كنا قد تفاءلنا خيرا عندما طلعت علينا القنوات الفضائية واستطاعت أن تجذب الكثير من مشاهدي تليفزيون الدولة من خلال توافر عدة عوامل أهمها سرعة ايقاعها وابهار شاشاتها ومناقشتها لموضوعات محلية لم يكن يتعرض لها التليفزيون الرسمي وكذلك استغناؤها عن مذيعة الربط التي كانت تكثر من الماكياج ولا تقول شيئا من الورقة الفولسكاب التي تقرأ منها وتخطئ! ثم بعد فترة وجدت تلك القنوات نفسها تكرر الوجوه والضيوف والموضوعات وحتي الأفلام والمسلسلات التي تستعيرها من تليفزيون الدولة، بل انها راحت توظف لديها المذيعات والمذيعين القدامي الذين انتهت بالفعل صلاحية عمرهم الاعلامي! وهكذا تبين أن »جديد« القنوات الفضائية لم يعد جديدا، كما ثبت للمشاهدين التكالب التجاري علي الربح من خلال الاعلانات واستغلال عائد رسائل SMS التي حجزت الجزء الأسفل من الشاشة حتي اصبحت رؤيتها تبعث علي الغثيان! أما الأخبار فإن القنوات الفضائية تنقلها مباشرة من وكالات الأنباء العربية والعالمية وهذه تعلنها مشكورة الآن علي شبكة الانترنت فأين السبق الاعلامي في ذلك؟! الواقع لم يبق للقنوات الفضائية سوي البرامج الحوارية وهذه قد اصبحت تستضيف شخصيات ثابتة ومن العجيب انها تظهر في اكثر من قناة في اليوم الواحد حتي ان أحد اصدقائي الظرفاء قال لي: يبدو ان فلانا من هؤلاء قد اصبح يعمل في القنوات الفضائية!! أما الأسوأ والأكثر إملالا فهو استئثار بعض المذيعات والمذيعين ببرامج طويلة المدة تتجاوز الساعتين »وهذا أمر غير متعارف عليه اطلاقا في الاعلام المرئي.. وخاصة إذا تكرر كل يوم«.. يبقي استعراض ما ورد في الصحف اليومية وليته اقتصر علي ذلك، لكن مقدميه تحولوا إلي وعاظ وناصحين وموجهين لنا بل وشاخطين فينا؟! أما برامج الرأي والرأي الآخر فهي بكل تأكيد موجهة من كل قناة حسب مخططها الذي تريد ان توجه إليه الرأي العام المصري والعربي، ثم لا يفوتني أن أشير في النهاية إلي برنامج »الاتجاه المعاكس« الذي يقدم أسوأ مثل لحوار العرب مع بعضهم كما يريد اصحاب القناة ان يصدروه للخارج!!! كاتب المقال : نائب رئيس جامعة القاهرة السابق