انطلاق فعاليات الملتقي التوظيفي السنوى لكلية الزراعة بجامعة عين شمس    التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إزالة 30 حالة تعدي بأسيوط حفاظا على الرقعة الزراعية وأملاك الدولة    إطلاق مراجعات الثانوية العامة لمبادرة «تقدر في 10 أيام» بمطروح.. 29 مايو الحالي    توريد 572588 طنًا من القمح لمراكز التجميع بالشرقية    محافظ المنوفية استمرار تلقى طلبات التصالح على مخالفات البناء أيام العطلات الرسمية    تراجع اسعار الحديد بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 17 مايو 2024    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    وفد جنوب إفريقيا: نأمل أن تتخذ «العدل الدولية» قرارًا بمنع تفاقم الأوضاع في غزة    إذا هوجمت رفح.. ماذا سيفعل نتنياهو بعد ذلك في الحرب؟    متحدث "فتح": نخشى أن يكون الميناء العائم الأمريكي ممرا للتهجير القسري للفلسطينيين    إصابات إسرائيلية إثر إطلاق 80 صاروخا من لبنان تجاه الجليل الأعلى والجولان    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    كولر: لا نمتلك الأفضلية على الترجي.. ومباراة الغد تختلف عن لقاء الموسم الماضي    وفاة المراسل أحمد نوير.. ماذا كتب قبل رحيله عن عالمنا؟    فرق الصحة المدرسية بالقليوبية تستعد لامتحانات الشهادة الإعدادية    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    متحف الطفل يحتفي باليوم العالمي للمتاحف.. غدا    حفل ختام مهرجان المسرح وإعلان الجوائز بجامعة قناة السويس    منهم يسرا وعدوية.. مواقف إنسانية لا تنسى للزعيم عادل إمام يكشفها النجوم    «الصحة» توجه عددًا من النصائح لحماية المواطنين من مضاعفات موجة الطقس الحار    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»يوميات« الأهلي والترجي في تونس
الخروج الكبير حدث في رادس.. لأن الأجواء الخادعة قهرت الخبرة
نشر في الأخبار يوم 21 - 10 - 2010

لم تكن الرحلة تقليدية ولم تكن المباراة عادية.. ولم نكن نعرف حتي الثانية الأخيرة من سيسحب تذكرة نهائي دوري رابطةالابطال الافريقي وهي معلقة محلقة في اجواء ستاد رادس تري مشهدا لم تره من قبل.. وترصد كيف ان الكرة العربية ليست ابدا بخير ولا عافية.. فالفريقان الأفضل في افريقيا والوطن العربي »يعرجان« في مناسبة تحتاج الي الجري.. فريقان خائقان ومرتعشان يلعبان بأرجل ثقيلة وذهن مشتت ويستعجلان انتهاء المحنة.. تاهت كرة القدم في دهاليز العصبية والانشغال بالحكم والخوف من كارثة لا يقبلها الاهلي المعتاد علي الالقاب ولا الترجي امام 05 ألف متفرج وملايين لا تتخيل ان فريقها سوف يخرج علي أرضه.. فريقان لا يعترفان بثقافة تقبل كل النتائج فيريدان ان يفوزا بكل وسائل الفوز الطبيعية وغير الطبيعية..
كانت الرحلة اشبه بالرهان علي »حصان« في سباق فروسية لكن ربما لا يكسب.. والرهان علي حسابات جانبية ثانوية أكثر من حيوية علي أسس واصول فنية.. رهان علي الخبرة ورهان علي حيوية الشباب والاثنان خسرا فنيا.. الأجواء فازت علي الاهلي لأن الترجي لم يفز فنيا.. الاجواء احيانا أهم من المستوي في ملاعبنا العربية.. فالذي يخاف اقل يفوز ومن يخاف اكثر يخسر.. الأهدأ يلعب والمتهور لا يلعب.. وعندما تكون الاجواء اكبر من القدرة علي التحمل لا يكون للخبرة دور ولا معني.. صدر لنا التوانسة الرومانسية في الشوارع وصدروا لنا الرعب في الملعب فاختل توازننا ولو لم تكن الاجواء هكذا لما تجرأ حامل الراية واحتسب هدفا يراه »الأحول« من أعلي نقطة في مدرجات ستاد رادس..
