مصطفى عبدالله أكد لي الاحتفال لأول مرة بيوم المترجم في مصر، أن بيننا بشراً يؤمنون برسالتهم الثقافية، ويخلصون لها بتجرد شديد مهما كبدهم هذا من مال أو جهد. فقد اكتشفت أن هناك مؤسسات ثقافية خاصة لا تستهدف الربح بأي صورة من الصور، وتعمل بعيداً عن الأضواء لتكوين كوادر من شباب المترجمين، وإتاحة أحدث البحوث في مجالات العلوم البحتة والتطبيقية للقارئ العربي العام علي موقعها علي شبكة الإنترنت بدون مقابل، فضلاً عن إثراء المكتبة العربية بمجموعة بالغة الأهمية من الكتب العلمية والمراجع التي تنشرها بالعربية بعد أن سطعت في دور النشر العالمية، وشغلت اهتمام علماء العالم ومنها: "كيف يغير جيل الإنترنت عالمنا" لدون تابسكوت،"مبادئ ميكانيكا الكم"لبول ديراك، "من نحن؟..ألمانيا ومسلموها"لنافيد كرماني، "الرأسمالية والحرية" لميلتون فريدمان، "التطور" لستيفن باستر، "كون أينشتاين" لميشيو كاكو، "إكتشافات وآراء جاليليو" لجاليليو جاليلي، وعدة كتب أخري من تأليف باتريك لينسيوني من أهمها:"العوامل الخمسة لفشل العمل الجماعي، "الأسباب الثلاثة للتعاسة في العمل"، "الأخطاء الخمسة للرئيس التنفيذي"، "الاجتماعات القاتلة"، و"حرب العصابات في عالم المؤسسات" وقد ذكرت لي الدكتورة نجوي عبدالمطلب، أستاذة الرياضيات بجامعة عين شمس، التي بادرت هي وزوجها الدكتور أحمد هنداوي، أستاذ الفيزياء بعين شمس أيضاً، إلي إنشاء المؤسسة العربية للتعليم والثقافة بعد ثورة 52 يناير، أنهما يضعان نُصب أعينهما التجرِبة الطهطاوية، فهدفهما من خلال هذه المؤسسة التي لا تستهدف الربح هو تنشيط حركة الترجمة في مصر، وتوفير محتوي علمي متميز للقاريء العربي. وأشارت إلي أن تحقيق ذلك يتم من خلال هذه الكيانات الثلاثة: "كلمات"، التي تنصب علي ترجمة الكتب في شتي مجالات المعرفة، و"صفحات"، التي تقوم بتعريب أهم المقالات والبحوث العلمية وإتاحتها مجاناً علي موقع المؤسسة علي شبكة الإنترنت، و"إشراقات" التي تختص بترجمة المحاضرات التعليمية.. وقد حرصت هذه المؤسسة وهي تحتفل بطريقتها بيوم المترجم في قاعة المؤتمرات بمقر المجلس الأعلي للثقافة علي أن تُكرم كتيبة المترجمات والمترجمين الشباب التي تنهض بهذه المسئولية تحت إشراف مجموعة من المترجمين الثقاة من بينهم الصديق الدكتور ماجد الصعيدي، الأستاذ بكلية الألسن، الذي اتحفنا في هذه المناسبة بمحاضرة حددت مفهوم العرب لعملية الترجمة واهتمامهم بنقل منجز الآخر إلي لغة الضاد "كان الدافع من وراء نقل علوم الأوائل إلي اللسان العربي عملياً منذ اللحظة الأولي؛ إذ كان يهدف إلي تحقيق المنفعة العملية والاستفادة من خبرات السابقين، عن طريق البدء من حيث انتهي الآخرون وتطوير المعارف والعلوم التي ورثتها الحضارة العربية عن الحضارات السابقة بعد إدخالها في منظومة الفكر العربي الخالص فكان لا بد من نقلها إلي اللسان العربي ليصبح بعد ذلك التأليف باللغة العربية متاحاً. وهكذا يكون العرب قد خطوا الخطوة الأولي نحو ترجمة تراث الأقدمين إلي اللغة العربية علي رأس المائة الأولي، وقد انصب اهتمامهم في البداية علي ترجمة كتب الكيمياء والطب والتنجيم إذ إنها كانت تلبي احتياجات عملية جديدة طرأت لهم في ظل نظام حياة لم يعرفوه من قبل. وفي هذه البداية نلاحظ: أولا: أن اللغات التي ترجم عنها العرب هي اليونانية والقبطية والسريانية، ثانيا: أن الذي رعي عملية الترجمة اثنان من الطبقة الحاكمة، ثالثا: أن القائمين عليها لم يكونوا من العرب، بل من الأقباط والسريان، رابعا: أن الكتب المترجمة انحصرت في مجالات العلم، وابتعدت عن الدين والفن والفلسفة.