معظم الناس لايحبون الانتظار.. ومنهم من لايطيقونه.. وهم يستعجلون حتي العذاب الذي يتوعدهم رسلهم به أن هم أصروا علي الإعراض والاستهزاء »وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب« »ص الآية 61« وعجل لنا قطنا اي عجل لنا نصيبنا من العذاب.. فهم لايحبون ان ينتظروا العذاب يوم القيامة »!« بل يريدونه من فورهم »!« وفي سورة العنكبوت يقول سبحانه »ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمي لجاءهم العذاب« »العنكبوت 35« ومن الناس من لايطيقون انتظار سنوات التخرج، فيهجرون الدراسة بعد ان قطعوا شوطا فيها، ومنهم من لايحب ان ينتظر انتهاء فترة العلاج، فيتوقفون عن اتمام العلاج دون استشارة الطبيب.. ومن الناس من يبدأ »ريجيما« للتخسيس ثم يتوقفون في منتصف الطريق، ويضيعون الجهد الذي بذلوه في هذا الاتجاه. وكثير من الناس لايطيقون انتظار نعيم الجنة، ويفضلون ان يتمتعوا الآن بأي شيء ولو كان محرما، وفي ذلك يقول عز من قائل »كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة« »القيامة 02- 12« وتذرون الآخره اي تهملون الآخرة.. وربنا تبارك وتعالي يخاطبهم »من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا، ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا« »الاسراء 81-91«.. قد قيل بحق »في التأني السلامة وفي العجلة الندامة« والتأني يلزمه الانتظار حتي تتضح الامور، في حين ان العجلة تجعلنا كمن يقطف الثمرة قبل ان تنضج .. اي نتصرف في الوقت غير المناسب، وبالتالي نسير علي غير هدي.. الانتظار ثقيل.. نعم.. ولكن ينبغي ان نتعود عليه حتي يأخذ كل شيء وقته الشجرة يلزمها وقت حتي تنمو وتثمر اغصانها.. الزرع يلزمه وقت حتي ينضج.. الدراسة يلزمها وقت حتي نتمها ونأخذ الشهادة.. فإن ثقل علينا الانتظار اضعنا كل شيء ولم نستفد مما بذلناه من وقت وجهد ومال.. ويونس عليه السلام حينما ضاق بقومه ولم ينتظر حتي يأتيه أمر ربه فيما ينبغي عليه ان يفعل، عرضه الله لمحنة شديدة، بأن التقمه الحوت.. وعندما وجد يونس نفسه في بطن الحوت، واستغاث بربه فأغاثه، بأن أوحي إلي الحوت ان يلفظه علي الشاطيء »وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين« »الانبياء 78-88«.. وظن ان لن نقدر عليه اي كان موقنا بأن الله سينجيه ولن يتركه لهذا المصير. وقد وجه ربنا تبارك وتعالي نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم ألا يجعل علي قومه »فإصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولاتستعجل لهم« »الاحقاف 53«.. فلنعمل بدأب وصبر علي أن نرضي الله عنا.. عملا نلقاه به يوم القيامة، فنتلقي كتابنا بأيماننا، ويحاسبنا حسابا يسيرا، بدلا من أن نتلقي كتابنا وراء ظهورنا والعياذ بالله »فأما من أوتي كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حسابا يسيرا. وينقلب إلي أهله مسرورا. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعو ثبورا. ويصلي سعيرا« (الإنشقاق 721) ويدعو ثبورا أي يدعو علي نفسه بالهلاك من هول النار التي ينظر اليها خائفا مذعورا.