«أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    رئيس جهاز العبور يتابع سير العمل بمشروعات الطرق والمحاور    مخاوف من توقف محطة المياه عن العمل في غزة    فاينانشيال تايمز: إسرائيل مصرة على تحدي العالم بعد أسبوع من الضربات الدبلوماسية    «الداخلية»: ضبط مخدرات مع شخصين بالقاهرة بقصد الإتجار    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة طقس الغد    حبس سفاح التجمع لاتهامه بقتل 3 سيدات ورمي جثثهم على الطريق الصحراوي    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    هل من حق الشاب منع خطيبته من الذهاب للكوافير يوم الزفاف؟ أمين الفتوى يرد    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب // إسبانيا تستل سيفاً أندلسياً صدئَ أصله في بلاده    يوم الحسم في 3 قارات.. 7 نهائيات في اليوم العالمي لكرة القدم    منافسة قوية بين الأهلي والترجي لتعزيز رقم تاريخي.. «غير اللقب»    الصحة: إصدار 290 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت مليارا و713 مليون جنيه    السيسي للمصريين: نخفف الأحمال ولا نضاعف فاتورة الكهرباء 3 مرات؟    توقيع 3 مذكرات في الري والثقافة والتجارة.. 22 مسؤولًا من أذربيجان يزورون مصر    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 32 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    تعرف على المحطة الخامسة لمعرض "رمسيس وذهب الفراعنة" في أوروبا    أحمد العوضي: أصيبت باختناق بسبب مشهد الحريق في «حق عرب»    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    سفير اليونان من جامعة الإسكندرية: حريصون على التعاون العلمي والبحثي مع مصر- صور    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    محمد علي يوضح سنة مهجورة بعد الوتر    وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب يتوجه فى زيارة ميدانية لمحافظة البحر الأحمر    12 حدثًا يلخصون أنشطة التعليم العالي خلال أسبوع    وزير الدفاع الأمريكي يستأنف عمله بعد خضوعه لإجراء طبي    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تعلن قصف "هدف حيوي" بإيلات    الأهلى ضد الترجى.. بطل تونس يعلن جاهزية بن حميدة لمواجهة الليلة    أستاذ زراعة: اهتمام غير مسبوق بالنشاط الزراعي في الجمهورية الجديدة وطفرة في الصادرات    منى زكي تدعم فيلم رفعت عيني للسما بعد فوزه بجائزة العين الذهبية في مهرجان كان    4 صور جديدة تظهر رشاقة شيماء سيف بعد خسارة 50 كيلوجراما من وزنها    وزير الخارجية يقوم بزيارة الي بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    للذكور والإناث.. بدء اختبارات القبول للدفعة العاشرة من معاوني الأمن (التفاصيل والشروط)    عاجل.. صدمة مدوية للشناوي بسبب نجم الزمالك    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    جامعة المنيا تنظم قافلة طبية لقرية دلجا    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    كل ما تُريد معرفته عن مادة "البرازين" البديلة للسكر وأهم فوائدها    أسعار الذهب صباح اليوم السبت 25 مايو 2024    حبس سائق دهس شخصين في النزهة    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    إصابة 25 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق بنى سويف الفيوم    إحالة عاطلين للجنايات في حيازة أسلحة نارية بالزاوية الحمراء    نصائح الدكتور شريف مختار للوقاية من أمراض القلب في مصر    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    Genesis Neolun| الكهربائية الفاخرة.. مفهوم يعبر عن الرفاهية    ليست الفضيحة الأولى.. «الشاباك» الإسرائيلي أخطأ مرتين في نشر صورة إعلامي مصري    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    إطلاق مئات الآلاف من البعوض المعدل وراثيا في الهواء    حظك اليوم| برج القوس 25 مايو.. تأثير في الحياة العاطفية والاجتماعية    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    وزيرة الثقافة تهنئ فريق عمل رفعت عينى للسماء ببعد فوزه بالعين الذهبية فى مهرجان كان    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
!موسيقار.. الأجيال
نشر في الأخبار يوم 19 - 05 - 2014


محمد فهمى
جاءت ذكري وفاة محمد عبدالوهاب محمد أبو عيسي حجر.. لتذكرنا بزمن جميل.. كنا فيه.. نضرب الأمثال في الأخلاق والشهامة.. والسلوكيات الرفيعة!
