قديماً قيل: السهم لن يصيب الرمية مالم ينطلق، وفي مؤتمر زعماء الفكر العالمي الذي عقد في طوكيو قالوا: ان الجيش المصري انقذ شعب مصر لكي يتمتع بهويته القائمة علي الابداع والتفكير، وهذه حقيقة لأن المصري حين يتاح له المناخ المناسب تراه في فترة وجيزة في قائمة الصدارة علي مستوي العالم والواقع خير شاهد فما من جامعة عالمية أو معهد دولي علي مستوي العالم الا وبه اساتذة وعلماء ومخترعون مصريون. أقول هذا بمناسبة القرار المزمع تنفيذه بشأن إلغاء مادة المستوي الرفيع والتي ظلت مقررة بالثانوية العامة لأكثر من ستة وعشرين عاماً، فالتعليم التقليدي يدرس كتاباً ومنهجاً يتقيد الطالب بما جاء فيه ثم يكون الامتحان فيما تم تدريسه بهذا الكتاب اعتماداً علي الحفظ والتلقين في الغالب لكن منهج المستوي الرفيع في الأحياء أو الرياضيات أو اللغة العربية ليس محدداً بكتاب أو منهج مقرر بل هو مادة تتحرر من كل قيود الدراسة التقليدية وتدفع الدارسين الي البحث والاستقصاء والذهاب الي مكتبة المدرسة والمكتبات العامة وشبكات التواصل الاجتماعي لأن هذه المادة ترسخ لما هو أعمق حيث التفكير والتحليل والاستنتاج ومن ثم الابتكار والابداع وتنمية الاستعداد للبحث العلمي في المستقبل القريب. ان المناقشة بين الدارسين لهي الطريق الأمثل الذي يؤهلهم للدراسة الجامعية التي هم بصدد الالتحاق بها لأنهم تدربوا تدريباً كافياً علي التفكير العلمي البناء والنقد والتحليل ودراسة القضية أو المشكلة او الموضوع من جميع جوانبه دراسة متأنية دقيقة لأن سيكولوجية المستوي الرفيع تقوم علي اعمال العقل والعصف الذهني والمستويات العليا من التفكير حتي ان امتحان هذه المادة لا يرتبط بمنهج بل هو بعيداً تماماً عن عملية الحفظ والتلقين والتي هي معول من معاول الهدم في بناء العقلية العلمية المرجوة مستقبلاً. اننا اليوم في عصر جديد، ومجتمع جديد نأمل في بناء مستقبل جديد لوطن جديد يضم جيلاً من المبدعين والعمالقة والمخترعين وعلماء الفلك والاقتصاد والاجتماع وغيرها من العلوم ولن يتأتي ذلك بدون تبني فكرة إعداد مناهج تقوم علي تنمية الفكر وتعميق الابداع عن قرار وزارة التعليم بإلغاء المستوي الرفيع يعوق الابداع لأنه يعني انه لا نريد المفكرين أو المبدعين من ابنائنا، فالطالب المبدع في مجال ما موهبة ينبغي تشجيعها ورعايتها باعتبارها من خيرة العقول التي تنبيء بمستقبل مشرق. ان مصر كما يقولون »ولادة« لكن مازالت هناك جواهر وكنوز غالية من ابنائها لم تتح لهم الفرصة للكشف عن مواهبهم واستعدادهم وذكائهم الفطري ورغبتهم الأكيدة في خدمة العلم والوطن، مصر التي أنجبت مجدي يعقوب ومصطفي مشرفة وعبدالمنعم رياض ونجيب محفوظ وأم كلثوم وغيرهم، مصر التي تشدو دائما مفتخرة. إن مجدي في الأوليات عريق.... من له مثل أولياتي ومجدي؟ المستقبل ينادينا: مصر الجديدة لن تبني الا بالعلم، ولن تضع اقدامنا علي أول طريق المجد لتصبح في مصاف الدول المتقدمة بغير العلم، فهيا لنربي أبناءنا علي التفكير العلمي، ولنفتح الباب أمام النابغين والمتميزين في كل مجال اعتمادا علي أسس البحث العلمي الصحيح، ونبني فيهم التفكير بتأمل من أجل الوصول الي الأفضل، وتحفيز الطاقات لكي تبدع وتنتج ،تكتشف وتخرج أروع ما فيها، لأن المحصلة النهائية للعملية التعليمية هي تنمية الفكر وبناء العقل وليس مجرد دراسة أفكار ونظريات دون ابداع أو ابتكار. يقول الزعيم جمال عبدالناصر: ليس من الصعب بناء المصانع، ولكن بناء النفوس هو الصعب.