ما من انتخابات لنقابة الصحفيين إلا ولها مذاق خاص.. انتخابات هذه الدورة التي تمت يوم الجمعة الماضي والتي فاز فيها الزميل الأستاذ ضياء رشوان بمنصب النقيب لم تحظ في رأيي بنفس الاهتمام الذي كانت تحظي به أي انتخابات سابقة بدليل أنه حتي عندما تم تأجيل انعقاد الجمعية العمومية لمدة أسبوعين بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني أول مارس، لم يكتمل الحضور القانوني - نسبة 25٪ فقط من الأعضاء - إلا قبل وقت قليل من موعد إغلاق باب التسجيل. ما حدث يؤكد أن درجة حماس كثير من الزملاء للحضور كانت ضعيفة حتي أن منهم من تكاسل ولم يحضر إلا بعد التأكد من خلال الاتصالات التليفونية وبإلحاح من زملائه من اكتمال النصاب القانوني، بينما المفترض ألا يحدث ذلك إذا كان الجميع حريصا بالفعل علي تدعيم دور النقابة في حماية المهنة وأهلها. عند فرز الأصوات خاصة صندوق النقيب تبين أن هناك ما يزيد علي 130 صحفيا - أقر وأعترف أنني أحدهم - تعمدوا إبطال أصواتهم ولم يختاروا لا ضياء رشوان ولا عبد المحسن سلامة، بينما كانت الأغلبية حريصة علي اختيار أعضاء المجلس بدقة لقناعتهم أن التدقيق في اختيار أعضاء متآلفين متوازنين هو الفيصل في الأداء بغض النظر عن كون النقيب ناصريا أو إخوانيا. في رأيي أن حالة اللا مبالاة التي سيطرت علي بعض الصحفيين في انتخابات هذه الدورة مرجعه أنهم زهقوا من كثرة الوعود التي لاتتحقق، فلطالما تحدث النقباء السابقون عن لائحة محترمة تضمن حدا أدني للأجور يليق بأهل المهنة دون أن يستطيع أحدهم التوصل إلي تفعيل لائحة توفر حتي الحد الأدني المقبول الذي يعين الصحفي وأسرته علي مواجهة أعباء الحياة، ناهيك عن الأعباء التي تفرضها طبيعة عمل الصحفي من الاهتمام الدائم بمظهره فضلاً عن كثير من الالتزامات والأعباء الأخري التي تفرضها علاقاته بالمصادر . أكثر من مرة كتبت معبرا عن غضب الصحفيين من تجاهل الدولة لأوضاعهم وأحوالهم المادية التي تدنت كثيرا مقارنة بكل الفئات التي اعتصمت وتظاهرت وعطلت مصالح الناس، وهو الأمر الذي حقق نتائج إيجابية وأجبر الدولة علي الرضوخ لمطالب المتظاهرين وتحسين أحوالهم وتحقيق طفرة حقيقية في دخولهم. لا أدري هل تنتظر الدولة حتي ينتهج الصحفيون نفس النهج ويتركوا مكاتبهم ويعطلوا إصدار الصحف ليجدوا الوقت الكافي الذي يجلسون فيه علي أبواب مؤسساتهم أو نقابتهم ليطالبوا بتحسين الأوضاع كما حدث مع الذين اعتصموا وتظاهروا وتعاملوا مع الدولة بأسلوب لي الذراع ؟.. أم أنها يمكن أن تفيق وتنتبه لخطورة القضية و تتعامل مع قضايا الصحفيين باحترام من منطلق إدراكها للدور الذي تلعبه الصحافة في المجتمع، إذ أنه ليس من المنطق في شئ أن تناضل الصحافة من أجل أن تحصل جميع فئات الشعب علي حقوقها بينما تظل حقوق أهل القلم مهدرة! في الختام أوجه رسالة للنقيب المنتخب الأستاذ ضياء رشوان - الذي أكرر أنني لم أعطه صوتي لا هو ولا غيره من المرشحين لمنصب النقيب - أطالبه فيها بأن يعطي كما وعد في لقاءاته بالزملاء في المؤسسات الصحفية اهتماما جادا لمسألة الأجور والارتقاء بالمستوي المادي للصحفيين. أؤكد لك يا أستاذ ضياء أنه في حالة تحقيق ولو نصف ما وعدت به في برنامجك فإنني سوف أكون أكثر المتحمسين الداعين لانتخابك لدورة ثانية.. ودعواتي لك بكل التوفيق في هذه المرحلة الصعبة التي أشفق فيها بحق علي من يتولي مسئولية في أي موقع.