شاءت الأقدار ان تحل ذكري وفاة موسيقار الأجيال عبدالوهاب.. ونحن نحتفل بعيد الربيع.. وفي اجواء سياسية مشحونة بالأمل.. وعلي أبواب انتخابات رئاسية فيها الكثير من ملامح أغنيته الشهيرة.. هليت يا ربيع.. هل هلالك.. متعت الدنيا بجمالك.. ونبهت الورد وكان نايم فوق عرشه الاصفر.. والطير جمعته وكان هايم متحير!
أغنية رائعة.. تقول إن الجمال متعة.. انعم الله بها علي مخلوقاته.. وان الربيع هو الذي نبه الورد الذي كان نائما فوق عرشه.. وايقظه كي يستمتع بجمال الحياة.. وينقل المتعة لجميع المخلوقات.. والربيع هو الذي جمع الطير الذي كان هائما متحيرا في شهور الشتاء العاصف.. ووحد بين طيور كل عائلة في موسم الربيع.. موسم الغزل.. وموسم الحب.
ويشدو عبدالوهاب.. بجملة يسيل لها الدمع مدرارا.. وهي والطير من فرحه.. غني لك!
نحن الآن في موسم الحب.. وموسم الأمل.. وموسم الشعور الغريزي الكائن في النفس.. بحب الأوطان.. الذي يتوارثه الابناء عن الآباء.
حب الأوطان.. وراثة.. والإرهاب وراثة ينتقل بالجينات الوراثية.. داخل الأسرة الواحدة.
ولذلك فقد كان لاحتفالنا هذا العام بذكري وفاة موسيقار الاجيال.. أكثر من دلالة وإشارة.. أولها انه جاء بعد عام بلغت فيه النذالة ذروتها.. باستخدام الدين في الوصول لاهداف سياسية.. وتحويل المساجد من أماكن للعبادة.. لاوكار لإرتكاب كل ألوان الموبقات.. وجاء صوت عبدالوهاب ليذكرنا.. بزمن جميل.. كان الشعب المصري فيه.. هو مضرب الامثال في الاخلاق والشهامة.. والسلوكيات الرفيعة.. والوطنية الجارفة.
وثانيها ان صوت عبدالوهاب.. الذي جاءنا من اذاعة الأغاني لساعات طويلة.. أعاد الينا.. المستوي الرفيع الذي بلغته قوانا الناعمة في زمانه.. ابتداء من الكلمات التي تضع اللغة العربية في مكانتها العالية.. الي اللحن الذي يشد العواطف.. الي الصوت الذي يوقظ المشاعر من غفلتها.. وينبهك الي التمتع بهذه النعمة الكبري.. نعمة.. الاستمتاع.. بالانصات والاستماع.
وثالثها.. ان سنوية وفاة عبدالوهاب.. كانت الفرصة لتأمل رموز قوانا الناعمة في عصره.. ابتداء من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمود ابوالوفا.. حتي أم كلثوم وأسمهان وشادية وليلي مراد مرورا.. بالعقاد وطه حسين ومصطفي وعلي أمين واحسان عبدالقدوس ويوسف ادريس.. وهيكل باشا.. والمئات من نجوم هذا الزمن.. الذين أثروا كل مجالات الابداع.. بكنوز من أرقي الفنون التي تدعو لمعاودة الإمعان والتدقيق.. فيما آلت إليه الاحوال بعد «سنة الاحزان» التي بلغت فيها النذالة ذروتها.. علي أساس ان قمة النذالة.. هي استخدام الاسلام في الوصول لاهداف سياسية.
