بدأ عام جديد من الأزمة المالية العالمية التي انتشرت في قارات الدنيا بسرعة وصول الأوبئة الجديدة وأمراض العصر.. دول العالم والمؤسسات الدولية حاولت عبثا التوصل إلي رد عملي يوقف تداعيات إقتصادية وإجتماعية مؤلمة.. مجموعات دولية وإقليمية إجتمعت في مؤتمرات رفيعة المستوي في محاولات فاشلة للخروج من هذه الأزمة الطاحنة والنتائج جميعا جاءت مخيبة للآمال.. إذ إرتفع عدد بنوك وشركات كبري تعثرت وأفلست.. وها هي مجلة فوربس الأمريكية تكشف في تقريرها السنوي أن أغنياء العالم خسروا 400 مليار دولار.. بينما سجلت البورصة الأمريكية تراجعا بلغ 47 ٪ منذ اندلاع الأزمة قبل أربعة وعشرين شهرا!! الثابت إذن أن الإقتصاد العالمي سيدخل عاما جديدا من المعاناة جراء تواصل تداعيات هذه الأزمة.. وإذا كانت الدول الصناعية صاحبة الفائض المالي قد دفعت ثمنا باهظا خلال العامين الماضيين.. فما بالك بالدول النامية والدول الأكثر فقرا التي واجهت عثرات عديدة وبطبيعة الحال ستعاني الأمرين خلال السنة الثالثة.. وتواجه عجزا ماليا وتجاريا مضاعفا.. وتدني في المنح والمساعدات الخارجية.. يرافق هذه التحديات إرتفاع تكاليف الحياة جراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية والنفط والمنتجات النفطية. محليا "تفردنا" في التعامل مع هذه الأزمة.. ففي الشهور الأولي علي انفجارها خرج علينا كبار المسئولين بتصريحات معسولة تؤكد أننا بمأمن.. غير أنه بعد مضي العام الأول أيقنا أن الأزمة طالت جميع القطاعات الاقتصادية.. وأن الحاجة تستدعي تحركا فعالا من قبل الحكومة لتجنيب الإقتصاد الوطني تداعيات صعبة قد تساهم في الوقوع في كساد مؤلم.. إلا أن التحرك الحكومي لم يتحقق علي المستوي المنشود... ووفق ما يراه الخبراء في الإقتصاد فإن عجز الموازنة العامة غير منطقي ويسير بمعدلات تفتقر الترشيد وضبط النفقات الجارية والرأسمالية.. والسياسة النقدية لم تستطع التأثير في أداء القطاع المصرفي الذي يعمل بهياكل فوائد مرتفعة علي القروض والتسهيلات الإئتمانية والتشدد في منح التسهيلات لمختلف الاستخدامات.. حتي أصبح الهدف ربحية البنوك بغض النظر عن نتائج القطاعات الاقتصادية الأخري. عامان من الإخفاق في التعامل مع الأزمة المالية العالمية وتداعياتها.. وقد دخلنا في عام جديد من ذات الأزمة يعلم الله وحده ما تخبئه من تداعيات أخري ربما لانقوي علي مواجهتها.. فعلينا أخذ الدروس والعبر من الإخفاق والتجاهل المتعمد والتهوين ودراسة وتطبيق أسلوب أكثر فعالية في إدارة الأزمات للنجاة من تداعياتها.. ربما يكون ذلك ممكنا إذا ما توافرت الإرادة والنوايا الصادقة الشفافة لدي مسؤلي الإقتصاد.