للمرة الثالثة اكتب عن سد النهضة الأثيوبية واللطمة الموجعة لجميع المصريين من إعلان أثيوبيا انها ستبني السد شاء من شاء وأبي من أبي وأنه لا مجال للتفاوض وليس هناك أدني تراجع عن موقفها.. وأيدتها في ذلك كينيا وهي أحدي دول الحوض معلنة ان بناء السد من حق اثيوبيا ولن تتراجع في قرار إنشائه. ونحن في مصر شبعنا تحليلات من الخبراء والسياسيين والبرلمانيين والقانونيين من أن حق مصر ثابت وقوي وأنه لاتنازل عن أي قطرة من حصتنا التي لا تكفينا أصلا في الوقت الذي تستمر فيه اثيوبيا في بناء السد وتسابق الزمن للانتهاء منه قبل أن تتخذ مصر قرارا حاسما تجاه هذا العدوان الغاشم علي حياة 90 مليونا من أبنائها ليس لهم مورد آخر لحياتهم سوي هذا النيل. ورغم ان تقرير اللجنة الثلاثية أكد بما لا يدع مجالا للشك ان هذا السد المزمع إنشاؤه والمكان الذي اختير لإنشائه فيه لم تجر عليهما دراسات كافية بل انه يسبب كوارث عنيفة في حالة انهياره.. لأن الدراسات أجريت علي سد آخر يقام في مكان يبعد عن الحدود السودانية 40 كيلومترا وبارتفاع بسيط.. وتم اسناد العمل في السد علي عجل لإحدي الشركات الإيطالية دون التشاور مع مصر والسودان وهما من يقع عليهما كل الأضرار سواء في حالة تشغيل السد واحتجاز هذه الكميات الضخمة من المياه التي بالقطع ستؤثر علي حصة مصر الحالية بمقدار 15 مليار متر مكعب طوال فترة الملء أو في حالة انهياره.. إلي جانب عدم اجراء دراسات لتقييم الأثر البيئي للسد علي منطقة حوض النيل حيث ان بحيرة التخزين الجديدة التي تسع لهذه الكميات من المياه تقتضي اقتطاع 40٪ من مساحة الغابات الأثيوبية وهذا في حد ذاته كارثة بيئية تسبب الجفاف في المنطقة بأكملها كما حدث عندما أصرت البرازيل علي اقتطاع 40٪ من الغابات عند بناء سد الأمازون مما أدي لكوارث جفاف شديدة في أمريكا الجنوبية والشمالية وحتي استراليا وغيرت المناخ في العالم كله وتوالت موجات الجفاف في أوروبا وحتي افريقيا.. لأن الغابات هي رئة العالم ونقصها لتوفير مساحات للزراعات المروية أو إنشاء بحيرات تخزين تقلل من نسبة الاكسجين ويزيد من تراكم ثاني أكسيد الكربون في الجو الأمر الذي يرفع درجات الحرارة في الكون ويؤدي لتغييرات المناخ التي يعاني منها العالم وقد تؤدي لتدمير الكرة الأرضية. القضية يا سادة لابد ان ينظر إليها من كل الجوانب وعدم إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي للسد ورقة ضغط في يدنا لا يجب أن نهملها إذا لجأنا إلي المحافل الدولية عند استمرار أثيوبيا في العناد. وفي حالة الإصرار والعناد ظنا منها ان مصر ضعيفة فإن كل الخيارات مفتوحة كما أعلن ذلك بوضوح الرئيس محمد مرسي.. وأن دماءنا ستكون هي الثمن من أجل الحفاظ علي حقنا في المياه الذي هو حقنا في الحياة.