لقد أعادنا صوت عبدالوهاب.. إلي الزمن الجميل.. زمن القمم العالية في جميع فروع الابداع.. والعلوم والسياسة.. والاقتصاد والصحافة.
زمن الثراء الحقيقي للامم الراقية..
ومن القوي الناعمة للوطن العظيم الذي ننتمي إليه.. الذي بدت فيه اهرامات عبدالوهاب باقية شامخة علي مر العصور والأزمان.
الهرم الأول.. هو أغنية الكرنك.. والثاني هو الجندول.. والثالث هو.. الفن!
لقد تألقت اذاعة الأغاني.. وهي تحتفل بذكري موسيقار الاجيال.. وهي بالمناسبة دائمة التألق ولا يكاد المرء يستمع إليها حتي ينتقل علي الفور إلي عالم الجمال والكمال والسعي لترقية الذوق العام والسلوكيات الرفيعة بين المخلوقات التي لا تكف عن الصياح.
المهم.. انه في ظل هذا التألق.. أذاعت محطة الأغاني حلقة من برنامج «ليالي الشرق» الذي كان يقدمه الاذاعي القدير وجدي الحكيم.. حيث جري الحوار بين عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ.. حول الفن.. واكتشاف المواهب الفنية.
في هذه الحلقة التي تعد من تراثنا الوطني.. والتي جري تسجيلها منذ أكثر من 40 سنة.. تحدث عبدالوهاب عن قضايا الساعة.. وكأنه يعيش بيننا.. ويري بعينيه ما نراه.. ونحن نستعد للانتخابات الرئاسية.. ونتحدث عن البرامج التي يتعين علي الرئيس القادم وضعها في اعتباره.
كأن عبدالوهاب يجلس بيننا.. ويتحدث عما نرتجيه من الرئيس بلا تسويف ولا ابطاء.
قال عبدالوهاب.. أنا اقترح ان يكون في كل محافظة جهاز لاكتشاف المواهب و(صنفرتها).. لأن الفن 50٪ موهبة و50٪ علم ودراسة وصنفره.. ولذلك يتعين ان يكون في كل محافظة جهاز يسعي لاكتشاف المواهب.. وتوجيهها بالعلم.. لأن الموهبة الموسيقية أصبحت تأليفا.. وتقديما.. أي ما نسميه الهارموني.
وقال عبدالوهاب.. ان البيئة وحدها لم تخرج لنا أم كلثوم.. ولا عبدالوهاب.. ولا حتي الفنان نفسه.. ولكن المهم هو اكتشاف الموهبة واحتضانها.. وتشجيعها.. وتزويدها بالعلم.
وتحدث عبدالوهاب في هذه الحلقة عن التعليم.. وقال إن علينا ونحن نعد خطط وبرامج التعليم.. ان نسأل أنفسنا اولا.. ما هو المطلوب من التعليم؟ كي نعرف الهدف الذي نسعي للوصول إليه.. والذي بناء عليه نستطيع ان نحدد.. ما اذا كانت خططنا التعليمية قد نجحت.. أم إنها لم تنجح.. ونعيد دراسة أسباب الاخفاق.. وعدم وصول التعليم للأهداف المرجوة.
وقال.. إن التعليم ليس هدفا في حد ذاته.. وانما التعليم هو وسيلة للارتقاء بمستوي الحياة في كل مناحي الحياة.
وتحدث عبدالوهاب في هذه الحلقة عن الصناعة.. والانتقال من الزراعة إلي الصناعة.. مع المحافظة علي القيم.. وتطوير وسائل الزراعة دون القضاء علي الفلاحين.. وان نسأل أنفسنا كل مرة.. ما هو المطلوب من الزراعة او الصناعة.. أو التعليم.
ولا أود الاستطراد فيما قاله عبدالوهاب في هذه الحلقة الممتعة من برنامج (ليالي الشرق) لكيلا تسرقنا السطور قبل ان اطرح السؤال عن علاقة عبدالوهاب بالزعيم النازي أودلف هتلر.. الذي أشارت الزميلة مها عبدالفتاح الي أنه لم ينتحر..
