كانت علاقاتي الخاصة به تسمح لي بما يمكن أن أقول عنه انه من ابرز قادة القوات البحرية من بدء إنشائها منذ عهد محمد علي . تخرج في الدفعة الأولي وكان مبرزا فيها فكان حكمدارها وكانت صفاته التي تميزه تدينه الحقيقي وشخصيته القوية وأدبه الجم وحبه الشديد لوطنه ونزاهته الرائعة واعتزازه بكرامته. وبعد ذلك كان دائما مرموقا وحصل علي كثير من الفرق البحرية والعسكرية في مصر وفي انجلترا والاتحاد السوفيتي وعين قائدا للقوات البحرية وهو برتبة عميد في سبتمبر 1969 ثم حصل علي ترقية استثنائية في نوفمبر 69 لرتبة اللواء وكانت فترة قيادته للقوات البحرية قصيرة »ثلاث سنوات« ولكنها كانت من أزهي عصور القوات البحرية وكانت خلال فترة حرب الاستنزاف ولنعرض اهم ما قامت به القوات البحرية تحت قيادته: قبل قيادته للقوات البحرية كان مديرا للعمليات البحرية ، وبتخطيط رائع منه استطاعت القوات البحرية إغراق فخر الأسطول الاسرائيلي وهي المدمرة ايلات وذلك بواسطة قذائف صاروخية من لنشين وكان ذلك الهجوم هو الاول من نوعه في تاريخ الحروب البحرية وذلك بعد هزيمة 67 النكراء في 21 أكتوبر 1967 واعتبرت القوات البحرية ذلك اليوم عيدا يؤرخ لها. استطاعت ضفادع القوات البحرية المصرية تحت قيادته إذلال القوات البحرية الإسرائيلية وذلك بضرب ميناء ايلات وإغراق سفنهم بثلاث هجمات متتالية في خلال سنتين »ابتداء من نوفمبر 69 حتي مايو 70 « بالرغم من الاحتياطات البالغة منهم . قصف المدمرات دمياط والناصر منطقتي رمانة - بالوظة بشمال سيناء عام 69 وذلك لضرب المواقع الإسرائيلية الهامة وتجمعاتهم ومخازنهم ومراكز قياداتهم في سيناء. إغراق سفينة الأبحاث الإسرائيلية بالصواريخ مايو 1970 تدمير حفار البترول البحري الاسرائيلي كينتنج في أبيدجان عاصمة ساحل العاج مارس 1970وكان متجها للحفر في المياه المصرية المحتلة بخليج السويس. قام بإصدار التعليمات للأجهزة الفنية بالبحرية بابتكار مادة يمكن ان تتماسك باستخدام المياه المالحة وذلك لسد المواسير التي أعدتها إسرائيل وعددها 35 ماسورة بطول القناة لإغراق القناة بسوائل سهلة الاشتعال وذلك ليتحول سطح القناة الي لهب شديد الحرارة وذلك في حالة هجوم القوات المصرية عبر القناة وابقي هذه المادة سرا لا يعلمها احد غير رئيس الجمهورية ووزير الحربية وتم سد المواسير بها فيما بعد بواسطة الضفادع البشرية ليلة العبور في عام 73 علي سيناء. قامت القوات البحرية بالعديد من الأعمال لا يمكنني تعدادها كان يخطط لضرب القوات البحرية الإسرائيلية في مقتل بالهجوم علي وحداتها في ميناء حيفا بواسطة الضفادع البشرية ولذلك كان يدرب الضفادع البشرية بالسباحة في البحر لمسافة 40 كم ولكن خروجه المفاجئ حال دون ذلك. كان لخروج القائد محمود فهمي من القوات البحرية نتيجة سوء فهم من الرئيس السادات صدمة قوية له ، ولكنه انتهزها فرصة للحصول علي الماجستير من الجامعة الأمريكية، وتدور الأيام ويتم تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية عام 74 ثم تم تنصيبه رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري في الوقت الذي كان فيه وزير النقل البحري اللواء بحري عبد المعطي العربي - قائدي السابق. وفي سبتمبر 74 استطاعت وزارة النقل البحري الحصول علي قرض 50 مليون دولار لشراء سفن شحن وناقلات وتم تشكيل لجنة من 11 عضوا كان رئيسها اللواء محمود فهمي سافرت الي لندن لهذا الغرض، وكنت رئيسا لشركة التمساح لبناء السفن، وطلب وزير النقل البحري من المهندس مشهور رئيس هيئة قناة السويس انتدابي لهذه اللجنة.. وليس هنا الحديث عن السبب. بعد ذلك عرض عليه ان يكون وزيرا للنقل البحري والطيران ، ولكنه رفض إلا أن يكون وزيرا للنقل البحري فقط حيث كان يؤمن بالتخصص. بعد رحيله لرحاب الله أقامت القوات البحرية حفل تأبين كبيرا حضرته أسرته وكانوا برفقة زوج ابنته الوزير رشيد محمد رشيد ومحافظ الإسكندرية المحجوب وكبار رجال الدولة وعدد كبير من أسرة القوات البحرية وكنت واحدا من الذين شاركوا بكلمة وكان انفعالي شديدا وكان له تأثير حزين علي عدد كبير من الحاضرين، رحم الله الفقيد بقدر ما قدم لوطنه وأهله من عطاء كثير .