وفي مثل هذه الرحلات الاستثنائية تكون يومياتها جذابة ومعبرة عن واقع الحال في صورة متكاملة تجمع كل المشاهد واللقطات المتناثرة من ساعة لساعة ومن يوم ليوم لتقدم الحدث في شكل درامي متكامل.. واليكم الرحلة يوميا بيوم.
الخميس.. تحليق الأحلام
يوم الخميس.. حزمت البعثة حقائبها وصدر الأمر ببدء رحلة التحدي.. وسائل الاعلام تتزاحم لتحصل علي ما تيسر لها من تصريحات ولقطات.. اجراءات سهلة تبشر برحلة بلا متابع.. يصعد الجميع الي الطائرة ويأخذ كل راكب مقعده وينطلق صوت قائد الطائرة مرحبا بالركاب في رحلة الخطوط التونسية ويتمناها رحلة سعيدة.. وبعد دقيقة يتدراك الموقف ويتذكر ان بعثة الاهلي في الطائرة فيعود صوته مرحبا بالأهلي ويتمني له اقامة سعيدة في تونس دون ان يتمني له الفوز، طبعا لانه يتمني الفوز للترجي...
تقلع الطائرة وينشغل كل راكب بما تعود عليه في الرحلات الجوية.. الوجوه لا تعبر عن شيء سوي التعبير فقط عن مصير المباراة .. وانشغل الصحفيون بالحديث عن موقف محمد فضل من المشاركة وتوقع تشكيل الخط الأمامي اذا غاب فضل.. واختلاف حول تأثير الغيابات.. رأي يري انها مؤثرة، ورأي يخالف ويري ان ما تبقي من القائمة الافريقية مؤهل للفوز لأن الفريق مليء بالنجوم والخبرات..
تحلق الطائرة في الجو وتحلق معها احلام البعثة.. احاول ان اقرأ تعبيرات الوجوه التي تحاول احيانا ان تبتسم وتبدو طبيعية واتخيل ما يدور بداخل محمود الخطيب وخالد مرتجي وخالد الدرندلي وحسام البدري الذي كان اكثر صمتا وانغلاقا علي نفسه.. تشعر من نظرته وصرامة ملامحه انه غارق في المباراة وانه بدأ المعركة مبكرا قبل كل اعضاء البعثة.. ولا يخرج عن هذه الحالة الا اذا كان مضطرا الي رد التحية.. ولم تخف كل الوجوه ا لنزاع داخلها بين التفاؤل والتشاؤم.
تحط الطائرة في مطار قرطاج.. وتنزل البعثة لتجد استقبالا احتفاليا متوقعا وافراطا في الترحاب من الاشقاء التوانسة وحضورا كاملا من السفارة المصرية ولافتات تحمل صور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.. وحماسا منقطع النظير من الملحق الاعلامي عزة فؤاد التي كانت قد رتبت كل شيء للوفد الاعلامي.. نخرج من المطار الي الشارع ونسير في موكب »أمني« شديد الصرامة فلا نري جمهورا ولا حركة بشر في الطرق
يسير الموكب بلا مشاكل ويصل الي مقر الاقامة في منتجع لا تشغله الا الابنية والفنادق ولا تكاد تري بشرا.. واتوقع ان يكون ذلك مقصودا رغم ان الشوارع المزدحمة نسبيا في قلب العاصمة لا يظهر منها ان شيئا كبيرا سوف يحدث يوم الاحد.. لم تكن هناك مظاهر تشير الي مباراة كبيرة بين الاهلي والترجي.. وتنتهي اجراءات التسكين بسهولة ويأخذ كل فرد في البعثة مكانه الذي سينطلق منه الي جبهة المواجهة في ستاد رادس.. وكالعادة ينتشر الصحفيون وتزداد حركتهم وانفعالاتهم في سباق مع الزمن لارسال ما توفر لهم من معلومات الي الصحف.. وقبل ان يستقر الجميع لارسال ما توفر لهم من معلومات الي الصحف.. وقبل ان يستقر الجميع في مواقعهم في مقار الاقامة تخطرنا عزة فؤاد ببرنامج الجمعة ثم تطلب منا حضور حفل خاص بانتصارات اكتوبر يتبع السفارة لكن كان المؤتمر متزامنا مع المران الاول للفريق مما تعذر معه حضور الصحفيين لتفوتهم متعة الاستماع لصوت لطفي بوشناق المطرب التونسي.