حقا.. ما علاقة عبدالوهاب بهتلر؟
يقول الدكتور علي فاضل حسن.. ان عبدالوهاب لم يغن للنيل (صلح قلوعك ياريس.. والنهر الخالد.. واجري يانيل.. الخ) وانما غني للانهار العربية (يا شراعا وراء دجلة يجري) و(سلاما من صبا بردي أرق.. ودمع لا يكفكف يا دمشق) وانما انشد ايضا لنهر الراين في المانيا!
نهر الراين في المانيا.. ويمر وسط العاصمة القديمة (بون) وليس هناك ما يدعو عبدالوهاب للانشغال بالاحتفاء بنهر الراين.. الذي لم ندرسه في حصص الجغرافيا.. ولم نجلس علي شاطئيه.. ولا يهم أي مواطن يعيش علي أرض النيل.. ان يتغزل في نهر الراين.
شيء عجيب فعلا.. ولكن الدكتور علي فاضل حسن أكده وسانده في هذه الرواية صديقه المايسترو سليم سحاب.
ما تفسيرك.. عزيزي القارئ.. لهذا الكلام.
يقال ان عبدالوهاب.. غني لهتلر.. في اوج الانتصارات التي حققها الزعيم النازي.. وانه خشي الوقوع في براثن «الجستابو».. واعوان جوبيلز عندما تنتهي الحرب بفوز هتلر وانه عد العدة لهذا اليوم حتي ينفد بجلده.. عن طريق الأغنية التي امتدح فيها هتلر.. ونهر الراين.
بيد ان الهزيمة الهتلرية المروعة.. وهروب هتلر مع أيفا براون لامريكا اللاتينية.. دفعا موسيقار الاجيال لاخفاء الأغنية التي لم يظهر لها أي أثر.. والهروب من مسكنه بحي العباسية والاحتماء باحدي الطبقات الدنيا بعمارة الايموبيليا تحسبا للغارات الهتلرية.
كان موسيقار الأجيال يتوقع ان تكون أغنيته لهتلر.. هي طوق النجاه.. عند انتصار هتلر.. ولكن الهزيمة الالمانية دفعته لاخفاء الاغنية التي كان يشيد فيها بنهر الراين.
كل ذلك لا يهم.. المهم.. هو حديث موسيقار الاجيال عن مشروعه السياسي لاصلاح الحال.. والذي كان يؤهله بجدارة للترشح للانتخابات الرئاسية.. وربما الفوز بمنصب الرئيس.. وان يصبح موسيقار الاجيال.. رئيسا للجمهورية.
نجوم .. السويتش
الخميس :
منذ أيام.. انتقل الي رحمة الله.. واحد من ألمع نجوم «أخبار اليوم» في أوائل ستينيات القرن الماضي.. هو نجم السويتش.. الزميل إمام أحمد حسن الشهير ب«إمام»!
كانت أخبار اليوم في تلك الأيام تعج بالنجوم.. وكل من يعمل بها هو نجم في موقعه.. الكل يعرفه.. والكل يقدر دوره وطبيعة عمله.. ويعرفه بالاسم.. ويخاطبه بالكثير من الالفة ورفع الكلفة في حدود الاحترام الواجب.
عامل المصعد.. كان نجما!
عامل البوفيه.. كان نجما!
جميع السعاة كانوا يستمدون نجوميتهم.. من نجومية الرؤساء الذين يعملون معهم.. وكانوا جميعا.. وبلا استثناء من نجوم الدار.. ومن المشاهير.. وكانت نجومية «عبدالشافي».. تدوي باعتباره الناطق الرسمي بلسان رئيس التحرير.. ومعه السعاه الذين ارتبطوا لسنوات طويلة بحسين فهمي او بإحسان عبدالقدوس أو أنيس منصور أو جليل البنداري.. أو مصطفي وعلي أمين بالطبع.. وغيرهم من نجوم هذه الحقبة!
