خريطة توضح مناطق الاحتكاكات الحدودية بين سوريا وتركيا هل تستعد الحكومة التركية الي مواجهة عسكرية واسعة النطاق مع سوريا.. فعلي الرغم من ان انقرة تنفي ذلك الا ان الاحتكاكات العسكرية الحدودية والتي تزايدت حدتها الاسبوع الماضي تؤكد ان المواجهة التركية السورية اقرب من أي وقت مضي. سقوط قذائف سورية داخل الاراضي التركية بالخطأ او بالعمد والذي تسبب في مقتل خمسة اتراك واصابة 31 آخرين.. والرد العسكري التركي علي هذه العمليات داخل الاراضي السورية والذي اوقع خسائر لم تعلن عنها سوريا حتي الان يؤكد ان الدولتين دخلتا في شكل من اشكال الحرب التي تختمر ببطء علي حد تعبير صحيفة وول ستريت جورنال. يزيد من هذه الدلائل قيام البرلمان التركي يوم الخميس الماضي بتفويض الحكومة التركية القيام بعمليات عسكرية فيما وراء الحدود اي داخل سوريا.. ومطالبة تركيا لحلف الاطلسي باعتبارها احد اعضائه بالتزامات حازمة من حلفائها ضد النظام السوري.. وهو ما دعا الحلف لعقد اجتماع طاريء في بروكسل ادان فيها خرق النظام السوري للقانون الدولي وطالبها بالوقف الفوري لمثل هذه الاعمال العدوانية ضد دولة حليفة.. وهو بيان قد يؤدي حال استمر النظام السوري في اعماله الاستفزازية ضد تركيا الي استحضار المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تنص علي دفاع الحلف عن أي دولة تتعرض للهجوم. فمنذ ان قامت الانتفاضة السورية منذ 81 شهرا.. اعتقدت تركيا ان ما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية علي المدي الطويل هو تقديم الدعم للمعارضة علي امل ان تمر المرحلة الانتقالية في سوريا بشكل سريع ويقدر النظام الذي سيخلف نظام الاسد هذا الدعم.. ويبدو انها تسرعت في التقليل من قدرة نظام الاسد علي الاحتمال والصمود ولكن استمرار الحال علي ما هو عليه الان جعل تركيا في موقف صعب.. فهي لا تملك ترف الانسحاب من الصراع السوري علي عكس الدول الاخري الداعمة للمعارضة السورية والتي لديها القدرة علي الانسحاب في حال اصبح الوضع هناك كارثيا.. ولا تملك ايضا ترف ان تنتظر ان يسقط النظام لان الوضعين يحملان لها مزيدا من الخسائر. وقوف تركيا الي جانب الانتفاضة السورية من خلال استيعاب المعارضة السورية جعلها تجد نفسها في حالة حرب باردة مع ايران التي تعتبر الداعم الاقوي لنظام الاسد وعرضت بالتالي علاقتها معها للخطر رغم انها المورد الاساسي للطاقة. ورغم ان الحكومة التركية بدت وكأنها حريصة علي تبديد المخاوف من حدوث تصعيد بعد الحوادث الاخيرة تجاه النظام السوري.. الا ان الاستقصاءات والمظاهرات المحدودة التي ظهرت عقب موافقة البرلمان التركي علي القيام بعمليات عسكرية خارجيا اكدت علي تحول المزاج التركي الداعم للمعارضة السورية خوفا من أن يؤدي الي حرب واسعة النطاق لن يدفع ثمنها سوي الاتراك وستنال من استقرارهم واقتصادهم. علي الجانب الآخر تلعب المشكلة الكردية عائقا آخر لتركيا قد يمنعها من الانزلاق الي مجريات هذه الحرب.. فالفصائل الكردية في سوريا المرتبطة بحزب العمال الكردستاني المناويء للحكومة التركية اصبحت تسيطر حاليا علي اجزاء من شمال سوريا وهو ما يجعلها ملاذا آمنا لعناصر من حزب العمال الكردستاني الذي قد يصعد من عملياته الارهابية داخل تركيا.. في الوقت نفسه فان حلفاء تركيا وعلي رأسهم الولاياتالمتحدة تعهدوا شفويا بالاطاحة بالاسد لكنهم في الواقع لا يؤيدون اتخاذ الخطوات الاضافية التي تريد تركيا ان تقوم بها للاسراع بسقوط هذا النظام مثل اقامة ملاذات مدعومة امريكيا للاجئين داخل الاراضي السورية للتعجيل برحيل هذا النظام الذي تدعمه عسكريا كل من ايران وحكومة نور المالكي في العراق.. ويحظي بدعم دولي من روسيا والصين.. تردد واشنطن في اتخاذ أي موقف تجاه سوريا حاليا بسبب اقتراب انتخابات الرئاسة الامريكية وتفضيلها خيار ان ينهار نظام بشار الاسد من الداخل اظهر في الاونة الاخيرة امتعاضا تركيا كما تري صحيفة الواشنطن بوست الامريكية ظهر في انتقاد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي للرئيس الامريكي اوباما علي شبكة سي ان ان عندما تحدث عن غياب أي مبادرة من جانب الرئيس الامريكي حول سوريا. في الوقت نفسه فتركيا تري ان عامل الوقت لن يكون في صالحها خاصة وان الاحداث اكدت ان ألسنة اللهب السورية بدأت تتمدد في اتجاه تركيا بعد ان ظهرت أبعاد أخري للازمة السورية منها البعد الطائفي ولجوء اكثر من 001 الف سوري الي تركيا اغلبهم من السنة هربا من نظام الاسد الذي ينتمي معظمه الي العلويين.. بعد أن اتخذت طائفة العلويين في جنوب تركيا وعلي الاخص في اقليم هاتاي موقفا مضادا من اللاجئين السوريين السنة ومن موقف حكومتهم المناويء لنظام الاسد وهو خطر يمكن ان يتفاقم اذا تحولت الازمة السورية الي حرب طائفية. الي جانب ذلك فهناك مخاوف ان تؤثر الاحداث الاخيرة بشكل عام علي شعبية اردوغان الذي يسعي لان يصبح اول رئيس لتركيا من خلال الانتخابات المباشرة.. بعد ان كان يتم انتخاب الرئيس من خلال البرلمان والتي ستجري عام 4102. ويري محللون ان دعم نظام الاسد لحزب العمال الكردستاني وسماحه له للعمل من داخل سوريا قد يحمل المزيد من المخاطر السياسية علي فرص اردوغان وعلي شعبية الحزب بصفة عامة وعلي الاخص اذا تزايدت هجمات الحزب داخل تركيا واثرت علي معدلات النمو التي حققتها نتيجة الاستقرار.. كل ذلك يؤكد ان تركيا جادة في تهديد سوريا ولكنها تفضيل إضعافها من الضربات المتتالية.. الا اذا استدعت الاحداث موقفا آخر قد يستدرج تركيا الي المواجهة ويدفع اطرافا دولية مثل حلف الاطلنطي الي الدخول معها في هذه الحرب.