بعد ساعتين يتوجه الفريق للتدريب في ملعب الجامعة التونسية »اتحاد الكرة« وتذهب البعثة كلها بدون تخلف ويتولي هادي خشبة مدير الكرة مراقبة الكاميرات الغريبة مصرية أو تونسية لمنعها من تصوير المران لان الاهي منحه حصريا لقناته التليفزيونية دون ان نعرف هل باتفاق مالي ليدفع الاهلي للاهلي ام انه فرض للامر الواقع وخدمة خاصة للقناة بدون اتفاق.. نقف علي الخط نتابع التدريب ونري فضل يجري بمفرده حول الملعب ود. ايهاب علي طبيب الفريق لا يعي قرارا حاسما في امر مشاركته. وخلال المران ينهض الخطيب من مقعده ويتحدث في هاتفه المحمول ثم ينادي علي جمال جبر المنسق الاعلامي للبعثة وتلتقط اذن الصحفيين كلاماعن السفير لكن دون ان نعرف مضمون المكالمة الا في صباح اليوم التالي.. فالسفير ابلغ الخطيب ان الرئيس التونسي اتصل به وقرر ان تكون بعثة الاهلي تحت رعايته شخصيا، وهذا يعني ان الرئاسة هي التي تدير عملية التأمين وان الحرس الجمهوري بنفسه سوي يتولي المهمة.. وبمجرد ان يقرر الرئيس فإن اي مسئول في الحكومة له علاقة بالحدث لابد ان يظهر في الصورة.. وتعرف من مظهر الشوارع انها ممتلئة تلقائيا للقرار الرئاسي.. فالاقتراب من الاهلي ممنوع وابداء كل مظاهر الحب والمودة واجب.. فلا يتحرك اي فرد من البعثة خارج مقر الاقامة الا ويجد نفسه تحت الحماية العلنية والسرية..
الجمعة.. انضباط والتزام
يوم الجمعة.. كل فرد يؤدي عمله المناط به في اطار منظم.. ولا تشعر في فندق الاقامة انه يستضيف الاهلي لان جميع اللاعبين بعيدون عن الانظار لا تراهم في ثوان قليلة الا وهم متوجهون الي المطعم أو التدريب.. فالتعليمات واضحة.. ممنوع الجلوس او التواجد في بهو الفندق وممنوع التصريحات لاي وسيلة اعلامية.. المواعيد محددة وصارمة.. وارتضي الجميع وضع ضوابط وفواصل.. واحترم الوفد الاعلامي خصوصية الفريق ولم يحدث طوال الرحلة اية اعتراضات او مناقشات كانت تحدث في الماضي بين الاعلام والبعثة..
