فرض الاعلام نفسه علي المشهد السياسي كأحد أهم عناصر تشكيل اتجاهات الرأي العام منذ سنوات طويلة. وتعاظمت قوة تأثيره مع التقدم المذهل في تكنولوجيا البث الفضائي العابر للحدود. هذه الاهمية تجلت في تخصيص فقرة مستقلة في خارطة المستقبل التي اعلنتها القوي السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة في البيان الذي صدر يوم الاربعاء الماضي، وتنص علي »وضع ميثاق شرف اعلامي يكفل حرية الاعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة واعلاء المصلحة العليا للوطن« واري ان يسارع الاعلاميون بالمشاركة الجادة في تفعيل هذه الحلقة من خارطة المستقبل بتنظيم حوارات واسعة يشارك فيها الاعلاميون من جميع الاطياف والاتجاهات لتقديم رؤاهم في افضل الوسائل لضمان تحديد مسار الخطوات علي طريق تحقيق هذا الهدف، فالاعلاميون هم الاقدر علي تحديد المسار الصحيح الذي يحقق هذا الهدف مع الاستعانة بخبراء القانون ممن لهم صلة او اهتمام بقضايا الاعلام وايضا خبراء الاجتماع والاقتصاد. قصدت »بالوسائل« المؤسسات التي تضمن التطبيق الصحيح لمواثيق الشرف، حتي لا يتم وضع مواثيق شرف تتيح العبارات المطاطة التي تتضمن التطبيق الصحيح لمواثيق الشرف، حتي لا يتم وضع مواثيق شرف تتيح العبارات المطاطة التي تتضمنها تفسيرات وتأويلات تستخدم في سلب الاعلام حريته او التضييق عليه. وفي هذا السياق فقد اعدت مجموعة من الاعلاميين المهمومين بحرية الاعلام »مشروع قانون« لانشاء المجلس الوطني للبث المرئي والمسموع ومشروع قانون لتشكيل نقابة مهنية للاذاعيين »راديو وتليفزيون« وعرض المشروعات علي مجلس الشعب السابق ثم علي لجنة »الهيئات المستقلة« بلجنة الدستور، ثم علي لجنة الثقافة والاعلام بمجلس الشوري. وفي جميع هذه المراحل ابدي الاعضاء حماسا واضحا لاصدار التشريعات التي تنشئ هذه الكيانات القانونية ضمانا لان يتم ضبط الاداء الاعلامي المرئي والمسموع بواسطة »مؤسسات« مستقلة استقلالا حقيقيا. ورغم هذا الحماس فقد تم وأد هذه المشروعات. ولم اذكر هذه الوقائع لاتهام اية جهة بتعطيل قيام هذه المؤسسات، لكنني اردت أن اؤكد ان الاعلاميين لديهم بالفعل مشروعات وافكار يمكن ان تكون اساسا تدور حوله المناقشات واننا لانبدأ من فراغ. وفي هذا السياق فقد طرحت فكرة تبني الاعلاميين في جميع وسائل الاعلام المختلفة بالتنسيق من خلال كيان يشبه اتحاد النقابات الفنية، بإنشاء اتحاد للنقابات الاعلامية يضم نقابة الصحفيين ونقابة الاذاعيين »راديو وتليفزيون« ونقابة تشكل للمدنيين علي الانترنت اخذا في الاعتبار ان الصحافة المطبوعة ينظم امورها »المجلس الاعلي للصحافة« الذي يقابل المجلس الوطني للبث المرئي والمسموع »المقترح«. امل ان تلقي هذه الدعوة الاستجابة المستحقة من الاعلاميين وان يسارعوا بالتحرك الجاد والعملي لتشكيل هذه المؤسسات ومن بعدها او بالتوازي معها وضع مواثيق الشرف التي تضبط الاداء الاعلامي لاداء دوره الوطني والتنويري واحذر من ان اي تقاعس عن هذا التحرك سيفتح الباب ليقوم بهذه المهمة آخرون لن يستطيعوا- مهما خلصت نواياهم- ان يقدموا الرؤية العملية لتشكيل هذه المؤسسات ولوضع ميثاق الشرف المنشود، فكما يقول المثل »اهل مكة ادري بشعابها«.