أخيرا وبعد طول انتظار أصدر الرئيس عدلي منصور قانون التظاهر وذلك بعد إقراره من الحكومة، والمفروض أن العمل به قد بدأ بالفعل اعتبارا من يوم الأمس الإثنين.. وبقراءة المواد التي احتواها القانون نجد أنه يهدف أساسا لحماية المتظاهرين السلميين، أمّا التخريبيون الإرهابيون فيمتنعون، وفي سبيل ذلك وضع القانون عدة ضوابط لتنظيم عملية التظاهر السلمي، ولضمان منع التخريب والهدم والفوضي تحت مسمي التعبير عن الرأي.. ولعل هذا هوالسبب الذي جعل الانتقادات تتوالي علي القانون منذ اللحظة الأولي التي شهد فيها النور وبالذات من إخواننا البعدا.. أمّا المنافقون الذين كانوا مندسين بيننا ويجتهدون في إخفاء ما تكنه قلوبهم، فقد نجح القانون في إسقاط القناع الذي كانوا يتخفّون وراءه وظهرت وجوههم علي حقيقتها.. فهم لم تعجبهم قائمة الممنوعات التي فرضها القانون، مثل حظر التظاهر في أماكن العبادة والتواجد فيها إلاّ لغرض العبادة، وكذلك حظر تسيير المواكب إليها أوالتظاهر فيها (والذي تم من خلاله سد باب كبير أمام المتظاهرين الإرهابيين كانوا يروّجون بضاعتهم الإرهابية بواسطته مستغلين الجانب الروحي والمعنوي لدي الكثير من البسطاء).. حظر القانون أيضا علي المشاركين في المظاهرات حمل أية أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو ألعاب نارية أومواد حارقة أوغير ذلك من الأدوات أوالمواد التي تعرض الأفراد أوالمنشآت للضرر أوالخطر، وكذلك منع القانون ارتداء الأقنعة أوالأغطية بقصد إخفاء ملامح الوجه، وحظر الاعتصام أوالمبيت بأماكن التظاهرات، أوالإخلال بالأمن أوالنظام العام أوتعطيل الإنتاج أوتعطيل مصالح المواطنين أوإيذاءهم أوتعريضهم للخطر أوالحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أوالتأثير علي سير العدالة أوالمرافق العامة أوقطع الطرق أوالمواصلات أوالنقل البري أوالمائي أوالجوي أوتعطيل حركة المرور أوالاعتداء علي الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أوتعريضها للخطر.. أمّا الشيء الذي اعترضوا عليه بشدة فهوإلزام كل من يريد تنظيم مظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته المكان والذي يجب أيضا أن يكون الإخطار متضمنا تحديدا للمكان وكذلك تحديد موعدي البدء والانتهاء، ويتم الإخطار قبل بدء المظاهرة بسبعة أيام عمل علي الأقل، علي أن يتم تسليم الطلب باليد أوبموجب إنذار علي يد محضر.. وألزم القانون أيضا المحافظين بإصدار قرارات تحدد الحرم الآمن لجميع المواقع السيادية علي ألاّ يقل عن مائة متر ولا يزيد عن ثلاثمائة متر، وكذلك تحديد مناطق كافية داخل المحافظات تباح فيها المظاهرات السلمية والتي يجب أن تخلو من نصب خيام وما شابهها بغرض الاعتصام أوالمبيت بها.. أمّا إذا صدر خلال المظاهرة أي سلوك من المشاركين فيها يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أوخروج المشاركين فيها عن الطابع السلمي للتعبير عن الرأي فقد أجاز القانون اتخاذ الاجراءات العقابية المختلفة والتي لن يتسع لها المجال هنا.. الحقيقة من الإنصاف أن نشهد أن الحكومة أخيرا عملت حاجة عدلة وذلك بعد الشلل الذي أصابتنا به علي مدي الأشهر القليلة التي تولت فيها الحكم، حيث تتميز ببطء شديد في أسلوب عملها أثّر سلبا بدرجة كبيرة علي وضع حلول سريعة لمشاكل الجماهير، ولعل هذا الإنجاز يكون فاتحة خير للشعب المصري والعبرة طبعا بالتنفيذ.. أمّا سؤالي الأخير فهوللمتظاهر الذي يرفض القانون: فإذا كنت سلميا حقا ماذا يضيرك من هذا القانون، إنه يحميك ويحمي حقك في التعبير عن رأيك ومطالبك.. إذا كنت سلميا حقا لماذا ترفض أن نسلك في مصر شعبا وحكومة سلوك الدول المحترمة المتحضرة التي تنظم عملية التظاهر بما لايخل بحقك في التعبير عن رأيك ولا بحقها في منع التخريب والفوضي.. لماذا ترفض القانون وتريد أن تستبدله بخيال مآتة.؟.