وبينما انشغل الفريق باستعداداته الفنية، كان الوفد الاعلامي منشغلا بتلبية الاجندة التونسية المتحمسة لاظهار اعلي سقف من الترحيب.. لذلك اتجه الي المقابلة مع نقيب الصحفيين التوانسة بأحد فنادق وسط العاصمة.. وكان لقاء حميما تحدث فيه النقيب عن غرابة ان يعتقد البعض ان 09 دقيقة في الملعب يمكن ان تفسد علاقة عشرات السنوات بين شعبين شقيقين.. هذه خرافة تحولت للاسف الي واقع.. واندفعنا تلقائيا لرد التحية وقلنا شعرا في الشعب التونسي فتأثر الاشقاء جدا وظهرا مفتونين بما يقال عنهم وعلاقات الرضا علي وجوههم، وكأنهم صنعوا انفرادا كبيرا في خلق نموذج جديد للعلاقة بين الرياضة والسياسة.. احب التوانسة ان يسمعوا منا هذا الكلام فأكثرنا منه.. وبعد ان انتهي هذا المشهد الرومانسي بدأنا نسأل عن صلاة الجمعة.. فخرج بعض الزملاء بفتوي انه لا صلاة جمعة لمسافر، وارتحنا الي الفتوي ورأينا ان التجول في شارع الحبيب بورقيبة يقطع علينا ولو قليلا السكون القاتل في منتجع الاقامة، بينما تمسك زملاء آخرون بأداء الصلاة.. ولان الفريق وصل الي تونس وهو جاهز فنيا ويعرف تقريبا ماذا سيفعل في المباراة، فانه لم يكن مصدرا للمعلومات الا في حدود السؤال عن محمد فضل وحضور التدريبات وردود الفعل تجاه ما يدور من فعل من التوانسة.. ولم يطلب محمود الخطيب لقاء اعلاميا مع الوفد الاعلامي ونحن ايضا لم نطلب منه.. بينما عوضنا خالد مرتجي عن ذلك بروحه الودودة وتحياته المتواصلة للاعلاميين وتحت ضغط الفراغ بدأنا نسأل عن البضاعة التي يمكن ان نشتريها من تونس وكان الرد سريعا بالتوجه الي زيت الزيتون.. واتفقنا علي التفرغ نهار يوم السبت لهذه المهمة ونحن مطمئنون الي ان تكنولوجيا الاتصالات سوف تسعفنا في اي وقت اذا اردنا الاضافة علي الرسائل الصحفية التي ارسلناها.
بعد لقاء نقيب الصحفيين كنا علي موعد بعد ساعتين تقريبا علي الغداء بمنزل السفير المصري احمد اسماعيل في حضور ادارة ناديي الاهلي والترجي.. وجاءني من همس في اذني بان اعدادا من جمهور الجزائر وصل وسيتواجد مع جمهور الترجي في المدرجات. وقلت له وهل سيلعبون مع فريق الترجي.. هذا لا معني له فجمهور الترجي سوف يملأ المدرجات ولن يضير الاهلي ان يكون بين جماهيره اعلام جزائرية. تجمعنا مرة اخري وانطلقنا الي منزل السفير والتقطنا علي الفور رائحة الاكل المصري فسعدنا بذلك.
السبت .. والعبء النفسي
كان يوم السبت بداية العبء النفسي وبداية توافد عدد من المشجعين من التراس الاهلي .. وزادت الحركة في الفندق ودخل د. محمد شوقي رئيس اللجنة الطبية بالنادي مبديا تفاؤله عندما رآني قائلا انه استبشر خيرا عندما عرف انني سافرت مع البعثة مستعيدا ذكريات نهائي 6002 ومن داخلي تحفظت وشعرت بالمسئولية وكأنني سألعب.. وتوقف زميلي وصديقي اسامة التفهني عن روحه المرحة وحدثني كثيرا عن حكاية »الوشوش« الحلوة والوحشة في الرحلات الخارجية، وقلت له هذه خزغبلات لان الملعب هو الذي يقول الكلمة الحاسمة.. ومع زيادة الحركة كانت نوبات السرحان كثيرة علي وجوه اعضاء البعثة وتري الصمت معبرا عن هدوء يسبق عاصفة كبري.