وكل واحد من هؤلاء العاملين.. كان الملف السري.. للنجم الذي يعمل معه.. وكاتم الاسرار.. والعارف بكل كبيرة وصغيرة في حياة النجم الكبير.. وطبيعة العلاقات مع الآخرين.. وتوازن القوة.. ومواعيد إضاءة اللمبة الحمراء.. عندما ينشغل النجم الكبير بكتابة مقاله.. في هدوء يتطلب إمعان الفكر.. والنظر في خلق السموات والارض.. وحسن صنعه وكمال خلقه!
للأسف الشديد.. لم يكتب هؤلاء النجوم مذكراتهم.. وبالتالي فان تاريخ الصحافة المصرية سوف يظل ناقصا.. لافتقاده لمذكرات السعاة.. والحلاق الخاص بمصطفي بك.. الذي كان يزوره بمكتبه صباح كل يوم لحلاقة ذقنه.. واطلاعه علي احوال ما يجري في البلد.. مما لا تستطيع الصحف نشره.. لان حكايات الحلاق الرائع.. الانيق.. لم تكن تعرض أيامها علي الرقيب.
حكايات لم تخضع للرقابة الرسمية.. وافقدت صاحبة الجلالة تاريخ حقبة من اكثر حقبات تاريخنا الحديث غموضا.
كانت كل وظيفة.. هي بطولة صامتة.. لم يكتبها صاحبها وها هو الزميل «امام».. ينتقل إلي رحمة الله.. دون ان يكتب مذكراته لسبب بسيط.. يصفه الاستاذ احسان عبدالقدوس.. بأنه «شرف المهنة»؟!
شرف المهنة.. يحول دون كتابة النجوم الذين أعنيهم.. لمذكراتهم وكل ما جاء علي ألسنة نجوم السويتش في الصحف المصرية جاء في رائعة احسان عبدالقدوس »شرف المهنة«.
يقول إحسان علي لسان عامل سويتش:
بلا ادعاء، ولا مبالغة، استطيع ان اقول اني أمهر عامل تليفون في جميع دور الصحف.. لا صحف الجمهورية العربية المتحدة وحدها.. بل صحف الشرق الاوسط كله.. ولولا جهلي باللغات الاجنبية لاستطعت ان اقول اني أمهر عامل تليفون في جميع صحف العالم.. وعامل التليفون في الصحيفة ليس مجرد واحد من العمال او الموظفين.. ولكنه قلب الصحيفة.. القلب الذي ينبع منه الدم. ويعود اليه الدم.. وتتجمع عنده كل العروق والشرايين.. وقد لا يعرف القراء أهميتنا داخل العمل الصحفي ولكن هذا ليس دليلا علي عدم أهميتنا.. ثقوا انني أكثر أهمية للصحيفة من الاستاذ مرجوشي عوض الله سكرتير التحرير.. بل أكثر اهمية من الاستاذ فهيم.. الكاتب المعروف.. اني وحدي استطيع ان ابعث الحياة في الجريدة.. واستطيع ان اشل حركتها واجعل منها جزيرة معزولة عن العالم محاطة بصخور.. «مشغول».. «ما بيردش».. «مافيش حرارة».. الي آخر هذه الانواع من الصخور!
ويمضي إحسان يقول علي لسان عامل السويتش:
انني استطيع ان احصل لك علي أي نمرة.. واستطيع ان اصلك بأي شخص تريد محادثته، ولا تعرف مكانه.. فأجده لك من تحت الارض، سواء في عمله أم في كباريه.. مع زوجته.. أو عشيقته.. وأستطيع ان اقطع المكالمة التليفونية علي أي متحدث في أنحاء الجمهورية، وان اصلك بالاسكندرية بعد دقيقتين، واصلك ببيروت او نيويورك بعد ساعتين اني استطيع ان افعل العجائب.. كيف؟.. هذا هو سر المهنة.. سر اكتسبته بعد تجارب خمسة عشر عاما جالسا امام جهاز «السويتش» في دار الجريدة.
