في البدء كانت مصر.. قبل الزمان ولدت..وقبل التاريخ.. هنا بدأ كل شيء.. الزراعة.. العمارة.. الكتان.. والورق.. القانون.. النظام والحكومة.. وهنا وقبل كل شيء ولد الضمير. هذا ما قاله المؤرخ العالمي جيمس هنري بريستيد عن مصر.. في مقدمة كتابة »فجر الضمير«.. الضمير الذي عرفه الدكتور حسين مؤنس بأن الوازع الداخلي في كيان الانسان الذي ينبهه الي الخير ويحذره من الخطأ ويحاسبه علي ما يتعارف من اخطاء حساباً داخلياً صامتاً.. وهو ألم الانسان من كل عقاب. فماذا فعلنا نحن اليوم بمصر ام الدنيا.. المقولة التي يرددها كل مصري دون أن يدرك معناها.. والمغزي منها.. ويري الدكتور مؤنس.. في كتابه »مصر ورسالتها« منذ 85 عاما.. إن مصر هي الدنيا.. ولو عرف كل مصري قدر مصر، لما كفاه ان يعمل لها بيديه واسنانه وعقله عشرين ساعة في اليوم.. بهذا فقط يكون المصري جديراً بمصر. فأين نحن اليوم من نصيحة د. مؤنس طوال هذه السنوات.. لا شيء غير مزيد من الانهيار والتدهور.. لا يكفي المصري المعاصر ان يقول أنه أين سبعة آلاف عام حضارة.. ولكن ماذا هو اليوم.. فإذا كانت مصر الفرعونية منارة للفكر الإنساني وفجرا للضمير، وموطنا للعلم والمعرفة.. وهو النجاح الذي حافظت عليه مصر طوال عصور حضارتها الإسلامية.. فكيف حال أم الدنيا.. وقد تكالب ابناؤها اليوم علي المزيد من اوجاعها.. هل ضاع الحلم وفقدنا الاهل وسط نزعات النفس وصراعات السلطة.. هل ضاعت منا ملامح الطريق.. هل نتوقف عن البناء والتعمير.. وتتوقف تراتيل الكنائس وصلاوات المساجد.. هل نتوقف عن الفكر والإبداع.. ونكف عن الكتابة والرسم.. هل تتوقف الحياة.. ويلهث الشعب لمتابعة أزمات بلدهم الأزمات التي يشارك في صنعها ابناؤها.. كل ابنائها.. لا فرق من هو في موقع المسئولية.. أو النخبة والصفوة.. والتي تجسد ضمير الامة..هل نعمل جميعاً كي تظل مصر فجر التاريخ..؟!