وبينما انطلق الصحفيون الي الاسواق بحثا عن زيت الزيتون وخروجا من اجواء القلق في آخر فرصة في الرحلة حيث تخلص الجميع من الارتباطات.. بلغ تركيز الفريق ذروته بالتدريب السري علي ملعب المباراة.. ورغم انتشارنا في شارع الحبيب بورقيبة الا ان حديث اللقاء لم يغب لحظة لان التوانسة ما كادوا يتعرفون علينا من لهجتنا حتي يفتحون النقاش.. يتمني نصفهم فوز الترجي ويتمني النصف الاخر فوز الاهلي، الا ان امنية النصف الآخر لا قيمة لها لانهم لن يذهبوا الي المباراة ليترجموا الامنية الي تشجيع .. وكالعادة في كل الرحلات لا يتفق الصحفيون علي المواعيد وهم يتحركون بسيارة واحدة، لابد ان يظهر من يخالف الموعد المتفق عليه، بينما يتفقون تلقائيا للرغبة في تناول وجبة في مطعم شعبي تونسي.. ودخلنا فعلا المطعم وطلب كل منا ما اراده من القائمة التي فحصناها واراد الزميل الصديق المتميز محمد القوصي ان يلتهم وجبة دسمة تناسب وزنه وحجمه فوقعت عينه في القائمة علي كلمة »حوت«.. فطلبه وجاء الحوت علي الترابيزة فأصيب القوصي بصدمة لانه وجد امامه في الطبق سمكة بحجم »السردينة«.. بينما طلب الاخ مراد سائق الاتوبيس »نصف رأس ضاني« فلفت انظارنا بهذا الوحش القابع في الطبق.. ولم يكن الزميل خفيف الدم اسامة التفهني يفوت اي لقطة الا ويعلق عليها فيثير البهحة والضحك.. وهو الذي استطاع بقدراته الخاصة ان يخفض قيمة الفاكس المرسل الي صحفنا من مائة دولار الي عشرة دولارات فقط واصبح صديقا لمدير الفندق..
عدنا الي الفندق في غاية الارهاق وكان كل اهتمامنا منصبا علي محمد فضل المهاجم الوحيد الباقي في خط غائب عن حدث كبير وكأن فضل كريستيانو رونالدو الذي سيضع الفارق، وهو اللاعب الذي ذهب الي تونس بشد عضلي وعاد بجذع في الركبة ولم يشأ الجهاز الفني ان يريحنا ويقول لنا هل سيشارك ام سيجلس علي الدكة ام سيخرج نهائيا من القائمة.. وفي الحقيقة كان تشكيل الاهلي معروفا الا اننا اردنا ان نعرف ما اذا كان هناك مراكز تم تعديلها.. ولم نستطع ان نقرأ شيئا محددا في وجوه اللاعبين عندما عادوا من المران السري، فكثرة مرورهم بمثل هذه الاجواء جعلهم بلا تعبيرات علي الوجه، وكنت اركز في النظر الي وجوه محددة من اللاعبين مثل أبوتريكة وبركات وجدو في محاولة لقراءة ما بداخلهم .
الاحد.. يوم الحقيقة
الاحد.. يوم الحقيقة. علينا ان نتوقف عن الاجتهادات والتخمينات ولا لزوم للسؤال عن تشكيل الاهلي ولا عن اهلية فضل للمشاركة .. ورغم عدم قدرتنا علي استطلاع الحالة النفسية للاعبين والجهاز الفني الا اننا بشكل عام شعرنا بأن هناك تفاؤلا وثقة.. في الوقت الذي سخنت فيه فجأة الصحف التونسية وانتقلت من مرحلة الترحيب والاحتفال بنا وقراءة المباراة المرتقبة فنيا الي مرحلة الاثارة والثقة في الفوز والوعيد بانهاء اسطورة الاهلي في افريقيا.. وبدأت بشائر الهياج الجماهيري.. ومن المفارقات ان تبدأ »الطبيعة« هي الاخري تغير من مشاعرها.. حيث استقبلتنا الامطار وزادت حدتها حتي تحولت الي سيول.. ولم نعرف ما اذا كانت امطار الخير لنا أو لهم.. وبعد ساعات ثقيلة نتمني فيها الخلاص من هذا الحصار النفسي.. تحرك موكب كبير ضمن البعثة والوفد الاعلامي والجمهور المصري ومسئول السفارة وسيارات كثيرة محسوبة علي البعثة وعدد كبير من رجال الامن جلسنا في مقاعدنا والوقت يمر ثقيلا ايضا.. الي ان هاجت المدرجات عندما شاهد الجمهور لاعبي الترجي يستعدون لدخول الملعب للتسخين.. ثم هاجت بالصفير والاستهجان بمجرد مشاهدة بعض لاعبي الاهلي.. وكنا في هذه الاثناء عرفنا بأن فضل لن يلعب وان المثلث الهجومي يضم ابوتريكة وبركات وجدو وقلنا هذا جيل ومثلث خطير لابد ان يحرز هدفا.
