قال محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح ان الازمة المالية العالمية مازالت تلقي باثارها علي الكثير من اقتصاديات الدول المتقدمة والناشئة رغم التعافي الذي شهده الاقتصاد العالمي بدراجات متفاوتة نتيجة اجراءات التحفيز المالي غير المسبوقة التي اتخذتها العديد من الدول . واضاف الشيخ سالم في كلمة افتتح بها ملتقي الكويت المالي الثاني (2010 ) تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الاحمد الجابر الصباح وحضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ان اثار الازمة ظهرت في العديد من البلدان من تحديات لحالات عجز في المالية العامة وارتفاع معدل الدين العام الي الناتج المحلي الاجمالي مع الحاجة لمتابعة تقديم خطط التحفيز القائمة للمحافظة علي استدامة الانتعاش لمكافحة معدلات البطالة في العديد من البلدن عند مستويات تاريخية مرتفعة . واشار المحافظ الي البيان الختامي لاجتماع مجموعة العشرين في كندا نهاية يونيو الماضي موضحا انه يعكس اهمية التوازنات الدقيقة في معالجة اوضاع المالية العامة دون تطبيق اجراءات التقشف التي قد تؤدي الي تقويض التعافي الاقتصادي . وذكر ان البيان الختامي في تورنتو اكد اهمية ايجاد بيئة مالية مستقلة لضمان نمو اقتصادي قوي ومتوازن في اطار من السياسات المالية السليمة القادرة علي توفير المرونة لمقاومة الصدمات وضمان القدرة علي مواجهة التحديات السكنية لعدم ترك الاجيال القادمة تحت العجز والديون . ولفت المحافظ الي دور الازمة المالية العالمية في ابراز دور البنوك المركزية في ممارسة تطوير الرقابة الكلية الحصيفة الي جانب الرقابة الجزئية واهمية المنافع التي تترتب علي الجمع بين هذه المهام اضافة الي دور الازمة في التاكيد علي تعزيز الاستقرار المالي وارتباطه بالاستقرار النقدي (مستوي الاسعار ) مايتطلب رسم ساسية نقدية في اطار حزمة السياسات الرامية الي تعزيز الاستقرار المالي . واضاف ان الازمة المالية العالمية ساهمت في توفير بيئة اقتصادية مشجعة للنشاط الاقتصادي وتحقيق استقرار الاسعار ونجاح الية التحول في السياسات النقدية التي يطبقها البنك المركزي مؤكدا اهمية دور البنوك المركزية في سياسة الاستقرار المالي كونها المقرض الاخير للبنوك . وعن جهود لجنة بازل في مجالات الاصلاحات المالية المتعلقة بتطوير نظم واساليب العمل الرقابي علي المستوي الدولي قال الشيخ سالم ان مجموعة المحافظين ورؤساء الرقابة للبنوك المركزية الاوروبية اقرت في سبتمبر الماضي مجموعة من الاصلاحات المتعلقة بتقوية معيار رأس المال ومعيار السيولة ووضع نسبة للرفع المالي في اطار حزمة اصلاحات يطلق عليها بازل (3). واوضح ان تطبيق هذه المعايير سيتم خلال فترة انتقالية بحيث لا تتاثر فاعلية الدور الذي تقوم به البنوك في دعم الانتعاش الاقتصادي مؤكدا اهمية الاصلاحات في توفير مصدات اضافية لمواجهة الصدمات واستيعاب الخسائر التي تتعرض لها البنوك بما يساهم في ايجاد نظم مصرفية اكثر مرونة واستقرار وقدرة علي مواجهة متطلبات النمو الاقتصادي علي المدي الطويل. وقال ان الازمة المالية العالمية ابرزت الاهمية الخاصة بجوانب اخري في عملية الاصلاحات المالية في المجال التنظيمي في ما يتعلق بالحاجة الي الحد من المخاطر المرتبطة بمؤسسات مالية كبري ذات اهمية نظامية والترابط فيما بينها حيث يتطلب الامر من السلطات الرقابية اتخاذ تدابير حيطة مثل اخضاع هذه المؤسسات لمتطلبات اضافية لكل من راس المال والسيولة في تدخل رقابي بصورة اكبر . وتطرق الشيخ سالم الي الاجراءات التي اتخذها بنك الكويت المركزي لمواجهة الازمة المالية الاقتصادية منذ سبتمبر 2008 وجهوده خلال عامي 2009 و2010 في تعزيز ضوابط العمل المصرفي فيما يتعلق بادارة المخاطر واجراء اختبارات الضغط المالي بشكل نصف سنوي مع عملية التقييم الداخلي لكفاية راس المال موضحا ان البنك المركزي يبذل جهودا في تطوير نظم الاشراف والرقابة بما يواكب التطورات في المعايير الدولية ويعزز الاستقرار النقدي والمالي في البلاد. وذكر ان تقرير الفريق المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين بشان تحديث برنامج تقييم القطاع المالي في الكويت الصادر في يوليو الماضي اشاد بنجاح السلطة الرقابية في الكويت في الحفاظ والاستقرارالمالي خلال الازمة المالية العالمية مبينا ان اختبارات الضغط المالي التي قام بها الفريق المشترك وفقا لسيناريو الحالة الاسوأ اظهرت ان قدرة القطاع المصرفي علي تحمل الصدمات كبيرة وقال رئيس مجلس ادارة اتحاد مصارف الكويت حمد المرزوق ان الرؤي المهنية المختلفة والمستوي الرفيع للمشاركين في الملتقي المالي الثاني ستثري المناقشات العلمية الموضوعية حول العديد من القضايا المصرفية والاقتصادية الراهنة .وذكر المرزوق في كلمته في الملتقي ان الملتقي ياتي بعد مضي اكثر من عامين علي نشوب الازمة المالية الاقتصادية العالمية التي اصحبت تسمي بالركود الاقتصادي العظيم حيث مازال الاقتصادي العالمي يمر بحالة من التذبذب في وتيرة تعافيه في ظل استمرار اجواء عدم اليقين وازدياد مخاطر التطورات السلبية التي يتعرض لها.واضاف ان الاقتصاد العالمي مازال قلقا ويعاني من هشاشة في النمو الاقتصادي بسبب استمرار معدلات البطالة العالية في الدول الغربية اضافة الي استمرار المخاوف حول ازمة الديون للدول الاوروبية رغم اجراءات البنك المركزي الاوروبي لاحتواء هذه المخاطر والبرامج التقشفية التي تبنتها الدول الاوروبية لتخفيض العجوزات في موازناتها. وعن تداعيات الازمة علي الصعيد الاقليمي والمحلي قال المرزوق ان التحديات الاقتصادية والمالية مازالت قائمة متمثلة في اعادة جدولة ديون الشركات الحكومية في دبي وتداعيات تعثر قطاع شركات الاستثمار في الكويت وتداعيات انهيار مجموعتي القصيبي والصانع في السعودية فضلا عن هبوط الاسعار في القطاع العقاري والتذبذبات الحادة في اسعار النفط في العامين الماضيين . واضاف ان التحديات التي فرضتها الازمة في المنطقة تشمل ايضا استيعاب الاعداد الكبيرة من الخريجين سنويا في مجتمعات تصل فيها نسب الفئات العمرية دون سن العمل الي حوالي نصف عدد السكان اضافة الي الاختلالات الهيكلية في اقتصاديات دول المنطقة . وذكر ان تداعيات الازمة علي القطاع المصرفي الخليجي بشكل عام كانت محدودة مقارنة بالبنوك العالمية بسبب عدم تعرض البنوك الاقليمية للادوات المالية عالية المخاطر والاجراءات الحصيفة التي اتخذت من جانب السلطات الرقابية واعتماد البنوك علي الموارد التمويلية المحلية. وقال ان الازمة اظهرت الحاجة الماسة لتبني مجموعة من الاجراءات للاصلاح الاقتصادي والمالي ضمن برنامج متكامل لمعالجة الاختلالات وفتح الاسواق المالية والمصرفية الخليجية وتحفيز التدفقات الراسمالية بين هذه الدول لاسيما بعد اقرار الوحدة النقدية الخليجية بين دول مجلس التعاون . وذكر ان الازمة اظهرت ان المؤسسات المصرفية الكبيرة كانت لديها قدرة اكبر علي الصمود امام انكماش السيولة المالية فقد بات مطلوبا ايضا وضع الخطط والحوافز بهدف خلق كيانات مصرفية اقليمية كبيرة لديها قدرة افضل علي مواجهة الازمات المالية والمنافسة مع البنوك العالمية . وقال المرزوق ان الازمة اظهرت الدور المهم للمؤسسات التمويلة الاقليمية والصناديق السيادية العربية في دعم خلق كيانات مصرفية مؤثرة من حيث القوة والحجم وبخاصة ان هذه الصناديق قامت بدعم البنوك الاوروبية والامريكية المتعثرة في حين كانت مساهماتها في بنوك المنطقة محدودة . وعلي الصعيد المحلي اوضح ان اقرار خطة التنمية في فبراير من هذا العام يمثل خطوة مهمة نحو احداث تغييرات كمية ونوعية في الاقتصاد الوطني وتحقيق معدلات نمو اقتصادي متزايدة وقابلة للاستمرار مع تنويع القاعدة الانتاجية ودعم التنمية البشرية والمجتمعية. واضاف ان لاقرار خطة التنمية وتحولها الي حقيقة صدي ايجابيا في الاوساط الاقتصادية المحلية ليعول عليها كبداية حقيقية للتصدي الجاد للمشكلات المعوقة للتنمية وتنشيط الاقتصاد وتذليل كل العقبات التي تواجه القطاع الخاص للقيام بدوره التنموي بما يسهم في احتواء التداعيات التي افرزتها الازمة المالية العالمية ومن ثم تنشيط سوق الائتمان المصرفي.