلاقها أنني كنت علي حق وكان الأجدر بالمثقفين الذين غيبوا المجتمع ان يطالبوني بتطبيق القانون بدلا من مهاجمتي لاني طبقته والآن قناة الجزيرة الدولية تبث علي مدار الساعة بالخارج وبعدة لغات وبامكانات مادية هائلة بهدف تشويه سمعة مصر ونحن لا نملك القدرة علي الرد عليها، فالجزيرة قناة معادية ولكي نواجهها لابد من اعلام قوي ودرجة من الاستقرار وتوفر التدفقات المالية اللازمة وشبكة مراسلين محترفين في جميع انحاء العالم لأن الاعلام الخاص لن يتمكن من آداء هذه المهمة لأن العمل الاخباري مكلف ولا يجلب اي عائد مادي ولكن تأثيره مهم والأولي ان تقوم به الدولة وكيف تدار هذه الحرب الاعلامية؟ علي سبيل المثال القمر الصناعي النيل سات عليه 650 قناة ولكن يبث منه حوالي 1500 قناة عن طريق أقمار أخري تدور في مداره وهكذا يبث الاخوان قنواتهم إلي المصريين من بلدان أخري وهي حرب اعلامية حقيقية لابد ان نواجهها بإعلام قوي لكننا اخترنا هذا الوقت الحرج لنلغي وزارة الاعلام . ولكن الدستور نص علي تشكيل ثلاثة مجالس للاعلام تشرف علي الاعلام المسموع والمرئي والمطبوع؟ نعم، ولكن الدستور لم ينص علي إلغاء وزارة الاعلام وبالتالي كان تقديري ان يظل وزير الاعلام في وجود المجلس الاعلي للاعلام الذي يشرف علي المجلس الوطني للاذاعة والتليفزيون والمجلس الوطني للصحافة حسب ما نصت عليه المواد 211، 212، 213 والمفروض ان المجلس الاعلي للاذاعة والتليفزيون هيئة مستقلة ولكن هل سيشرف علي القنوات الخاصة ايضا؟، لابد من صدور قوانين تنظم عمل هذه المؤسسات وهذه القوانين سيصدرها البرلمان القادم الذي سينتخب في نوفمبر ولكن هذه القوانين لن تكون من اولوياته فلديه مهمة مراجعة القوانين التي صدرت علي مدي العامين السابقين، فكان لابد في هذه المرحلة من وجود وزير اعلام متفرغ لمهمتين الاولي: اعادة هيكلة المبني والثانية تكوين المجالس الثلاثة وهي مهمة ليست سهلة سواء علي مستوي الصحافة التي تعاني من 55 اصدارا خاسرا وتتراوح ديونها بين 11 و13 مليار جنيه فكيف نوقف هذا النزيف؟ الإعلام الاليكتروني ولماذا تعتبر تنظيم الاعلام الاليكتروني ملحا في هذه الفترة؟ لأنه أكثر خطورة من باقي أجهزة الاعلام فالشباب الأقل من 35 سنة لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون الفضائيات بل يتابعون الفيس بوك وتويتر وهذا العالم المنفصل لا نعرف عنه إلا القليل ويمكن ترويج الاكاذيب من خلاله والشباب اصبحوا كتلة بشرية يعتد بها
وكيف يمكن تنظيم الاعلام الاليكتروني؟ الأمن هو العنصر الاساسي في منع الخطر الذي قد يترتب علي الاعلام الاليكتروني والتحكم داخل حدود الدولة ممكن مثل ضبط الغش الجماعي ولكن الصعوبة في الاعلام الخارجي ولكن لابد من توافر اجهزة تكنولوجية حديثة ولابد من شرط الحصول علي تراخيص قبل فتح مواقع جديدة منعا للفوضي الحالية وقد عانينا من كتائب الاخوان الاليكترونية التي حاولت التأثيرعلي الرأي العام المصري لفترة معينة ورغم خطورة الاعلام الاليكتروني ولكن لم يرد ذكره الا في جملة واحدة في الدستور ومن الخطأ ان نعتبر ان الاعلام اذاعة وتليفزيون وصحافة فقط . ما هي التطورات التكنولوجية الحديثة المتوقع ان تصل مصر خلال السنوات القليلة القادمة؟ هناك التليفزيون التفاعلي الذي يمزج بين التليفزيون والكمبيوتر 38 ولمعرفة سرعة انتشار كل وسيلة اعلام هناك احصائية عالمية أكدت ان الراديو استغرق 38 سنة ليصل إلي 50 مليون شخص واستغرق التلفزيون 13 عاما ليصل إلي نفس العدد في حين لم يحتاج الانترنت إلا إلي 4 سنوات فقط ليصل إلي نفس الجمهور وهناك تطور مذهل سيحدث خلال العام القادم فهل نحن مستعدون لهذا للاسف لا لأننا نتعامل مع الموضوع بشكل عاطفي رغم ان الاعلام قضية أمن قومي ونحن لا نملك منع التأثير الخارجي ولكن علينا تقوية المقاومة بإعلام قوي وحر وصادق وقادر علي التأثير . إذن انت تطالب بعودة وزير الاعلام مرة أخري؟ لا اطالب بشيء لأن الحكومة بالتأكيد ستستشعر الحرج ولا أعرف كيف سيتصرفون في هذه الورطة وربما الحل أن يخول رئيس الجمهورية شخصا أو جهة بتشكيل المجالس الثلاثة وادارة امور الاعلام بالشكل الذي يتفق مع الرؤية الوطنية للدولة المصرية . ربما يكون الحل في تفعيل ميثاق الشرف الاعلامي؟ ما اكثر مواثيق الشرف التي لا تنفذ لأن الاعلام مهنة ضمير في المقام الأول