بدأت المباراة.. وبعد دقيقة واحدة عرفنا قصة التسعين دقيقة الباقية.. الكرة تمر من كل مدافعي الاهلي وحارس المرمي وتصل »سالكة« الي النيجيري اينراموا فلا يلحق بها برأسه فيستخدم يده فاردا اياها بوضوح شديد لا مجال فيه لطلب الاعادة لتسكن الكرة المرمي لم ننفعل ولم نتوتر علي اساس ان الحكم او حامل الراية لن يحتسبه.. واذا بنا نري الاثنين يجريان في اتجاه وسط الملعب.. فتسيطر علينا الدهشة والغضب بينما المدرجات ثائرة وصاخبة.. وقلنا لانفسنا »مش مهم« المباراة مازالت مفتوحة، الا اننا فوجئنا بأن الاهلي يتعثر في الخط الامامي ويحاول خط الوسط استعادة زمام الامور فيرفض اسامة الدراجي ذلك لانه اذا تحرك جري وراءه حسام عاشور وبعثر انتشار لاعبي الوسط. مرت الدقائق ونحن لا نرتاح لاداء سيد معوض في الجهة اليسري لانه لم يستطع ان يهاجم ولم يستطع ان يدافع والسبب ان »أفول« اللاعب الغاني كان بارعا في تنفيذ مهامه الدفاعية والهجومية فتسبب في تردد معوض.. وفي نفس الوقت لم تشعر بوجود مثلث الهجوم الخطير بركات وابوتريكة وجدو.
شعر لاعبو الاهلي بأن المباراة متعثرة فسيطرت عليهم العصبية وظنوا ان الحكم غير عادل وانه يرتب لفوز الترجي وادت العصبية الي طرد محمد بركات ابرز ورقة رابحة، وجاء الطرد ليصبح في مستوي خطورة التحكيم.. وللحقيقة تماسك الجهاز الفني ولم تفلت منه المباراة فظهر الفريق متماسكا واحتفظ بالندية وهو ناقص العدد واكتشفنا ان الترجي نمر من الورق، فما يقدمه في الملعب لا يرتقي الي السمعة التي حظي بها.. صحيح ان الاهلي لم يصل بفرصة خطيرة وحقيقية الي مرمي الترجي طوال 09 دقيقة باستثناء انفراد جدو في الشوط الاول.. الا ان المحاولات للوصول كانت تمنحنا املا وثقة في افلات كرة لتسكن المرمي وتنهي الموقف.. وكان حسام البدري يشاركنا هذا الاحساس حسب ماقال بعد المباراة.. وتعجبنا من فوزي البنزرتي وهو يقفز من فوق الارض ويتعصب ويعبر عن قلقه وتوتره وهو يلعب كامل الصفوف.. وتواصل عصبية لاعبي الاهلي ويواصل الحكم التحذير والانذار الا انه غض النظر عن كارت احمر لحسام عاشور عندما ارتكب المخالفة الثانية.. وما ان خرج محمد ابوتريكة من الملعب حتي هاجت المدرجات فرحا.. وبما ان بركات وابوتريكة خارج الملعب فمن اذن سوف يسجل وجدو »تائه« تأتيه الكرات العالية الطويلة فينتظر ان يخطيء مدافع تونسي.
