هي طفلة لم تذق طعم مرح الطفولة وشقاوتها.. ما بين فقرمدقع وأب قاسي القلب وأم ملّت بعد صبر سنين طوال علي عِشرة زوج عصبي المزاج بطش يديه يسبق لعنات لسانه.. أذاقها من الأذي ألواناً فكانت (تغضب) في بيت أهلها تاركة أولادها معه ليعرف قيمتها ثم تعود لبيتها بعد فترة تطول أو تقصر.. لكنها في المرة الأخيرة تركت له أولادها الخمسة وحملت رضيعها السادس علي كتفها ورفضت العودة. ومضي أكثر من عام وهي علي عنادها تأبي الصلح. ونيران الغل تزداد اشتعالا في نفس الزوج فيصبها علي أولاده المساكين خاصة ابنته الكبري المتهمة بحب أمها أكثر منه وزيارتها دون علمه وتقصيرها في خدمة اخوتها.. والمتهمة زورا بسرقة مبلغ مالي منه.. ولم تكن التهمة هي فقط القشة التي قصمت ظهر البعير لكنها كانت الحجر الذي حطم حياة الطفلة البريئة.. لم يرحم توسلاتها وصرخاتها.. فأوثقها وراح يضربها حتي الموت.. أفرغ فيها شحنة سخطه وغضبه.. أنساه الشيطان أنها من لحمه ودمه.. وعندما خفتت أناتها وصمتت للأبد أدرك أنه قتلها.. فاستدار لأختها التي تجمدت ذعراً من هول ما رأت ليهددها بنفس المصير اذا نطقت، بعد أن استوعب الصدمة حملها في جوال ودفنها تحت ركام كوبري تحت الإنشاء ثم أبلغ الشرطة عن غيابها واتهمها بسرقته. وظل يرتعد كلما مر بالمكان ويطارده شبحها وصرخاتها تلح في سؤاله بأي ذنب قتلتني؟ فلما فاحت رائحة الجثة وشهدت الإبنة الصغري عليه لم ينفعه الندم علي لحظة طيش أنهت حياة طفلته وترك أخوتها بلا عائل وأخيراً عادت اليهم أمهم الملتاعة ولعلها أدركت أنها لو صبرت ولم تترك أطفالها لأب قاس ربما لم تحدث هذه المأساة !