من أين هذا الكم المتدفق بالآلاف من وثائق الخارجية الامريكية؟ وما هي الجهات التي قامت بالتسريب الي اسانج صاحب موقع ويكيليكس.. وكيف توصلوا الي تلك الوثائق والبرقيات السرية التي تكشف خبايا اتصالات الدبلوماسيين الامريكيين مع شخصيات عربية وعالمية نافذة وعلي مستوي الرؤساء؟. ما حدث يتجاوز حد التسريب المنظم لوثائق ليست للتداول والنشر وقد يعني ان هناك أجهزة مخابراتية قد شاركت في عملية التسريب بالتعاون مع الموظفين المطلعين علي الوثائق بحكم مواقعهم ولذلك لابد من التوقف امام ملاحظات مهمة: 1 ان موقع ويكيليكس لا يمكن الحصول علي الوثائق التي بلغت قرابة الربع مليون بدون معاونة شبكة عنكبوتية توجد في السفارات والخارجية الامريكية وعلي اتصال بأسانج وماونيه. 2 انه يوجد دافع لتسريب الوثائق عن طريق الموقع في هذا التوقيت بالذات لان الدول لا تفرج عن الوثائق السرية إلا بعد مرور ثلاثين او خمسين عاما حسب أهميتها وبعد أن يتم محو اسماء ووقائع معينة منها حرصا علي الامن القومي. 3 ان اسانج لا يخفي ان لديه دفعات أخري من آلاف الوثائق وتتعلق بعلاقات الولاياتالمتحدة مع حلفائها في المنطقة العربية وطبيعة الاتصالات المخابراتية التي تقوم بها عن طريق الدبلوماسيين المنتشرين في سفاراتها ومكاتبها في الخارج.. وحسب ما كشفته الوثائق فانهم يكلفون بالحصول علي معلومات معينة وإلي حد التجسس. 4 ان معظم الوثائق المسربة لم تتطرق الي اسرائيل إلا بشكل محدود رغم علاقتها الحميمة مع الولاياتالمتحدة والاتصالات السرية المستمرة بينهما وذلك يعني احتمال ارتباط ويكيليكس بشكل او بآخر بجهاز الموساد. وما يبدو واضحا ان وثائق ويكيليكس قد اثارت غضب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية بسبب فضيحة اختراق الدبلوماسية الامريكية وذلك ينعكس علي نشاط السفراء والعاملين في المكاتب فان ذلك يدفع الي الحرص في التعامل معهم من جانب المسئولين في الدول الاخري.. وفي برقية منها تنتقد كلينتون الرئيس بشار الاسد بسبب تزويده حزب الله بالصواريخ، وكشفت برقيات امريكية ان الولاياتالمتحدة تعتبر اليمن النقطة الرئيسية لنقل الاسلحة لحركة حماس عبر البحر الاحمر من ايران ولاشك ان تسريب ويكيليكس قد الحق اضرارا بسرية المهام الدبلوماسية الامريكية.. والتي ترتبط بنشاط المخابرات المركزية في مناطق معينة وكذا بعمليات القوات الامريكية في افغانستان والعراق.. والسؤال الذي يفرض نفسه: ما هي الجهات أو الاجهزة المخابراتية التي تختفي وراء اسانج »الاسترالي الجنسية« وما هدفها مما قام به باعتبار ان ما حدث أمر غير مسبوق التاريخ؟. ان تفاعلات قضية ويكيليكس لن تقف عند حد معين بعد ان قام جوليان اسانج بتسليم نفسه طواعية للسلطات البريطانية، وتم احتجازه بأمر القاضي في محكمة وستمنستر في قضية تحرش جنسي بأمراتين وبناء علي مذكرة اتهام من السويد وبعيدا عن فضيحة تسريب وثائق الخارجية الامريكية وليس معني ذلك ان تقوم بريطانيا بتسليم اسانج الي الولاياتالمتحدة لمحاكمته امام القضاء الامريكي فان ذلك يتوقف علي الاتصالات بين ستوكهلم وواشنطن لتقرير مصيره.. ولم يحدد وزير العدل الامريكي الاتهام الموجه اليه فالتحقيقات مازالت مستمرة ويحوطها الغموض، وهناك مؤشرات الي تورط دبلوماسي في الخارجية في تسليم وثائق الي عضو في موقع ويكيليكس. والسؤال هل تؤثر تسريبات تلك الوثائق علي علاقات امريكا الخارجية؟ وخصوصا مع الدول العربية؟ ويبدو ذلك واردا علي لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع »البنتاجون« بأن مؤشرات تفيد بتراجع بعض الدول الاجنبية في تعاملاتها مع الولاياتالمتحدة بعد تسريب الوثائق السرية وهو ما يسبب إرباكا للخارجية الامريكية!.