ومع الدقائق الاخيرة.. كنت قد حددت ثلاثة اسباب لهزيمة الاهلي.. حامل الراية الذي شاهد الهدف غير الصحيح واحتسبه ومعه الحكم الذي كان لابد ان يري يد اينراموا.. ومحمد بركات الذي خرج مطرودا بعد ضرب لاعب الترجي من فرط التوتر، واذا كان بركات قد خرج عن شعوره وهو المشهود له هدؤه وخبرته وتقبله دائما لقرارات الحكام حتي انني رأيته مرة يحصل علي كارت احمر ويصافح الحكم ويخرج.. والسبب الثالث الاداء العام للاهلي واختصاره لطريقة اللعب في الكرات الطويلة المرسلة الي ملعب الترجي املا في خطأ دفاعي خاصة ان قلبي دفاع الترجي في منتهي الضعف.. واذا اردنا ان نحدد نسب المسئولية في الهزيمة يمكن ان نعطي التحكيم 04٪ ومحمد بركات 04٪ ومستوي الاهلي 02٪ ولذلك يجب ان يتعامل الاهلي مع تجربته المريرة بناء علي هذه النسب.. فرغم غضبنا الشديد من الحكام الذين أثروا بالفعل في النتيجة، فإن بركات يتحمل مسئولية كبري ايضا فلو كان موجودا في الشوط الثاني لتغير الوضع كثيرا، والمؤكد انه سيتعرض لعقوبة مالية غير مسبوقة.. فليس منطقيا كل مرة يخسر فيها الاهلي تذهب المسئولية بنسبة 001٪ الي الحكم لانه ببساطة لن يمنع الأهلي من الهجوم والتهديف.. وكل ما في الامر ان الاجواء الخادعة قهرت الخبرة.. حتي ان اسارير الجمهور التونسي انفرجت وهللت مع خروج بركات وابوتريكة لان المباراة بالنسبة لهم كانت قد انتهت.
خرجنا من الملعب الي المؤتمر الصحفي وتركنا »هيصة« الجمهور وانفعالات الملعب.. ومن بعيد رأيت حسام البدري يناقش البنزرتي بحدة لوقت طويل وعرفت بعد ذلك انه حديث عن سوء التحكيم وعتاب حاد علي اشارة البنزرتي بأصبعه نحو رأسه عند احتجاج لاعبي الاهلي واعتبرها البدري اهانة.. وجدنا حسام البدري جالسا بمفرده متحفزا وغاضبا ومستعدا للهجوم الشرس وبالفعل اطلق تصريحاته المعروفة والعنيفة الي تسببت في معركة بين الصحفيين وحرب شرسة في وسائل الاعلام التونسية.. وفي البداية اشرت الي البدري ان يتحدث عن الحكم وابتسم.. ثم بعد الزوبعة اشرت اليه بالنهوض من مقعده والرحيل لان الاجواء كانت ملتهبة وكان قد قال ما يريده.. وصلنا الي الفندق ووجدنا محمود الخطيب واقفا علي الباب في انتظار وصول اللاعبين لتهدئة غضبهم والتأكيد عليهم انها مباراة وانتهت قدموا فيها ما امتلكوا من جهد وكرر لقاءه معهم علي العشاء وتحدث ايضا مع البدري الذي كان قد تلقي مكالمة هاتفية من حسن حمدي رئيس النادي يخفف من خلالها اثار النتيجة ويجدد الثقة في الجهاز الفني.. وانهت البعثة الساعات الباقية في هذا اليوم في حالة من الحزن والغضب بينما عبر الجمهور عن تعاطفه مع الفريق في »الحلوة والمرة«.
الاثنين.. النهاية
إقلاع حزين من تونس بلا تفاصيل وكان الصمت أبلغ تعبير عن الحزن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.