حالنا يشكو بعضه بعضا.. صراعات سياسية.. افتقاد العدالة الاجتماعية. اقتصاد مترنح.. مؤسسات عامة وخاصة متعثرة.. دعم يتزايد وفقر يرتفع.. حد أدني وأقصي لا يرضي أحدا.. بطالة لا تجد من يبطل تأثيرها علي الأمن القومي. هذه الصدمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تضرب جنبات المجتمع من كل جانب منذ عقود طويلة وفي كل مرة يتحدث المسئولون عن حدوث انفراجة من خلال تعديل دستور أو صناعة دستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية فيهب الناس للنداء في محاولة تتعطش للأمل أن يحقق لها ما يصبون إليه. والآن ونحن علي أبواب الاحتفال بالذكري الثالثة لثورة يناير بعد غد وبعد الخروج للاستفتاء في مارس 2011 للموافقة علي التعديلات الدستورية مرورا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية والاعلانات الدستورية حتي ثورة 30 يونيو والاستفتاء علي دستور 2014.. هل سنجد في هذه الاوراق ما يخرج المجتمع من كبوته! انها رحلة من الاوراق التي أسعدت اناسا وأبكت آخرين!! الاوراق ليست حبرا علي ورق وليست كلمات نتشدق بها في اللجان والمجالس والفضائيات إنما هي سفينة تفرد شراعها تنتظر الرياح لتدفع بها إلي الامام وإلي المسار التي تود أن ترسو فيه.. الاستفتاء علي دستور 2014 سجل تفوق المرأة المصرية التي قدمت صورة اجتماعية تملؤها الفرحة وهي تدلي بصوتها وكأنها في عرس.. حاول البعض ان يفسر هذه الصورة المبهجة التي ظهرت عليها خاصة انها ما كانت تحمل زجاجة زيت أو قطعة قماش أو كيلو لحم أو سكر.. ولكنه يحدث فقط في مصر. المرأة المصرية بطبيعتها تحب الوفاق بين أفراد الاسرة ولا تنصر ابنا علي ابن وتحب ان يعم الاستقرار جنبات البيت والعلاقة بين ابنائها وتحب ايضا ان يكون الوضع الاقتصادي ملبيا للاحتياجات الضرورية وسقف الاخلاق عاليا والوطن في حالة استقرار والشارع آمنا. المرأة المصرية بحسها الفطري تملك ذكاء لا يفطن إليه أحد ممن تمرسوا في ملعب السياسة فهي تقرأ بقلبها مالا تراه أعين الاخرين من اخطار تحدق بالاسرة والمجتمع والوطن. لهذا كانت نسبة المرأة في المشاركة 55٪ رغم ما اصطلح علي تسميتها بحزب الكنبة ولكن لو سألت الأم التي خرجت للموافقة علي الدستور ماذا تقولي لابنك الذي لم يشارك؟ اعتقد أن إجابة كل أم وأخت لشاب - ممن تقاعسوا عن المشاركة لاسباب بعضها سياسي وبعضها يتعلق بالكرامة خاصة بعد أن تداول بعض المفكرين ثورة 25 يناير بسوء ومحاولة اثبات أن ثورة 30 يونيو هي الثورة الحقيقية - ستكون يا ابني ويا أخي دعك من الجدل البيزنطي والكلمات المتناثرة هنا وهناك، فثورة يناير قضت علي فرعون مصر وعلي أعوانه وحاولت ان تطهر الارض من الفساد والوصوليين ولكنها تعثرت بعض الوقت وتصارع البعض من أجل الحصول علي كرسي السلطة ليس حبا في مصر ورعاية أهلها وتحقيق التنمية والقضاء علي الفقر والمرض وإنما لتحقيق مآرب خاصة. يا ابني ويا اخي سفينة الوطن تحتاج الرياح لتندفع وتسير صوب تحقيق الاهداف التي جاءت في أوراق دستور 2014 وانت هذه الرياح التي ستخرج بنا من مطبات الزمن التي تعثر بها وطننا قرونا طويلة. فهل آن الأوان ان تمد يدك مع أيدي إخوانك من الشباب لإقالتنا من العثرة وتتركوا الكلمات التي تدفع نحو اشعال جذور الصراع السياسي والاجتماعي لتهدم جدران الوطن. يا ولدي.. انت الأمل فلا تترك السفينة حتي وإن كنت غاضبا من بعض الكلمات التي آذت مشاعرك فلقد سمع سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم - والانبياء الكثير من الكلمات التي لا تؤذي فقط النفس بل تقتلها ولكنهم لم يتركوا الرسالة ونشرها بين الناس لتحقيق معانيها التي تكفل الحياة الكريمة لهم في الدنيا والآخرة. يا ولدي أنا أنتظرك أن تأخذ بيدي فأنت القاطرة التي ستخرج وطننا من ظلمات الدهر إلي أنوار المستقبل فكن سندا لي ولوطنك.