هكذا قال إحسان في مقدمة قصته «شرف المهنة» والقصة هنا.. ليست موضوعنا.. لاننا نتحدث عن المهنة.. التي كان يشغلها الزميل الراحل امام احمد حسن.. الذي لم نكن نعرف من اسمه سوي امام.. وكانت نبرات اصواتنا هي العلامة المميزة.. وكلمة السر.. التي نتبادل من خلالها.. حوار العمل.
رنة الصوت وحدها.. كانت تكفي.. وكان « إمام» يعرفنا.. بأذنه!
في هذا الزمان.. كانت المحادثات التليفونية في بلاط صاحبة الجلالة.. تجري من خلال السويتش.. ولم يكن من المتصور اجراء مكالمة لا تمر علي السويتش مهما كانت خصوصيتها.. وإثارتها.. واسرارها.. وما تتسم به في بعض الاحيان من النذالة المفرطة.
حب الاستطلاع في هذه المهنة.. خطير جدا.. علي رأي نجاة الصغيرة.. والمثل يقول «طباخ السم.. بيدوقه».. وبالتالي فان اغراء التنصت.. لا يقاوم.. خصوصا وان المكالمات تتعلق بالمشاهير.. ونجوم الاثارة.. وعتاولة الفتاوي.. الخ.. ولكن الراحل «إمام» لم يفعلها.. وكان محل ثقة العاملين لسنوات طويلة امتدت لاكثر من 30 سنة.
فعلها أحد مساعدي «إمام».. وجري فصله بسبب تنصته علي مكالمة للصول أحمد زكي.. عندما ناداه الصول الماكر.. باسمه فجأة اثناء المكالمة.. فاذا بعامل السويتش الساذج يرتعد من هول الصوت.. ويقول بلا داع «أفندم!».
وكانت إجابة الصول أحمد زكي:
أنت مفصول.. روح اقعد في بيتكم!
وقد كان!
كان السويتش ايام الزميل الراحل «إمام».. هو قلب الجريدة النابض.. علي حد تعبير الاستاذ إحسان عبدالقدوس.. وهو الذي يضم كتيبة من الذين يحملون أمانة الولاء للعمل والاخلاص في اداء الواجب لساعات من العمل قد تطول!
لكل واحد منا ذكريات مع السويتش.. تتأرجح بين ما هو خاص.. وما هو خاص جدا.. وما هو شديد الخصوصية.. في رسالة تصلنا من أحد الزملاء العاملين بالسويتش الذين لم تكن تربطنا بهم سوي صلة «الصوت» بان «الجماعة» اتكلموا.. او سفارة الهند سألت عليك.. الخ.. وكنا نفهم الرسالة!
الآن.. فقد السويتش مكانته الفريدة في بلاط صاحبة الجلالة بعد ظهور التليفون المحمول.. وأصبحت التليفونات الأرضية في صحفنا.. ترن فقط.. ولا تسمع ردا من أحد.. واذا جاءك صوت من السويتش تجده متبرما متأنفا..ساخطا.. وعازفا عن المساعدة في اجراء الاتصال.. مما نهي عنه الشرع.
لقد انتهي عصر السويتش.. ونجوم السويتش.. واصبحنا نعيش في زمن الموبايلات الذي تحولت فيها المكالمة إلي رنة.. وجملة «تصبحي علي خير».. إلي مسد كول!
الله يرحمك.. يا إمام.. ويرحم أيامك.
أحلي كلام
يقول إحسان عبدالقدوس
كانت زوجتي حاملا.. وكنت أعمل في ذلك الوقت في دار الهلال.. وكتبت مقالا في مجلة «الاثنين» بعنوان «الحبيب المجهول».
في هذا المقال تمنيت أن تنجب زوجتي ولدا.. وقلت لله إني مؤمن.. ولكني سأشعر بالحزن إذا أنجبت زوجتي بنتا.. واستجاب الله لدعائي.. ثم مرت الأيام.. وندمت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.