تتميز الثقافة الشعبية المصرية بدقة الوصف واستخدام المفردات الفريدة والمعبرة، فعندما أنتجت عبارة "الفقر الدكر" كانت تشير إلي أقصي - وقسي- درجات الفقر الذي يجعل صاحبه الأكثر احتياجا عن غيره، دون إغفال أن أقرانه من الفقراء يستحقون أيضا الدعم والمساعدة. وفي عام 2007 أعلنت الحكومة الحرب علي "الفقر"، من خلال مبادرة تنمية ال 1000 قرية الأكثر فقرا، من بين 5000 قرية مصرية، وذلك في سياق الإجراءات التي تتخذها لتحسين نوعية حياة السكان بصورة مستدامة ورفع مستوي المعيشة. بدأ تنفيذ المرحلة الأولي من المبادرة في 151 قرية بإجمالي استثمارات يصل إلي 4.3 مليار جنيه بمتوسط 29 مليون جنيه لكل قرية، بمشاركة 13 وزارة وجهة حكومية، وتضم الفئة المستهدفة جميع سكان ال 151 قرية، وتتبع 24 وحدة محلية في 6 محافظات هي الشرقية، والبحيرة، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، وتنتهي هذه المرحلة العام المقبل. وإيمانا بأهمية المتابعة والتقويم المستمر، أصدر مركز العقد الاجتماعي، التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرا حول تطوير "نظام متابعة وتقييم أثر" المرحلة الأولي من المبادرة. تقول د. سحر الطويلة؛ مدير مركز العقد الاجتماعي، أن نظام المتابعة والتقييم تم تطويره بمشاركة فريق من الخبراء الدوليين، ويهدف إلي تقديم النصح والمشورة لصانع القرار، وذلك بالاعتماد علي الأدلة والمؤشرات لقياس أثر المبادرة من حيث تحقيق الأهداف النهائية المتعلقة بالحد من الفقر وتحسين سبل المعيشة، وقياس كفاءة المبادرة من حيث الاستفادة من الموارد المالية المتاحة، فضلا عن ضمان استدامة آثار المبادرة. وتتضمن المرحلة الأولي من المبادرة الاستثمار في الحزمة المتكاملة من الخدمات الأساسية والتي تضم 12 برنامجا في البنية التحتية للتعليم الرسمي، وفصول محول الأمية، والمرافق الصحية، وخدمات الإسعاف، والوحدات السكنية الجديدة، ومرافق الصرف الصحي، والطرق الجديدة، وإنشاء وحدات لإدارة المخلفات، وخدمات المطافئ، ومرافق الشباب والرياضة، وتوفير القروض متناهية الصغر من خلال صندوق التنمية المحلية والصندوق الاجتماعي للتنمية، وخدمات التضامن الاجتماعي، علاوة علي خدمات البريد. وتضيف د. سحر الطويلة أن مركز العقد الاجتماعي أعد تقارير تحديد الاحتياجات بالمشاركة علي مدار عشرة أشهر لتقييم مدي مواءمة ما تطرحه الحكومة من مشروعات للاحتياجات الفعلية لأهالي تلك القري، وقد سعت هذه التقارير إلي تغطية معلومات أساسية عن كل قرية تشمل تاريخ القرية ومساحتها وأصل تسميتها، وأهم الأنشطة الاقتصادية بها، ثم مشكلات القرية واحتياجاتها كما عبر عنها الأهالي، بالإضافة إلي التعرف علي وجهة نظر الأهالي في بنود خطة التنمية. يذكر أن مبادرة الحكومة لتنمية ال 1000 قرية الأكثر فقرا اعتمدت في تحديد القري المستهدفة علي خريطة الفقر التي تم حسابها عام 2006 في وزارة التنمية الاقتصادية، وحسب نتائج خريطة الفقر فإن نصف سكان ال 1000 قرية الأكثر فقراً هم من الفقراء (4.9 مليون من بين 10.7 مليون نسمة) بينما ترتفع نسبة الفقراء في ال 100 قرية الأشد فقراً لتصل إلي ثلاثة أرباع السكان في هذه القري، كما توضح نتائج خريطة الفقر أيضاً أن 762 قرية من بين ال 1000 قرية الأكثر فقراً تقع في محافظات المنيا، أسيوط، وسوهاج. ومن بين أفقر 100 قرية تضم سوهاج وحدها 59 قرية.