عمرو الدىب صدم وعيي ومشاعري إعلان بالغ السخافة وغاية في الانحطاط، لدغت عيني وقاحته ذات مساء في الاسبوع الماضي، وأنا أشاهد مصادفة برنامجا تبثه إحدي القنوات الفضائية العربية التي تعد حلقة في باقة متنوعة، ولا أدري كيف سمح القائمون علي هذه الفضائيات العربية بإذاعة مثل هذا الإعلان المنحط؟ هل الأجيال الصاعدة ينقصها مزيد من الأعاصير التي تشدها بعيدا عن جذورها، وتطيح بها علي شواطيء الآخرين دخلاء وعالة ومتطفلين؟، هل لايزال هناك متسع من جذب الصاعدين بعيدا عن مرافيء أوطانهم، وأحضان قيمهم، وهدي رموزهم؟، أم أن الأثر الشيطاني البغيض قد تحقق، والسم الافعواني القاتل قد سري في شرايين الصاعدين حتي صار كثير منهم يترنح يمنة ويسرة من جراء التيه والضياع، والغربة التي انتشرت في الضمائر، والإعلان البغيض السخيف المنحط يبرز لنا ذلك الممثل المتظارف وهو مصري للأسف وقد وقف يسخر من أحد أبطال تاريخنا ويسفه واحدا من أروع انتصاراتنا، راح يسخر من الأمير الشهيد سيف الدين قطز بطل موقعة »عين جالوت« التي انقذت أوطاننا العربية والإسلامية كلها من السقوط النهائي في قبضة الهمجية، وحمت الحضارة العربية الإسلامية من الانهيار التام، ولفظ الأنفاس تحت سنابك خيل التتار أشهر الطغاة في التاريخ، وأبعد رسل الهمجية والخراب صيتا علي مدي العصور، لقد وقف البطل الشهيد الأمير سيف الدين قطز في الصحراء بين القاهرة ودمشق ليوقف في شجاعة نادرة جحافل الغزو الجرارة، مقدما روحه وحياته فداء لقيمه ولوطنه الذي انتمي إليه روحيا، وقد فدي التراب الوطني وأنقذ الحضارة الإسلامية من الغروب، ودافع بشجاعة عن الإنسانية كلها، ذلكم هو قطز الذي يحاول الإعلان السخيف السخرية منه ومن القصة الرائعة التي خلدت بطولته، وكتبها الأديب العظيم الراحل علي أحمد باكثير وحملت عنوان »وا إسلاماه« وقد تحولت إلي فيلم كتب حواره كبار أدبائنا الأفذاذ، هل هان أبطالنا إلي هذا الحد؟ وهل صاروا نهبا مستباحا لكل متظارف سخيف؟.